الأربعاء, سبتمبر 24, 2025
الرئيسيةاخبار عربية و دوليةالرئيس الزبيدي.. من التفويض الشعبي إلى منصات الشعوب

الرئيس الزبيدي.. من التفويض الشعبي إلى منصات الشعوب

« أم تي آي نيوز » تحليل: د. يحيى شايف الجوبعي

أ-المقدمة:
في عالمٍ يتقلّب بين أزيز الرصاص وهمس المنابر الدبلوماسية قلّة هم القادة الذين عبروا المسافة الفاصلة بين ميادين النضال العسكري ومنابر القرار الدولي دون أن يفقدوا ملامح قضيتهم أو حرارة مبادئهم ومن أبرزهم الرئيس الزبيدي الذي خرج من خنادق الجنوب يحمل على كتفيه تاريخًا مشبعًا بالبارود ، وعلى لسانه خطابًا مشبعًا بالحكمة والإصرار .
سطع نجمه من خطوط النار في جبال الجنوب ، حيث كان السلاح لغة البقاء والكرامة ، وصولا إلى منصات القرار حيث أصبحت الكلمة هي القوة والسلاح ومن هذا المشهد الساخن شق الرئيس الزبيدي طريقًا فريدًا، تعانقت فيه الجغرافيا بالقضية ، والتاريخ بالشرعية، والميدان بالدبلوماسية .
١-أهمية البحث
تبرز أهمية هذا البحث في تسليطه الضوء على تجربة سياسية جنوبية فريدة، يمكن اعتبارها نموذجًا في التحول من العمل الشعبي الثوري إلى الفعل السياسي المنظم والمؤثر ، كما يقدم توثيقًا علميًا لمسار سياسي في غاية الأهمية في التاريخ اليمني المعاصر.
٢-أهداف البحث
-تحليل السياق السياسي الذي سبق تفويض الرئيس الزبيدي.
-دراسة آليات بناء المجلس الانتقالي كحامل سياسي.
-رصد مسارات الشراكة الإقليمية والدولية التي خاضها الزبيدي.
-تقييم أثر تمثيل الجنوب في المنصات العالمية.
-استخلاص الدروس والتوصيات المستقبلية
٣-مشكلة البحث
تتمثل مشكلة هذا البحث في الإجابة على السؤال الرئيسي التالي:
كيف تحوّل التفويض الشعبي للرئيس الزبيدي إلى تمثيل سياسي فعال للقضية الجنوبية على المستويين الإقليمي والدولي ؟
٤-المنهجية
يعتمد هذا البحث على المنهج التحليلي الوصفي، من خلال تحليل الأحداث والمواقف التي رافقت تطور دور الرئيس الزبيدي، مستندًا إلى المعطيات السياسية والميدانية، ومستخلصًا النتائج بناءً على الوقائع لا الانطباعات

ب-المدخل :
برزت شخصية الرئيس عيدروس قاسم الزُبيدي كقائد استثنائي بفعل دوره القيادي في كل الحركات الرافضة للاحتلال اليمني للجنوب ابتداء من مشاركته ورفاقه في قيادة التصدي للاحتلال اليمني في صيف عام ١٩٩٤ إلى مشاركته في جبهة موج ١٩٩٤ الرافضة للاحتلال اليمني إلى مشاركته القيادية ورفاقه عام ١٩٩٨ في حركة اللجان الشعبية وصولا إلى مساهمته القيادية ورفاقه في تحقيق مشروع التصالح والتسامح عام ٢٠٠٦ إلى مشاركته ورفاقه في قيادة ثورة الحراك السلمية عام ٢٠٠٧ وفي عام ٢٠١٥ حين انطلقت عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية لتحرير الجنوب من الغزو الحوثي وحلفاؤه شارك ورفاقه ببسالة في قيادة المقاومة الجنوبية ضد القوات الحوثية الغازية وفي العام ٢٠١٦ واصل ورفاقه في قيادة القوات الجنوبية بالشراكة مع التحالف العربي والدولي لتصفية الجنوب من خلايا القاعدة وداعش.
ولدوره المبكر والمتميز في قيادة كل أشكال التصدي والنضال ضد قوى الاحتلال اليمني منذ يوليو ١٩٩٤ إلى مايو ٢٠١٧ كرمه شعب الجنوب الثائر في ٤/مايو بتفويض شعبي تاريخي منحه شرف الرئاسة وكلفه بتشكيل حامل سياسي للثورة شعب الجنوب وبحكمته ورؤيته العميقة المرنة استطاع أن يحوّل التفويض الشعبي إلى مشروع سياسي ناضج تمثل في تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي لقيادة وقيادة القضية الجنوبية نحو ساحات الإقليم والعالم.
يركز هذا البحث على تتبع مسار الرئيس الزُبيدي من لحظة التفويض الشعبي في مايو 2017 إلى تمثيله الرسمي للقضية الجنوبية في المنصات الدولية، مرورًا بالمراحل المختلفة من العمل السياسي والتنظيمي والأمني والدبلوماسي ، ويحلل أثر هذه المراحل على القضية الجنوبية داخليًا وخارجيًا.

المبحث الأول: التفويض الشعبي وبناء الحامل السياسي
شكّل الرابع من مايو 2017 نقطة تحول محورية في مسار الثورة الجنوبية، حين خرج الملايين من أبناء الجنوب في مليونية شعبية هائلة، من مختلف فئات المجتمع، لمنح الرئيس عيدروس الزبيدي تفويضًا شعبيًا كاملاً لتشكيل حامل سياسي يمثل القضية الجنوبية برئاسته .
وقد مثّل هذا التفويض تعبيرًا عن إرادة جمعية تهدف إلى الحفاظ على منجزات النضال السلمي والمسلح في الجنوب.
وفي استجابة مباشرة لهذا التفويض، أعلن الزبيدي عن تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، ككيان سياسي جامع، حاز على دعم شعبي واسع، ومثّل نقلة نوعية في مسار الثورة الجنوبية، بتحويلها من حركة احتجاجية إلى مشروع سياسي متماسك.

المبحث الثاني: توسيع القاعدة الجنوبية – الحوار الجنوبي الجنوبي
انطلاقًا من مبدأ “الجنوب لكل وبكل أبنائه”، أطلق الرئيس الزبيدي دعوة جريئة لحوار جنوبي-جنوبي شامل، مؤكدًا أنه إذا لم يأتِ الآخرون إلينا، فسنذهب إليهم. وقد جاءت هذه المبادرة في وقت كانت فيه مساحات الحوار ضيقة بفعل محاولات التشظي الداخلي والتأثير الخارجي.
وبالرغم من التشكيك في جدوى هذه الخطوة، نجح الحوار في ردم فجوات الخلاف، وجذب قوى جنوبية كانت خارج الإطار الرسمي، مما عزز من شمولية التمثيل السياسي الجنوبي، ورسّخ مكانة الرئيس الزبيدي كقائد جامع، قادر على تحويل التنوع إلى مصدر قوة.

المبحث الثالث: مكافحة الإرهاب والشراكة مع التحالف الدولي
استجابة لمحاولات الاحتلال اليمني شيطنة الجنوب عبر ترويج مزاعم تفشي الإرهاب، قاد الزبيدي جهودًا نوعية لتشكيل قوات جنوبية متخصصة في مكافحة الإرهاب، بالشراكة مع التحالف العربي والدولي. وقد نفذت هذه القوات عمليات نوعية ناجحة ضد الخلايا الإرهابية، ونجحت في تأمين مساحات واسعة من الجنوب.
وقد مثلت هذه النجاحات الأمنية ردًا عمليًا على الدعاية السوداء التي استهدفت الجنوب، وعززت من حضور الجنوب كطرف فاعل ومسؤول في منظومة الأمن الإقليمي والدولي

المبحث الرابع: الشراكة السياسية – اتفاق الرياض وشراكة المناصفة
في خطوة استراتيجية، قرر المجلس الانتقالي برئاسة الزبيدي الانخراط في شراكة سياسية مع الحكومة الشرعية، بموجب اتفاق الرياض، وبضمانات إقليمية ودولية. ورغم ما واجهته هذه الخطوة من انتقادات، إلا أنها أثمرت عن تمثيل رسمي للجنوب في الحكومة والرئاسة.
وقد مكّنت هذه الشراكة المجلس الانتقالي من التأثير في القرارات السيادية، وإعادة توازن الهيكل السياسي للدولة، بما يضمن تمثيلًا عادلًا للجنوب، ويمنح القضية الجنوبية شرعية سياسية واضحة.

المبحث الخامس: المنصة الدولية – تمثيل الجنوب في الأمم المتحدة
في سابقة تاريخية، خاطب الرئيس الزبيدي قادة العالم من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ80، ليضع قضية الجنوب أمام المجتمع الدولي بصفته الرسمية. وقد مثّل هذا الحدث أول اعتراف دولي عملي بتمثيل الجنوب، وفتح الباب أمام إدراج القضية الجنوبية ضمن الأجندة الدولية، بناءً على المرجعيات السياسية القائمة، وفي مقدمتها اتفاق الرياض.
وقد كان لهذا الظهور الرسمي أثر بالغ في الداخل والخارج، حيث عزز من مكانة الرئيس الزبيدي كزعيم سياسي معترف به دوليًا.

المبحث السادس: الإصلاح الاقتصادي وإعادة هيكلة الدولة
واجه الجنوب أزمة اقتصادية حادة نتيجة تعمّد بعض الأطراف في الشرعية (وخاصة الرئيس العليمي) تعطيل الإصلاحات الاقتصادية. وفي مواجهة ذلك، قاد الرئيس الزبيدي حملة سياسية ضاغطة نجح من خلالها في وقف انهيار العملة، وتحقيق استقرار نسبي في الأسعار، والحد من الفساد الإداري.
كما أدّت هذه التحركات إلى إعادة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، وهيكلة مؤسسات الدولة وفق مبدأ المناصفة، ابتداءً من المديريات وصولًا إلى مجلس الوزراء، معتمدًا على الشرعية الشعبية والميدانية التي يمتلكها الجنوب بقيادة الزبيدي، مقابل ضعف حضور الشرعية في الشمال.

ج-النتائج والتوصيات
تميز هذا البحث في استنتاج مجمل هادف ودال قدم الرئيس عيدروس الزبيدي كنموذج سياسي نادر في المنطقة من خلال إبراز تجربته المتفردة التي استطاع من خلاله التحول من قائد ميداني مفوض شعبيًا ، إلى قائد سياسي يخاطب العالم باسم شعبه ، إذ مثلا تجربته هذه نقطة تحول في مسار قضية شعب الجنوبي العادلة من خلال إدماج العمل الشعبي الثوري في بنية الدولة ، وتوسيع دائرة الشراكات الإقليمية والدولية، والانفتاح على العالم بلغة سياسية ناضجة.
وتؤكد هذه التجربة أن الإرادة الشعبية إذا اقترنت بالقيادة الواعية والتنظيم السياسي، فإنها قادرة على تجاوز العوائق الداخلية والتحديات الإقليمية والدولية.
كما خلص هذا البحث إلى جملة من التوصيات:
١-استمرار الحوار الجنوبي – الجنوبي لتوسيع قاعدة المشاركة،
وضمان شمولية التمثيل الوطني.
٢-تعزيز الشراكة مع التحالف العربي في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية.
٣-التحرك الدبلوماسي المستمر لتكريس حضور القضية الجنوبية في المحافل الدولية.
٤-بناء مؤسسات جنوبية قوية قادرة على إدارة الدولة بفعالية في حال تحقق الاستقلال.
٥-تعزيز الإعلام الجنوبي المهني لكشف الدعاية المعادية وتثبيت الرواية الجنوبية.
٦-دعم مبادرات التنمية الاقتصادية لتقوية الموقف التفاوضي الجنوبي عبر تحقيق استقرار داخلي.
٧-الاستمرار في فضح ممارسات قوى الاحتلال اليمني وتوثيق انتهاكاتها ضد الجنوب.
٨-المطالبة بإشراف دولي على أي تسوية سياسية قادمة لضمان عدالة الحل وشموله للقضية الجنوبية.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات