« أم تي آي نيوز » هاشم اليتيم صحافي اردني
كان موقع “فوردو” مدفوناً في عمق جبل يحميه من أي هجوم، وقال أوباما آنذاك إن تصميمه “لا يتوافق” مع برنامج نووي سلمي، ويقدر بعض الخبراء أن المنشأة قادرة على إنتاج ما يكفي من المواد اللازمة لصنع سلاح نووي في أقل من أسبوع
البرنامج النووي الإيراني ما هو سوى مشكلة طويلة الأمد واجهت عديد من الإدارات الرئاسية الأميركية صعوبات في التعامل معه، وكذلك عديد من المنظمات الدولية والحكومات الأجنبية.
تسلسل زمني لأهم الأحداث
في يوليو (تموز) 1968 وقعت إيران معاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) كدولة غير حائزة للأسلحة النووية، وكانت موافقة على عدم السعي إلى امتلاك مثل هذه الأسلحة في المستقبل، وينتهي الجدول الزمني في يونيو (حزيران) 2025، إذ كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب متفائلاً في شأن اتفاق إيراني جديد خلال ولايته الثانية، وعلى رغم ذلك اندلعت الحرب بين إسرائيل وإيران في الـ13 من يونيو الجاري.
بعد إطاحة الشاه
الصحافي الأميركي المخضرم مات فيلد استعرض التسلسل الزمني للبرنامج النووي الإيراني ونشره في موقع “النشرة الذرية لعلماء أميركا”، وقال “بعد ثورة 1979 التي أطاحت الشاه الإيراني الحليف للغرب محمد رضا بهلوي عملت البلاد سراً على تطوير أسلحة نووية، بما في ذلك إطلاق برنامج لتخصيب اليورانيوم ووضع خطة لصنع واختبار الأسلحة، وفي أغسطس (آب) 2002 كشفت جماعة معارضة إيرانية عن منشآت نووية سرية تحت الأرض في نطنز وآراك، مخصصة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج الماء الثقيل على التوالي”.
زعمت إيران أن هذه المنشآت كانت مخصصة لإنتاج الطاقة النووية المدنية، لكن الولايات المتحدة شككت في حاجة الدولة الغنية بالنفط والغاز إلى هذه المنشآت، زاعمة أنها مخصصة لأعمال تتعلق بالأسلحة النووية.
فترة المفاوضات المرنة
بعد ذلك يذهب فيلد مباشرة إلى فترة المفاوضات المرنة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2003، إذ وافقت إيران في خضم مفاوضات حول برنامجها النووي على وقف التخصيب وتصنيع وتركيب الأجزاء الأساسية في منشآتها، لكن بعد انتخاب الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد عام 2005، استأنفت إيران جهود التخصيب، وفي سبتمبر (أيلول) 2009 كشف الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أن إيران شيدت موقعاً نووياً سرياً آخر.
بناء موقع “فوردو”
كان موقع “فوردو” مدفوناً في عمق جبل يحميه من أي هجوم، وقال أوباما آنذاك إن تصميمه “لا يتوافق” مع برنامج نووي سلمي، ويقدر بعض الخبراء أن المنشأة قادرة على إنتاج ما يكفي من المواد اللازمة لصنع سلاح نووي في أقل من أسبوع.
في سبتمبر 2015 بعد انتخاب حسن روحاني المعتدل رئيساً لإيران عام 2013، بدأت إيران مفاوضات مع الولايات المتحدة ودول أخرى حول خطة لضمان عدم قدرتها على تطوير سلاح نووي في غضون عام، إذ دعت خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، والمعروفة باسم “الاتفاق النووي الإيراني”، إلى زيادة الرقابة الدولية على المنشآت النووية الإيرانية، واحتوى الاتفاق تعهداً إيرانياً بعدم تطوير مواد نووية صالحة للاستخدام في صنع الأسلحة، وأشارت أيضاً إلى تخفيف العقوبات على الاقتصاد الإيراني.
موقف إسرائيلي
دانت إسرائيل الاتفاق باعتباره يضفي الشرعية على البرنامج النووي الإيراني، وجادل رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) وقتها، بأن إيران إما أن تنتهك الاتفاق أو تنتظر انتهاء بنوده بعد 10 إلى 15 عاماً.
في مايو (أيار) 2018 نفذ الرئيس دونالد ترمب، في ولايته الأولى آنذاك، تعهداً قطعه خلال حملته الانتخابية وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، وقال آنذاك “كان هذا اتفاقاً أحادي الجانب مريعاً، ما كان ينبغي إبرامه أبداً”، معيداً فرض عقوبات صارمة على إيران، وتوقع سلفه أوباما، أن يجعل ترمب العالم أكثر خطورة ويضعه أمام “خيار خاسر بين إيران مسلحة نووياً أو حرب أخرى في الشرق الأوسط”.
مقتل سليماني
في يناير (كانون الثاني) 2020 تراجعت إيران أكثر عن وعودها النووية بعدما أدى هجوم أميركي مستهدف بطائرة مسيرة إلى مقتل الجنرال قاسم سليماني، وفي فبراير (شباط) 2021 تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن إعادة التفاوض على اتفاق مع إيران، بشروط مختلفة عن خطة العمل الشاملة المشتركة.
أصبحت إيران في الجانب الخاسر من المفاوضات السلمية النووية منذ أكتوبر 2023، إذ “منيت طهران بانتكاسة تلو الأخرى إثر هجوم حليفتها ’حماس‘ على إسرائيل”.
في مارس (آذار) 2025 صرحت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية تولسي غابارد أمام الكونغرس بأن إيران لم تستأنف برنامج الأسلحة النووية الذي أنهته عام 2003، وعلى رغم ذلك أشارت تولسي إلى ارتفاع مستويات اليورانيوم المخصب في إيران وأعلنت ضمنياً من خلال خطابها “وقوع المحظور”، وهو ما فهم منه انتهاء التفاوض الذي دام عقوداً مع إيران في شأن مناقشة الأسلحة النووية.
لحظة الحرب
ووصف البيت الأبيض في أبريل (نيسان) الماضي المحادثات الجارية بأنها “بناءة”، وعلى رغم أن نتنياهو كان يدعو إلى شن هجوم على إيران، فإنه أراد منح الدبلوماسية فرصة أخرى، لكن ترمب أعلن في التاسع من يونيو الجاري أن إيران رفضت اتفاقاً لإنشاء اتحاد نووي إقليمي في الشرق الأوسط لتوفير الوقود لمفاعلات الطاقة النووية.
وبعد الهجوم الإسرائيلي على إيران في الـ13 من يونيو الجاري، تضاءلت احتمالات إجراء مفاوضات جديدة في شأن البرنامج الإيراني بصورة كبيرة، ويهدد الصراع الآن باستدراج الولايات المتحدة إلى هذا النزاع.
في صباح الـ22 من يونيو الجاري أعلن ترمب تدمير البرنامج النووي الإيراني بعد ضربة أميركية عسكرية لأهم المواقع والمنشآت النووية، ودعا إلى بدء “مرحلة سلام”.
