الأربعاء, يوليو 9, 2025
الرئيسيةتغريدات و آراء و كتابتلاشي الطبقة الوسطى،خطر يهدد المجتمع!

تلاشي الطبقة الوسطى،خطر يهدد المجتمع!

« أم تي آي نيوز » كتب: عدنان الكاف

حتى أوائل تسعينات القرن الماضي كان الجنوب يفخر بوجود نخبة مثقفة تمتد من خيرة الأطباء والمهندسين والاقتصاديين والقانونين والأكاديميين والمعلمين والحرفين ولا تنتهي بالأدباء والكتاب والمبدعين، غير إن فخراً كهذا ما لبث أن انفرط على مراحل كانت توجز أوضاع البلاد، فالحرب الأهلية في يناير 1986 و حرب 1994 ثم حرب 2015 المستمرة. جعلت استحقاقات المسيطرين على الدولة يتجهون فقط إلى التعبئة العسكرية، وتجاهل التنمية المدنية بشتى أوجهها.

صحيح إن الدولة في الجنوب، رعت ابتداء من سبعينات القرن الماضي بعثات دراسية متقدمة أرسلت بموجبها آلالاف للتخصص في العلوم، لكن ذلك كان يتم وفق حسابات سياسية، فالمبتعثون أغلبهم هم من المؤكد ولائهم للحزب فيما يمنع ترشيح أي مرشح للمنح الخارجية حتى وإن كان متفوقاً، دون أن يكون اجتاز شروط الولاءات الحزبية والمناطقية إلا القلة القليلة منهم.

وفي حين كانت الدولة في الجنوب تسيطر على اقتصاد البلاد بشكل كلي، وتشغل الالاف من العاملين من حاملي الشهادات الجامعية الأولية والكوادر الوسطى في مكاتب ومؤسسات الدولة، موفرة لهم مرتبات تجعل ديمومتهم كطبقة متوسطة أمراً ممكناً، فانها وبعد الوحدة تخلت عن ذلك بشكل جزئي، وبعد حرب 2015 أصبح التخلي كلياً. فأصبح معدل الدخل الشهري اليوم، تقريباً من 30 دولاراً للموظف العادي ويصل الى 100 دولارا فقط للأستاذ الجامعي. أما المتقاعدين فلا تتجاوز مرتبات أغلبيتهم 20 دولاراً. ومثل هذا الإنحدار في الأوضاع الإقتصادية لمن يمثلون الطبقة المتوسطة وضمن فئاتهم الواسعة من العاملين في قطاعات الدولة، أوجد تحديات من مثل: أما البحث عن عمل حر او الانضمام الى التشكيلات العسكرية المتناسلة والتخلي عن الدور الأساسي لهم في المجتمع، أو الهجرة الى خارج البلاد.

أدى توجه عشرات الآلاف من المدرسين و خريجي الجامعات والموظفين، والمتقاعدين الى أعمال لا علاقة لها بالتخصص العلمي، الى خروجهم فعلياً عن دور الطبقة المتوسطة المعرفي والثقافي، ووجدوا في أرصفة شوارع المحافظات وأسواقها، أمكنة جديدة لتحقيق مردود اقتصادي يوفر لقمة العيش، بعد أن كان هذا النوع من العمل يقتصر على قليلي الحظ في الدراسة والعلم.

أما من اختاروا الهجرة إلى خارج البلاد، (بعد أن دفعوا رشاوى إلى الكثير من السماسرة كي يهاجروا ولديهم الكثير من الوثائق ) فقد تقاذفهم الاستغلال والأجور القليلة التي لا تتناسب مع مؤهلاتهم أو حتى تتساوى مع نظراءهم من الجنسيات الأخرى.

وللمفارقة الساخرة، أدى خروج الكفاءات إما إلى “البسطات” أو الهجرة. إلى أن تعتلي الوظيفة العامة والعمل العام طبقة جديدة من عديمي التعليم أو جهلة المعارف. وهو سبب رئيسي لحالة البلاد المتردية اليوم.

عدنان الكاف

Mass Image Compressor Compressed this image. https://sourceforge.net/projects/icompress/ with Quality:80
مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات