« أم تي آي » متابعات
أطلق البنك المركزي اليمني مازدا طارئا وضخما لإصدار أذون وسندات خزانة حكومية، في محاولة جريئة وغير مسبوقة لسحب السيولة من السوق وتمويل عجز خزينة الدولة المالي الحاد، الذي يهدد بتعطيل دفع الرواتب والالتزامات الأساسية.
وفي هذا السياق، كشف فارس النجار، المستشار الاقتصادي في مكتب رئاسة الجمهورية، في توضيح رصده نافذة اليمن على حسابه الرسمي بموقع فيس بوك، عن كواليس هذا القرار المصرفي الاستثنائي، مشيرًا إلى أنه يهدف إلى تمويل العجز الحاد في الإيرادات دون اللجوء إلى “الوسائل التضخمية الكارثية” مثل طباعة النقود، التي ستؤدي إلى انهيار أكبر لقيمة العملة وارتفاع جنوني في الأسعار.
الإنقاذ الأخير: تفاصيل المزاد الذي يلملم أشلاء الخزينة
وفقًا للتوضيح، ينقسم المزاد إلى نوعين رئيسيين:
- أذون الخزانة (قصيرة الأجل): ديون تتعهد الحكومة بسدادها خلال عام واحد أو أقل، وتستهدف جمع تمويل عاجل لتغطية النفقات الملحة.
- السندات الحكومية (طويلة الأجل): استدانة لمدة تصل إلى 3 سنوات أو أكثر، تدفع الحكومة خلالها فوائد دورية للمستثمرين قبل سداد المبلغ الأصلي عند الاستحقاق.
لماذا الآن؟ كوارث تدفع إلى قرار مصيري
كشف النجار عن الأسباب الكارثية التي دفعت إلى هذه الخطوة، أبرزها:
· عجز إيرادات هائل: ناجم عن توقف صادرات النفط بشكل شبه كامل، وضعف كفاءة تحصيل الإيرادات.
· التزامات مالية ساحقة: أبرزها سداد الرواتب المتأخرة لثلاثة أشهر للموظفين، بالإضافة إلى التزامات أساسية أخرى تتوقف عليها استقرار الدولة.
· مكافحة التضخم والاستثمار: سحب فائض السيولة من أيدي المضاربين الذين يتلاعبون بأسعار السوق، ومنحهم بديلاً استثماريًا آمنًا يعيد تدوير أموالهم في اقتصاد الدولة بدلاً من تدميره.
تحذيرات من “الطباعة” ورهان على القطاع المصرفي
حذّر النجار من أن البديل الوحيد عن هذه الآلية هو اللجوء إلى “وسائل تضخمية” مثل طباعة العملة الجديدة بدون غطاء، وهو سيناريو كابوسي سيدفع البلاد إلى حلقة مفرغة من التضخم الجامح، حيث تفقد العملة قيمتها وتصبح الأجور بلا معنى وترتفع الأسعار إلى عنان السماء.
وبهذه الخطوة، يرهن البنك المركزي على قدرة القطاع المصرفي والتجار وكبار المستثمرين على المشاركة في عملية الإنقاذ هذه، عبر استثمار أموالهم في هذه السندات بدلاً من تخزينها أو توجيهها للمضاربة في سوق السلع والعملات.
سؤال مصيري يلوح في الأفق: هل ستنجح الخطة؟
رغم أن الخطوة تُعتبر ضرورة ملحة لتجنب الانهيار، إلا أنها تثير تساؤلات حادة حول قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المستقبلية ودفع هذه الديون مع فوائدها، في ظل اقتصاد منكوب لا تلوح في الأفق أي بوادر لتحسن إيراداتاته.
