الثلاثاء, سبتمبر 2, 2025
الرئيسيةاخبار عربية و دوليةبعد ضربة إسرائيل.. تفاهمات واشنطن والحوثيين على المحك

بعد ضربة إسرائيل.. تفاهمات واشنطن والحوثيين على المحك

« أم تي آي » سكاي نيوز

في مشهد إقليمي يزداد تشابكاً، جاءت الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت قيادات بارزة من جماعة الحوثي في صنعاء لتعيد خلط الأوراق في ساحة صراع مفتوحة أساساً، تمتد تداعياتها من البحر الأحمر حتى غزة، ومن تل أبيب حتى واشنطن.

وبينما تخيم المخاوف من انهيار التفاهمات الهشة بين الحوثيين والولايات المتحدة، والتي أُبرمت بعيداً عن الأضواء، يبرز السؤال: هل تدفع هذه التطورات إلى تصعيد شامل أم أن الحوثيين سيكتفون بتصعيد منضبط لتفادي مواجهة مباشرة مع واشنطن؟.

تفاهمات هشة بلا إطار رسمي

يرى الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني ثابت حسين صالح، خلال مداخلته في غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية أن ما وُصف بالهدنة بين الحوثيين والولايات المتحدة لم يكن اتفاقاً رسمياً، بل مجرد إعلان من طرف واشنطن، وتحديداً من الرئيس دونالد ترامب، بأن الحوثيين أبلغوا الإدارة الأميركية بوقف استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر، مقابل قبول أميركي بهذا الالتزام المؤقت.

ويؤكد صالح أن هذه التفاهمات لا ترتقي إلى مستوى “اتفاق”، بل هي مجرد تفاهمات عملية، مشدداً على أن كلاً من الحوثيين وواشنطن لا مصلحة لهما حالياً في نسفها، خاصة مع دخول إسرائيل بقوة على خط المواجهة.

إسرائيل في الواجهة.. وواشنطن في الخلفية

يعتقد صالح أن إسرائيل تتولى اليوم إدارة المعركة ضد الحوثيين، بينما تكتفي الولايات المتحدة بدور الدعم الاستخباراتي واللوجستي.

ويشير إلى أن تل أبيب تمتلك من الإمكانيات والخطط ما يجعلها قادرة على خوض هذه المواجهة منفردة، ضمن أجندة عسكرية وسياسية وضعتها حكومتها مسبقاً. ويضيف: “لا مصلحة للولايات المتحدة أن تزج بقوتها في جبهة يمكن أن تتولاها إسرائيل”.

اختلال ميزان القوى

برغم الضجيج الإعلامي الذي يرافق كل هجوم حوثي، إلا أن ميزان القوى – بحسب صالح – يميل بشكل ساحق لصالح إسرائيل، بنسبة تتجاوز 90 بالمئة على حد تقديره.

الخسائر الحقيقية، كما يوضح، تتركز في الجانب الحوثي، بينما لا تكاد تُذكر في إسرائيل.

فالتأثير الأبرز لأي هجمات حوثية يقتصر على الجانب النفسي المتمثل في إطلاق صافرات الإنذار عند وصول صاروخ أو مسيّرة، دون تسجيل خسائر استراتيجية.

الحوثيون واستدعاء التدخل الخارجي

منذ بداية الحرب، بحسب صالح، سعى الحوثيون إلى استدعاء التدخل الخارجي كوسيلة للهروب من استحقاقات الداخل، سواء الاقتصادية والمعيشية أو السياسية.

ويضيف: “لا الحوثيون استطاعوا أن ينصروا غزة، ولا هم قادرون أصلا على ذلك، فالمسألة بالنسبة لهم مجرد دعاية إعلامية تحت شعار الموت لأميركا وإسرائيل، بينما النتيجة أن الشعب اليمني هو من يدفع الثمن”.

محدودية الرد الحوثي

يتوقع صالح أن يبقى الرد الحوثي في إطار التصعيد المنضبط، أي ضربات محسوبة ضد أهداف تجارية في البحر الأحمر، وربما استهداف سفن مرتبطة بإسرائيل أو في طريقها إليها، لكن دون المساس المباشر بالسفن الأميركية أو الغربية.

ويفسر ذلك بوعي الحوثيين بأن أي تجاوز نحو استهداف مباشر للقوات أو السفن الأميركية سيؤدي إلى استدعاء تدخل عسكري أميركي واسع، وهو ما يسعون لتجنبه حالياً.

السيناريو الأخطر

يحذر صالح من أن استمرار إسرائيل في استهداف قيادات حوثية، وتصعيد هجماتها من المستوى الأدنى إلى الأعلى، قد يشكل نقطة تحول خطيرة.

ففي هذه الحالة، قد تنهار معنويات الحوثيين وتدفعهم إلى ردود فعل غير محسوبة تصل إلى حد “الهستيريا”، وهو ما قد يفتح الباب أمام استخدامهم لكل ما لديهم من إمكانيات.

إلا أن النتيجة المرجحة – وفق تحليله – ستكون تصعيداً إسرائيلياً مدمراً يفاقم خسائر الحوثيين ويضعف موقفهم بشكل جوهري.

غياب الشرعية الرسمية

يلفت صالح إلى أن الإعلام الخارجي ساعد الحوثيين على تصوير الحرب وكأنها بين اليمن وإسرائيل، متجاهلاً حقيقة أن الحكومة الشرعية اليمنية ممثلة في مجلس القيادة الرئاسي غائبة عن هذه الأحداث المفصلية.

ويعتبر أن هذا الغياب سمح للحوثيين بالاستئثار بالمشهد، رغم أن المجتمع الدولي ما زال يصنفهم كجماعة إرهابية غير شرعية.

سيناريو التدخل البري لقوات الشرعية

في معرض حديثه عن بدائل المواجهة، يشير صالح إلى أن الخيار الأكثر تأثيراً على الحوثيين قد يكون تحرك القوات الموالية للشرعية على الأرض، خاصة من جبهات الساحل الغربي أو اتجاهات أخرى، مؤكداً أن هذا السيناريو، إن تحقق، سيضعف الحوثيين أكثر بكثير من أي ضربات إسرائيلية أو أميركية.

تصعيد محسوب لا حرب شاملة

في نهاية المطاف، يتوقع صالح أن الحوثيين لن يغامروا بتصعيد شامل ضد الولايات المتحدة، بل سيكتفون بضربات انتقائية تستهدف السفن التجارية لامتصاص غضب الشارع وإظهار تحديهم لإسرائيل، مع الحرص على إبقاء خطوط التواصل غير المباشر مع واشنطن مفتوحة.

فالولايات المتحدة، براغماتياً، ليست معنية بإسقاط التفاهمات الهشة القائمة، فيما تجد إسرائيل نفسها في الواجهة العسكرية المباشرة مع الحوثيين.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات