الخميس, يونيو 26, 2025
الرئيسيةتغريدات و آراء و كتابرهانات المتربصين بالخليج في "عين العاصفة"

رهانات المتربصين بالخليج في “عين العاصفة”

« أم تي آي نيوز » كتب : مصطفى الانصاري

التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية والتنموية، التي شهدتها دول الخليج، والأزمات التي عصفت بمحيطها بفعل المحور الإيراني؛ كان لافتاً أنها لم تحدث أي مراجعة ذات مغزى بين الشامتين

كادت الحرب التي شهد الخليج بعض فصولها أخيراً تمر من دون سجالات، بوصفها تدور بين إسرائيل وإيران أصالة هذه المرة، واتخذت الدول العربية مجتمعة منها موقف الرفض الصريح، حتى التي تربطها علاقات رسمية بتل أبيب مثل مصر والأردن والبحرين والإمارات.

إلا أن “حليمة عادت إلى عادتها” عند تربص الشامتين بدول الخليج وتهديدات إيران على رغم موقف منظومة “مجلس التعاون” الداعم لموقفها بشدة أمام إسرائيل، ما حرف الخطاب الحربي إلى سيل من “التفاهة”- وفق مصطلح أكاديمي لبناني-، توجهت سهامه إلى الخليج، “ترمي بشرر” الضغينة دولاً صارت مثل التنمية والثقافة والاستقرار والفرص، وسط جحيم الإقليم المتصاعد جيلاً بعد آخر.

ولئن كان هذا المشهد مألوفاً ولا سيما بعد حرب تحرير الكويت 1990 أو ما سمي “الربيع العربي” 2010 وقبل ذلك وبعده، إلا أن التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية والتنموية، التي شهدتها دول الخليج، والأزمات التي عصفت بمحيطها بفعل المحور الإيراني؛ كان لافتاً أنها لم تحدث أي مراجعة ذات مغزى بين الشامتين، فغدت “الأسامي هي هي” كما تقول الأغنية الشهيرة، وكذلك الأفكار والرهانات والإسفاف، وسرديات “الجهل والتعلم، والبداوة والتحضر، والأطراف والمركز”، لم تبرح مواقعها قبل عقود.

من يتوق لـ”العصر الفارسي”؟

أشهر الأسماء الأيقونة في هذا السياق، الكاتب الفلسطيني- البريطاني عبدالباري عطوان، الذي لم يتمالك نفسه على “إكس” عندما رأى الهجمات الإيرانية تتجه نحو الخليج بدلاً من إسرائيل، قائلاً “الرد الانتقامي الإيراني جاء أسرع وأقوى من المتوقع، والصواريخ الآن تهطل كالمطر على القواعد الأميركية في كل منطقة الخليج والعراق التي قد تتحول إلى إيرانية في المستقبل المنظور”. مؤكداً على سبيل التمني “نحن على أبواب العصر الفارسي ونهاية الإسرائيلي وربما الأميركي أيضاً ولا عزاء للمطبعين”، وذلك على رغم علاقته المعروفة بقطر التي صنعت مجده في جريدة “القدس العربي”، وعبر ترميزه المتكرر في قناة “الجزيرة”.

هذا الموقف استدعى موجة من الرد الممزوج بالسخرية، على نطاق واسع من الكتاب الخليجيين والعرب، أمثال الكاتب السعودي خلف الحربي الذي علق على تدوينة عطوان بأنك “في أي حرب ما يحتاج تتابع نشرات الأخبار أو التحليلات العسكرية عشان تستكشف النتائج… فقط شف الطرف اللي واقف معه عبد الباري عطوان وتأكد أنه الطرف المهزوم والمدمر والملعون أبو خامسه”!

في أي حرب ما يحتاج تتابع نشرات الاخبار أو التحليلات العسكرية عشان تستكشف النتائج .. فقط شف الطرف اللي واقف معه عبد الباري عطوان وتأكد أنه الطرف المهزوم والمدمر والملعون أبو خامسه

لكن عطوان لم يكن إلا المثل، ففي كل أزمة تمر بها منطقة الخليج العربي، يظهر نمطاً متكرراً يصعب تجاهله: أصوات عربية من مشارب قومية وشعبوية وإسلامية تتسابق في إطلاق الشماتة والتشكيك، كلما بدت دول الخليج عرضة لتوتر أو استهداف. من غزو الكويت في 1990، إلى أزمة الخلاف الخليجي- الخليجي، وصولاً إلى الضربات الإيرانية الأخيرة التي طاولت قطر، تتجدد هذه الموجات من الخطاب العدائي، وكأن ما يجري في الخليج يستدعي الاحتفاء لا القلق، مما يستدعي التفسير.

حلم “صدام” لا يزال حياً

الأكاديمي اللبناني المتخصص في فلسفة التاريخ، الدكتور عبد الرؤوف سنو، يرى في حديث مع “اندبندنت عربية” أن هذا النوع من الخطاب لا يعكس موقفاً سياسياً واعياً، بقدر ما “يعبّر عن خلل عميق في الثقافة السياسية العربية، فإن النظرة التي ترى في الخليج مجرد “برميل نفط” نهض من الصحراء بسرعة لم تُتح لغيره، ظلت ترسّباً نفسياً عند كثيرين ممن يعيشون في دول لم تحقق شيئاً لمجتمعاتها على رغم امتلاكها الثروات والقدرات البشرية”.

يشرح سنو هذا الخلل من زاوية تاريخية، مشيراً إلى أن دول الخليج تمكنت من “تحقيق مستويات راقية من الرخاء الاجتماعي والقدرات التنموية، في الوقت الذي بقيت فيه أنظمة عربية أخرى- يحكمها العسكر أو توجهها الشعارات الأيديولوجية- عاجزة عن تلبية أدنى حاجات شعوبها. هذه المقارنة الصامتة صنعت جرحاً داخلياً لدى نخب كانت تعتقد أن المشروع القومي أو الثوري هو طريق النهضة، فإذا بها ترى البوصلة تتجه نحو الخليج”.

ويضيف أن كثيراً من الجماهير انساقت خلف ما سماه “ثقافة التفاهة والخطاب العاطفي، بخاصة في لحظة صعود صدام حسين، وصدّقت أنه خاض حروبه دفاعاً عن الخليج أو من أجل فلسطين، بينما في الواقع خرج مفلساً يسعى لابتزاز الخليج مالياً”. ويتابع سنو بالقول إن هناك من لا يزال يتبنى نفس هذه الخطابات “على رغم التجارب المريرة التي أثبتت زيفها. وهي الجماهير ذاتها التي تغض الطرف عن الانهيارات العميقة في بلدانها، بينما توجه سهامها إلى الخليج بمجرد أي حدث”.

الكاتب السعودي خالد السليمان يقدم مقاربة تكمّل هذا التحليل من الداخل، إذ يرى في تصريحات لـ”اندبندنت عربية” أن الخلاف مع الخليج ليس خلافاً سياسياً أصلاً. فبرأيه، معظم الاتهامات التي تُوجّه إلى دول الخليج “من تطبيع، أو بناء علاقات مع الغرب تمارسها الأنظمة التي يمجدها أصحاب هذا الخطاب الشامت، بل ويبررونها للتنظيمات والميليشيات التي يدافعون عنها في العلن”.

لكن السليمان تجاوز السياسي إلى السيكولوجي، معتبراً أن “المسألة نفسية أكثر منها خلافاً موضوعياً. يربط بين الحسد والغيرة من قدرة دول الخليج على تحويل ثرواتها إلى رفاهية واستقرار ونمو، في حين فشلت دول أخرى، مثل العراق وليبيا والجزائر، على رغم امتلاكها لثروات ضخمة، في تحقيق نتائج تنموية ملموسة”. ويضيف: “هي امتزاج الغيرة والحسد في نفوس وجدت تربة خصبة لنمو الكراهية والأحقاد”.

ويلاحظ أن هذه المشاعر لم تتغير مع تغيّر المناخات أو الأوضاع، بل ظلت ثابتة على رغم تبدّل الوجوه والشعارات. تقدم الخليج مستمر، وتراجع خصومه مستمر أيضاً. وهو ما يجعله يرى أن “الإصرار على ممارسة هذا الدور العدواني، على رغم ثبوت إفلاسه وعدم تأثيره، يؤكد وقوع هذا الخطاب الشعبوي في دوامة نفسية تعطل العقلانية والحكمة والبصيرة”.

قادة دول مجلس التعاون الخليجي والرئيس ترمب قبل القمة الخليجية-الأميركية في الرياض (واس)

ازدواجية إيران بين غزة وطهران

المحلل السياسي السوري يحيى العريضي، ربط بين موقف بعض العرب من الخليج وبين تحولات أوسع في بنية الصراع العربي- الإسرائيلي، والإيراني- العربي، إذ يعتقد أن إسرائيل نشأت أصلاً “كمشروع استعماري غربي، وخلقت صراعاً دام لعقود، لكن منذ 1979 استغلت إيران هذه القضية لخدمة مشروعها المذهبي والتوسعي، فرفعت شعار مقاومة إسرائيل وأميركا، في الوقت الذي فاخرت بالسيطرة على عواصم عربية كبرى، هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء”.

ويشير إلى أن إيران، على رغم هذا الخطاب، لم تقدّم دعماً حقيقياً لتلك المناطق يقارن باستغلالها، “فغزة مثلاً بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 لم تعزز موقفها، بل سعت بكل ما تملك لحماية نظامها عندما تعرض للاستهداف، مما يكشف- برأيه- عن ازدواجية وتعاون خفي بينها وبين إسرائيل والغرب، غالباً ما يأتي على حساب القضية الفلسطينية، حتى وإن انقلب السحر على الساحر هذه المرة”، لتحصد اليوم نتائج دعايتها التخريبية وسلوكها العدواني، متوقعاً أن تتفاقم أزمتها مع تصاعد العزلة الدولية ووضوح تناقضاتها.

يعنى ذلك بحسب تعبيره، أن كل استهداف إعلامي أو سياسي للخليج من أطراف قومية، أو إسلاموية محسوبة على طهران “لا يخرج عن كونه جزءاً من هذا الانهيار، ومحاولة لتصدير أزماتها، منطلقة من نظرة دونية تجاه الخليج، باعتبارها تابعاً للغرب، على رغم أن “الواقع يثبت تقدمه الكبير، ليس فقط في العمران، بل حتى في التكنولوجيا ومقومات الحياة الكريمة لشعوبه”.

 لم يكن السياق الإيراني أقل حدة، إذ كان صقور النظام يهددون الخليج بأنه لن يكون في منأى عن الصراع على رغم موقفه الحيادي، بذرائع وصفت خليجياً بالوقاحة، في مثل تحذير صحيفة “طهران تايمز” الإنجليزية من أن “الحقيقة المرعبة” خلف الحملة العسكرية الأميركية ضد إيران تكمن في مشاركة مالية غير مباشرة لدول الخليج، معتبرة أن استثماراتها “من خلال سندات الخزانة الأميركية وصناديقها السيادية ومؤسساتها المالية أسهمت في تمويل الحرب”، بحسب زعمها الذي ينفيه الخليجيون، الذين قالت أمانة مجلسهم “إننا متفاجئون من الهجوم الإيراني على قطر، في وقت تبذل كل جهودها لوقف إطلاق النار والوساطة وأدان الخليج بشدة الهجمات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية”.

واعتبرت الصحيفة أن هذه الدول أصبحت “شركاء ماليين” في العدوان، ما يجعل شرايينها الاقتصادية وأصولها الاستراتيجية أهدافاً محتملة للرد الإيراني، محذرة من أن البنوك الخليجية ستكون أول من يدفع الثمن “إذا لم تنسحب قبل فوات الأوان”.

لماذا لا يرون ما أدهش ترمب؟

يأتي ذلك في حين تشهد منطقة الخليج تحولات متسارعة، جعلت المؤشرات الأممية، ترى في الرياض على سبيل المثال نموذجاً في إصلاحاتها التنموية، شجع البنك الدولي دولاً عدة في اقتباس تجربته.

وإذا كانت شريحة العوام من المتربصين يمكن فهم اتجاهاتهم المدفوعة بما وصفه المحللون بالغيرة المجردة، فما الذي أصاب النخب الثقافية والسياسية بالعمى؟

قد يكون مرد ذلك إلى ما يبرزه التفاعل الدولي مع التجربة الخليجية ومقارنتها بالنقيضة التي تعيشها الدول المتأثرة بالمحور الإيراني والقومي في المنطقة، وفق المؤرخ الفلسفي سنو.

في عام 1990، كشفت أزمة غزو الكويت عن وجه المتربصين بشكل صارخ. بدلاً من التضامن معها، (أ ف ب)

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض والخليج منتصف مايو (أيار) هذا العام، نوه بالتحولات اللافتة التي تشهدها دول الخليج، واصفاً ما يحدث في مدن مثل الرياض وجدة ونيوم ودبي وأبو ظبي والدوحة ومسقط بأنه “رائع بشكل لا يُصدّق”. وهو الذي عرف بانتقاداته اللاذعة للحلفاء والأصدقاء في كل العالم.

وقال إن المنطقة تشهد جيلاً جديداً من القادة “يتجاوز الصراعات القديمة والانقسامات المتعبة”، ويصوغ مستقبلاً يُعرَّف بالتجارة لا الفوضى، وبـ تصدير التكنولوجيا لا الإرهاب، وببناء المدن معاً لا تدميرها.

وفي لهجة لافتة، شدد ترمب على أن هذا التحول لم يكن نتاج “ضوضاء التدخل الغربي” أو مشاريع المحافظين الجدد، ولا منظمات التنمية الليبرالية، بل كان نتاجاً محلياً خالصاً لقادة المنطقة أنفسهم.

وأشار إلى أن “العجائب المتلألئة” في الرياض وأبو ظبي لم تُبنَ على يد من أنفقوا تريليونات الدولارات في مغامرات فاشلة في أماكن مثل كابول وبغداد، بل جاءت من رؤية واضحة وتصميم خليجي على التقدم، منتقداً في هذا السياق إيران وتجربتها المضادة، وذلك قبل أسابيع من شن إسرائيل ضرباتها المباغتة على طهران.

من حلقات المسلسل

في عام 1990، كشفت أزمة غزو الكويت عن وجه المتربصين بشكل صارخ. بدلاً من التضامن معها، أبدت دول مثل الأردن واليمن والسودان وبعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية شماتة أو دعماً للغزو، متوقعين انهيار الخليج أو دخوله في فوضى إقليمية. لكن الكويت خرجت من الأزمة بدعم دولي واسع، وأعيد بناؤها بسرعة، بينما تحمل المتربصون تبعات مواقفهم السياسية والاقتصادية.

تكرر هذا النمط خلال الأزمة الخليجية (2017-2021)، عندما حدث خلاف خليجي بين دول المجموعة غير معهود، إذ توقع المتربصون، من دول وجماعات وأفراد، أن الأزمة ستؤدي إلى انشقاق خليجي شامل، يعصف بالاستقرار الإقليمي ويؤدي إلى خسارة الجميع. لكن هذه الرهانات باءت بالفشل. نجحت دول المنظومة في تجاوز الأزمة وعادت العلاقات الخليجية إلى طبيعتها بعد “اتفاق العلا” عام 2021. استقت دول الخليج دروساً من الأزمة، عززت وحدتها واستقرارها، بينما ظلت خلافات المتربصين في مناطق مثل المغرب العربي ولبنان عصية على الحل، كما يتضح من التوتر المغربي- الجزائري المستمر والأزمات السياسية في لبنان والعراق وسوريا وليبيا وتونس وتركيا وإيران، في تفاقم.

في يونيو (حزيران) 2025، شهدت المنطقة تصعيداً جديداً بعد الضربات الأميركية على منشآت نووية إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، بدعم إسرائيلي وتنسيق مع واشنطن. أعلن الرئيس الأميركي ترمب أن الضربات “دمرت بشكل كامل” البرنامج النووي الإيراني، مهدداً بمزيد من الهجمات إذا لم تسع طهران للسلام. أثارت هذه الضربات موجة من التكهنات والشماتة من المتربصين، الذين هللوا بأن مصالح الخليج ستتعرض لتهديدات خطيرة، بتسرب الإشعاعات النووية وتلوث مياه الخليج، وإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو 30 في المئة من صادرات النفط العالمية. توقع هؤلاء، بدعم من أصوات إيرانية وجماعات الإسلام السياسي مثل الإخوان المسلمين، أن إيران سترد بضرب القواعد الأميركية في دول الخليج، مثل قاعدة العديد في قطر، مما ستندلع عنه حرب مدمرة بين إيران والخليج.

لكن، كما في الأزمات السابقة، باءت رهانات المتربصين بالفشل. الضربة الإيرانية على قاعدة العديد في قطر، التي أُعلن عنها كرد فعل، كانت منسقة ومحدودة، مما يشير إلى أن إيران، على رغم خطابها المتشدد، تدرك أن أي تهديد حقيقي لأمن الخليج سيكون باهظ الثمن. تحالفات الخليج الدولية، وقوتها الاقتصادية والسياسية، وقدراتها العسكرية الذاتية، جعلتها حصناً منيعاً يصعب تجاوزه. كما أسهمت وساطات خليجية، بقيادة السعودية وقطر وعمان، في تهدئة التوترات، إذ طلبت إيران من هذه الدول التدخل للضغط على ترمب لوقف التصعيد، مقابل مرونة في الملف النووي. هذا التحول يكشف عن تناقض المتربصين، الذين يراهنون على انهيار الخليج بينما يعتمدون على استقراره لتحقيق مصالحهم.

دوافع وتناقضات

تنبع ظاهرة المتربصين من دوافع متعددة، إلا أن الحسد الإقليمي كان أشدها، وفق المحللين، إذ يثير تفوق الخليج الاقتصادي والاجتماعي، في وقت قصير، حفيظة دول وجماعات تعاني من الاضطرابات. إضافة إلى سوء التقدير الاستراتيجي، فبينما يعتقد البعض أن دول الخليج هشة بسبب حجمها الجغرافي أو اعتمادها التاريخي على النفط، يتجاهلون تنوع اقتصادها في السنوات الأخيرة، وتحالفاتها الدولية.

أما التناقض الأشد، فهو كون العديد من المتربصين ودولهم مستفيدين بشكل أو آخر من ازدهار الخليج. على سبيل المثال، إيران، التي هددت بإغلاق مضيق هرمز، استفادت تجارياً من علاقاتها مع قطر وبقية دول الخليج، كذلك استفادت تركيا التي عانى اقتصادها من انهيار شديد قبل انفتاح الخليج على الاستثمار فيها.

في مواجهة هذه الخطابات، برزت شخصيات خليجية عبر التاريخ دافعت عن المنطقة بقوة وحكمة، أمثال الراحل عبدالله الطريقي أول وزير للنفط في السعودية ومثله الأديب غازي القصيبي، الذي وصفه عثمان العمير بـ”لغة الخليج وسيفه ورمحه”، إذ كان رمزاً لهذا الدفاع. خلال حرب تحرير الكويت، رد القصيبي على الشماتين عبر كتابه “حتى لا تكون فتنة”، مؤكداً أن “الخليج ليس مجرد جغرافيا، بل فكرة وإرادة ومستقبل مشترك”، بل كانت زاويته في ذلك العهد “عين العاصفة” التي جمعت لاحقاً في كتاب بالاسم نفسه، من الأرشيف الموثق الذي ظل حارساً لبوابة الذاكرة.

هذا الخطاب استلهمه كتاب ومدونون وشخصيات خليجية معاصرة في الأزمات الأخيرة، على طريقة “لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله”.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات