« أم تي آي نيوز » متابعات
سادت موجة استياء في الأوساط القومية والاشتراكية والإسلامية في اليمن، عقب منح زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر القومي العربي الذي افتُتحت أعمال دورته الرابعة والثلاثين في بيروت أمس الجمعة. واعتبر سياسيون يمنيون أن هذه الخطوة تمثل انحيازاً واضحاً للأجندة الإيرانية وتخلياً عن القضايا العربية التي تأسس المؤتمر للدفاع عنها.
وفي السياق، أعلن القيادي الناصري علي عبد الله الضالعي تقديم استقالته من المؤتمر القومي العربي احتجاجاً على منح كلمة لزعيم الحوثيين، متهماً المؤتمر بأنه تخلى عن قضايا أمته العربية وأصبح داعماً للمليشيات، ومنحازاً لتوجه طائفي محدد وغير عربي.
وقال الضالعي الذي يشغل عضوية الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي في بيان، السبت، إن “أعضاء المؤتمر القومي العربي من ساحة اليمن والذين يتجاوز عددهم 60 عضواً يقاطعون اجتماعات المؤتمر منذ عام 2015 وحتى اليوم نتيجة لتفاعل أعضاء المؤتمر مع العناصر السلالية الطائفية المذهبية والانقلابية الحوثية، وفي طليعة من يقاطعون اجتماعاتكم أعضاء التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري ومعهم أعضاء الحزب الاشتراكي وتجمع الإصلاح وحزب البعث والمؤتمر الشعبي العام والشخصيات المستقلة”.
يشار إلى أن علي الضالعي يشغل أيضاً عضوية اللجنة المركزية للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في اليمن، ويعد من القيادات التاريخية المساهمة في ثورتي سبتمبر/ أيلول 1962 وأكتوبر/ تشرين الأول 1963 ضد النظام الإمامي في شمال اليمن، وضد الاحتلال البريطاني في جنوب اليمن.
وشدد الضالعي على أن القضية الفلسطينية تعتبر محور الإجماع الوحيد بين مختلف مكونات الشعب اليمني، على اختلاف انتماءاتهم السياسية والفكرية والاجتماعية، مؤكداً أن دعم اليمنيين هذه القضية لم يتوقف يوماً في جميع المحافظات والمدن. وانتقد في المقابل تجاهل قيادة المؤتمر هذه الحقيقة، واكتفاءها بما يقوم به الحوثيون من استغلال لشعار دعم المقاومة الفلسطينية لتغطية جرائمهم وانتهاكاتهتم داخل اليمن، حسب تعبيره.
وأكد الضالعي أن الحوثيين لا يكتفون بإصدار أحكام إعدام غيابية بحق عدد من قيادات الأحزاب الوطنية في اليمن، وفي مقدمتهم الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي عبد الملك المخلافي، ومصادرة منازلهم وأموالهم، بل “تجاوزوا ذلك إلى منع المواطنين من الاحتفال بثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962، واعتقال العشرات من الشباب وضربهم لمجرد رفعهم علم الثورة والجمهورية، في ممارسات وصفها بالهمجية والمنافية لكل القيم الوطنية والإنسانية”.
وتابع الضالعي: “لعلكم تعرفون أن ثورة الـ26 من سبتمبر 1962 كانت أول ردة فعل قومي ضد جريمة الانفصال التي جرت في 28 سبتمبر/ أيلول 1961 في دمشق؛ والتي تفاعلت معها جماهير الأمة العربية وساندها القائد المعلم جمال عبد الناصر وجيش مصر العروبة الذين قدموا الشهداء لتثبيت الثورة ونظامها الجمهوري والتي يسعى عبد الملك الحوثي وعصابته لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء وإعادة النظام الملكي، ولعل من مؤشرات ذلك أن الحوثي عندما يخطب لا يرفع العلم الجمهوري خلفه أبداً”.
ونبَّه الضالعي إلى أنه “استمر طوال السنوات الماضية يمارس مهامه في إطار الأمانة العامة للمؤتمر بصفته الشخصية لعل وعسى أن يعيد أعضاء المؤتمر تقييم الأمور، وأنه كان دائم التنبيه لهم من خلال مداخلاته ومن خلال رسائله موضحاً فيها ما يجري في اليمن”، مضيفاً: “وبالرغم من كل ذلك، فقد استمر أعضاء المؤتمر في انحيازه للحوثي، وضد أبناء الشعب اليمني، وتصل اليوم إلى تقديم عبد الملك الحوثي مناضلاً قومياً وتقديم كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر”.
وفي السياق، وصف الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي ووزير الخارجية اليمني الأسبق عبد الملك المخلافي سماح المؤتمر القومي العربي لعبد الملك الحوثي بإلقاء كلمة أمامه، بأنها “مهزلة كبرى” وانحراف عن مبادئ المؤتمر وأهدافه.
وقال المخلافي في مقال مطول نشره على منصة إكس إن المؤتمر تخلى منذ عام 2015 عن “الموقف القومي الجامع”، وتحول إلى “أداة في يد محاور إقليمية معادية للأمة”، مشدداً على أن الحوثي يمثل مشروعاً طائفياً معادياً لقيم الوحدة والحرية والعدالة.
من جهته، أعرب التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية في اليمن عن استنكاره الشديد لاستضافة عبد الملك الحوثي في المؤتمر القومي العربي ببيروت، ومنحه منبراً للحديث باسم القومية والمقاومة. وأضاف في بيان: “ما حدث يمثل إساءة صريحة لإرادة الشعب اليمني الرافض للانقلاب والإرهاب الحوثي، ويتعارض مع الإجماع العربي والقرارات الدولية ذات الصلة”.

