« أم تي آي نيوز » متابعات
اعتبر الخبير الاقتصادي وحيد الفودعي أن التحسن المفاجئ في سعر صرف الريال اليمني جاء بفعل تدخلات حكومية ونقدية صارمة، وليس نتيجة تحسن طبيعي في الاقتصاد. وأوضح أن موجة التدهور الأخيرة، التي دفعت الريال إلى 760 مقابل السعودي، جاءت بفعل توقف صادرات النفط وشح العملات الأجنبية والمضاربات، قبل أن يتدخل البنك المركزي بعدن والحكومة بإغلاق شركات صرافة مخالفة وتشديد الرقابة وتقنين التعامل بالنقد الأجنبي، بدعم سياسي مباشر، ما أدى لانهيار الأسعار سريعًا إلى حدود 425 ريالًا.
وأشار إلى أن التحسن انعكس نسبيًّا على أسعار المواد الغذائية والمشتقات النفطية، لكنه أضر بالأسر المعتمدة على تحويلات المغتربين وقلّص إيرادات الحكومة بالعملة المحلية.
وحذّر الفودعي من أن هذا الاستقرار هش في ظل توقف الصادرات وعجز الموازنة، مؤكدًا أن استدامته مرهونة بتدفقات نقد أجنبي منتظمة ورقابة صارمة على الأسواق والإصلاح المالي.
وتحدث الفودعي عن يمكن استشراف أربعة مسارات رئيسية لسعر صرف الريال اليمني خلال الأشهر القادمة وعلى المدى المتوسط:
سيناريو الاستقرار النسبي (المرجَّح على المدى القريب): يبقى النطاق الحالي (425–428 ريالًا/ ريال سعودي) قابلًا للدفاع في حال استمر التنسيق بين البنك المركزي ولجنة تنظيم الاستيراد، مع التطبيق الصارم للإجراءات الرقابية؛ هذا النطاق يعكس مستوى قريبًا من السعر التوازني الذي تلتقي عنده قوى العرض والطلب الفعلية، وقد يشهد تحركات طفيفة مرتبطة بعوامل موسمية، لكنه يظل ضمن حدود السيطرة إذا تواصل الدعم السياسي للإصلاحات.
سيناريو التحسّن الإضافي (الأفضل لكن الأقل احتمالًا): يتحقق هذا السيناريو في حال تم استئناف تصدير النفط والغاز وضخ موارد خارجية مباشرة (ودائع، منح، قروض ميسرة)، بما يعزز احتياطيات البنك المركزي ويزيد المعروض من العملة الصعبة؛ عندها يمكن أن ينخفض السعر إلى ما دون 400 ريال/ ريال سعودي، ويقترب من 1500 ريال/ دولار؛ غير أن تحقق هذا المسار يتوقف أيضًا على وجود استقرار سياسي وأمني يتيح عودة الاستثمارات ورؤوس الأموال، وهو ما يجعله احتمالًا ضعيفًا في الظروف الراهنة.
سيناريو التراجع التدريجي (مرجَّح على المدى البعيد): مع استمرار الضغوط البنيوية وغياب إصلاحات جذرية أو دعم خارجي مستدام، ستتآكل المكاسب تدريجيًا؛ بعد انحسار أثر الإجراءات الأخيرة، سيعاود الطلب على الدولار الارتفاع مدفوعًا بعجز الميزان التجاري وضعف الإنتاج المحلي، ليرتفع السعر إلى حوالي 500 ثم 600 ريال/ ريال سعودي خلال العامين القادمين؛ هذا السيناريو لا يفترض انهيارًا سريعًا، لكنه ينذر بعودة تدريجية إلى مربع عدم الاستقرار إذا لم تتم مواجهة الاختلالات الهيكلية مبكرًا.
سيناريو الانتكاسة الحادّة (الأسوأ): يمثل هذا المسار احتمال حدوث صدمة كبيرة – سياسية أو أمنية أو مالية – تُطيح بالمكاسب المحققة؛ قد تكون على شكل تصعيد عسكري، توقف مفاجئ للدعم الخارجي، أو تخلي الحكومة عن الإجراءات الإصلاحية تحت ضغط المنتفعين؛ في هذه الحالة، قد يقفز السعر مجددًا إلى مستويات 700–800 ريال/ ريال سعودي أو أسوأ، مدفوعًا بالمضاربة والفوضى؛ والتجربة الأخيرة في نهاية أغسطس أبرزت استعداد السوق لمثل هذه الهزات، لولا التدخل السريع للبنك المركزي.
على المدى المنظور، يبدو أن الأكثر واقعية هو مزيج من الاستقرار النسبي مع ميل تدريجي للتراجع، ما لم يتحقق اختراق اقتصادي أو سياسي نوعي؛ لذا، يتعيّن على صانعي القرار اعتماد مقاربة مرنة تستعد للأسوأ وتبني على الأفضل، بما يحافظ على الاستقرار النقدي ويحول دون الانتكاس.
