أم تي آي نيوز / منصة حضرموت للصحافة
في خضم التطورات المتلاحقة على الصعيد الحكومي تشهد محافظة حضرموت مستجدات لافتاً في ملف التمرد القبلي بمنطقة الهضبة، عقب تأكيد مصادر محلية صدور أوامر قهرية من النائب العام للجمهورية، تقضي بإلقاء القبض على قيادات التمرد، وفي مقدمتهم عمرو بن حبريش، ومبارك العوبثاني، وسعيد العمودي.
الخطوة تأتي في إطار توجه رسمي لإنهاء أزمة القطاعات القبلية التي عطلت الحياة الاقتصادية وأرهقت البنية الخدمية في المحافظة على مدى أكثر من عام، حيث ارتبطت هذه التحركات القبلية بقطع الطرقات ومنع إمدادات المشتقات النفطية الخاصة بمحطات الكهرباء، وهو ما انعكس على حياة المواطنين ومعيشتهم.
وفي سياق موازٍ، أصدر المجلس الرئاسي قرارات عاجلة تلزم شركات الصرافة والبنوك بوقف جميع التعاملات النقدية مع القيادات المتمردة، ومنع صرف أو إيداع أي حوالات مالية لصالحهم، محذراً أي جهات أو قبائل من إيواء أو توفير الغطاء لهذه الشخصيات، في إشارة واضحة إلى اعتماد أسلوب الضغط الاقتصادي إلى جانب الإجراءات الأمنية.
اجتماع طارئ لقوات الهضبة
من جانب آخر، عقدت القيادات العسكرية لما تسمى بـ”قوات حماية حضرموت” التابعة للهضبة اجتماعاً طارئاً صباح الجمعة، لمناقشة التطورات المتسارعة على ضوء صدور الأوامر القهرية، ووفقاً للمصادر، تناول الاجتماع شروط الوساطة المطروحة لإنهاء الأزمة، وعلى رأسها مطلب إدماج هذه القوات في هيكل وزارة الدفاع، وهو ما يبدو محل خلاف مع التوجهات الرسمية التي تصر على إنهاء التمرد أولاً قبل النظر في أي ترتيبات أمنية مستقبلية.
المعلومات الواردة تؤكد أن مسلحي الهضبة بدأوا استعدادات لمواجهة القوات الحكومية حال تحركها لتنفيذ أوامر القبض، وسط مخاوف من دفع الشباب المغرر بهم إلى مواجهة مسلحة مع الدولة، وهو ما قد يفتح الباب أمام جولة عنف جديدة تهدد السلم الأهلي وتفاقم الانقسام الاجتماعي في حضرموت.
من الناحية الأمنية، يمثل صدور هذه الأوامر القهرية نقطة تحول في مسار تعامل الدولة مع ملف التمرد، حيث ينتقل الموقف من مرحلة التفاوض غير المباشر إلى الإجراءات المباشرة المدعومة بغطاء قانوني وشرعي، غير أن نجاح هذه الخطوة سيعتمد على قدرة الدولة على تنفيذها بسرعة وبأقل كلفة بشرية ومادية، مع تحييد أي احتمالات لانزلاق الموقف إلى مواجهة مفتوحة.
أما من الناحية السياسية، فإن التوقيت يعكس رغبة القيادة السياسية في إرسال رسالة قوية مفادها أن سلطة الدولة لا يمكن التهاون فيها، خاصة بعد الضغوط الشعبية المتزايدة لإنهاء التقطعات القبلية واستعادة الاستقرار.
في البعد الاجتماعي، من المتوقع أن تتباين ردود الأفعال بين التأييد الشعبي لهذه الخطوات باعتبارها تحركاً لاستعادة الحياة الطبيعية، وبين القلق لدى بعض الأوساط من تداعيات المواجهة المحتملة، خاصة في المناطق التي تربطها علاقات قبلية أو اجتماعية بقيادات التمرد.
ويبقى السؤال الأبرز هل ستنجح الوساطات في احتواء الموقف وتفكيك المخيمات المسلحة سلمياً، أم أن حضرموت ستشهد مواجهة أمنية مباشرة ستعيد إلى الأذهان مشاهد النزاعات القبلية المسلحة التي ستدفع المحافظة ثمنها باهظاً؟ والأيام القليلة القادمة ستكون حاسمة في رسم ملامح الإجابة.
