أم تي آي نيوز / العين الاخبارية
رغم التعارض الأيديولوجي بين مليشيات الحوثي في اليمن وحركة الشباب الإرهابية في الصومال، فإن تقريرا استخباراتيا أشار إلى تعاون محتمل بين الكيانين المصنفين إرهابيين، عماده تبادل الأموال والأسلحة.
التقرير الذي يعود إلى الحادي عشر من يونيو/حزيران الماضي، قالت فيه أجهزة الاستخبارات الأمريكية: إن المليشيات الحوثية في اليمن تتطلع إلى التعاون مع حركة الشباب الصومالية المتحالفة مع تنظيم القاعدة، مشيرة إلى أنه جرى مناقشة صفقة لتزويد الإرهابيين الصوماليين بالأسلحة.
وبحسب ما ورد، فإن الاتفاق المحتمل من شأنه أن يوفر أنظمة أسلحة متقدمة لحركة الشباب في مقابل عائدات يحتاجها الحوثيون بشدة، بحسب صحيفة «ذا ناشيونال إنترست»، التي قالت إن الاتفاق يعني -أيضا- علاقة استراتيجية جديدة يمكن أن تفيد المليشيات اليمنية.
وفي حين أنه من غير الواضح بالضبط نوع الأسلحة التي سيتم تبادلها، في الوقت الذي لدى حركة الشباب بالفعل إمكانية الوصول إلى الأسلحة الصغيرة وطائرات المراقبة دون طيار من خلال شبكة التهريب الوفيرة والسوق السوداء في الصومال، ما يعني أن الحوثيين سيعرضون على الأرجح طائرات دون طيار هجومية أو صواريخ أرض-جو لأن الأنظمة الأكثر تقدمًا مثل الصواريخ الباليستية المضادة للسفن والصواريخ المجنحة تتطلب تدريبًا كبيرًا ومساعدة لوجستية سيكون من الصعب على «الشباب» الحصول عليها.
لماذا هذا مقلق؟
وعلى الرغم من أن المسؤولين الأمريكيين لم يكتشفوا أي دليل مباشر على حدوث عمليات تبادل للأسلحة في هذا الوقت، فإن مجرد احتمال أن تضع هاتان المجموعتان خلافاتهما الطائفية جانباً وصولا إلى التعاون ينبغي أن يكون مصدر قلق.
وتقول الصحيفة الأمريكية إن سبب القلق يعود إلى أن حركة الشباب «تحاول إقامة حكم جهادي على الأراضي في الصومال»، فيما ركز الحوثيون، منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، هجماتهم البحرية على السفن التي يرون أنها متحالفة مع إسرائيل.
وعلى الرغم من أن تنظيم القاعدة في اليمن بنى سمعته على محاربة الحوثيين وإدانتهم باعتبارهم «كفارا»، فإن «بعض المحللين والمسؤولين التابعين للمجلس الانتقالي الجنوبي أدوا العام الماضي أن المتمردين زودوا القاعدة بطائرات دون طيار هجومية أحادية الاتجاه».
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه «إذا كان هذا صحيحا فلن يكون من المستغرب أن يتوسع تعاون الحوثيين والقاعدة ليشمل حركة الشباب، حيث تربط الجماعتان التابعتان لتنظيم القاعدة الأم علاقات طويلة الأمد دفعتهما إلى التعاون وحتى نقل القدرات المتفجرة في الماضي».
وتستند مثل هذه التقارير إلى مزاعم مفادها أن «الحوثيين بدؤوا في تزويد القاعدة بدعم عسكري محدود في محاولة لإضعاف المجلس الانتقالي الجنوبي»، تقول «ذا ناشيونال إنترست»، مشيرة إلى أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق كهذا «فقد يكون ذلك بمثابة جرس إنذار لاستراتيجية حوثية جديدة لتوسيع العلاقات مع الجماعات المسلحة الأخرى في جميع أنحاء المنطقة، مما يغذي حملتهم لتعطيل عمليات الشحن العالمية».
ولا يبدو أن هذه الحملة، التي أثرت بالفعل على ما يقدر بنحو خمسة وستين دولة وأجبرت ما لا يقل عن تسعة وعشرين شركة طاقة وشحن كبرى على تغيير مساراتها، ستتباطأ في أي وقت قريب، فبعد يوم واحد فقط من ظهور تقارير عن مفاوضات بين «الشباب» والحوثيين شنت الجماعة المدعومة إيرانيا هجوما بالصواريخ والطائرات دون طيار على ناقلة فحم مملوكة لليونان، مما أغرقها في النهاية.
مخاطر الاتفاق
ومن شأن الاتفاق أن يمنح الحوثيين القدرة على الوصول إلى رأس المال الذي يمكن للجماعة استخدامه في التجنيد وتمويل أنشطتهم العسكرية، وهو أمر أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث تتخذ الولايات المتحدة وحلفاؤها إجراءات صارمة ضد الأموال التي تصل إلى الحوثيين بسبب حملتهم البحرية.
ووفقا لوزارة الخزانة الأمريكية فإن الجماعة المسلحة لديها دخول تقدر بأكثر من 100 مليون دولار سنويا من خلال مصادر تمويل متعددة، مثل ابتزاز الشركات والأفراد المحليين، والضرائب، ورسوم الطرق، والتجارة غير المشروعة، فضلاً عن الاستثمار في تجارة الفحم والسكر.
علاوة على ذلك، أثبتت الجماعة أنها «محصنة» بشكل متزايد ضد العقوبات الدولية التي تستهدف كبار قادتها ومموليها بسبب العدد الهائل من كيانات الأعمال التابعة لحركة الشباب، وقدرتها على التعامل نقدا أو غسل الأموال من خلال شراء الذهب، والإشراف الحكومي المحدود على القطاع المالي الصومالي.
هل يمكن أن يؤثر سلبا على الحوثيين؟
لكن مثل هذا الاتفاق من شأنه في الواقع أن «يخلف تأثيراً سلبياً على الحوثيين، الذين شهدوا طفرة كبيرة في الدعم على المستويين المحلي والدولي نتيجة اعتبار هجماتهم البحرية داعمة للفلسطينيين في غزة».
فعلى المستوى المحلي، قد يكون التعاون مع جماعة إرهابية إشكالية كبيرة، حيث بنى الحوثيون هويتهم على أساس مواجهة الأيديولوجيات المغايرة لهم، ومن شأن تحول كهذا أن يشعل فتيل السخط الذي طال أمده في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون بسبب سوء إدارة الجماعة، وتأخر دفع رواتب المدنيين، والقمع الواسع النطاق.
وعلاوة على ذلك، فإن الشراكة مع منظمة «إرهابية» تابعة لتنظيم القاعدة تقوض جهود الحوثيين لتصوير أنفسهم باعتبارهم الهيئة الحاكمة الشرعية في اليمن، مما قد يؤدي إلى قطع الدعم الذي طال انتظاره.
وعلى أية حال، فإن الاتفاق المحتمل يؤكد أنه على الرغم من أن العقوبات والضربات على أهداف الحوثيين كانت قادرة على إضعاف المتمردين، فإنهم سيستمرون في إيجاد طرق أخرى للتهرب من ذلك التأثير، كما يتضح بالفعل من جهود المجموعة لتوسيع قواعدها وأنفاقها تحت الأرض لإخفاء الأسلحة والعملاء.
روشتة تقليل المخاطر
ومع إدراك أن الحوثيين قد ينوون تصدير الأسلحة فإن التحالفات البحرية الدولية مثل “عملية الرخاء” التي تقودها الولايات المتحدة وقوة الاتحاد الأوروبي البحرية في أسبيدس، ستحتاج الآن إلى التركيز أيضا على السفن التي تسافر من الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون.
وبالإضافة إلى ذلك يتعين على الولايات المتحدة أن تمنع حركة الشباب من الوصول إلى الأموال التي يمكن استخدامها لدفع أموال للحوثيين من خلال دعم الحكومة الفيدرالية الصومالية في توسيع الرقابة التنظيمية على النظام المصرفي في الصومال.
هذه الحملة ينبغي أن تشمل زيادة مراقبة البنوك المملوكة جزئياً لشركات مرتبطة بحركة الشباب، ومصادرة الحسابات المصرفية المرتبطة بالجماعة، وإغلاق المرافق المصرفية الإلكترونية المستخدمة للتعامل مع مدفوعات الضرائب.
كما ينبغي سن تدابير إضافية مثل تحديد واقتحام المخابئ المستخدمة لإخفاء الأموال النقدية التي يتم تحصيلها من الضرائب ومنع العملاء من الوصول إلى أسواق الذهب والمعادن الثمينة الدولية.