« أم تي آي نيوز » محمد التويجي
كان بإمكان تدخّلٍ طبي بسيط أن يُنقذ روحًا ملائكية، حملها والدها علاء بين ذراعيه المرتجفتين إلى أبواب مستشفى “الصفوة”، بحثًا عن طوق نجاة… لكن الصفوة لم تكن سوى اسمٍ زائفٍ على حائط لا يشعر، وشعارٍ أجوف يتدلى فوق برودٍ قاتل.
لم يُقابلوا صرخات الأب بغير عبارةٍ واحدة: “لا يوجد سرير”…
لكن الحقيقة كانت أفظع.
لم يرفضوا إدخالها فقط، بل رفضوا حتى أن يمنحوها أبسط حقوق الحياة…
قطرات أكسجين، أو لمسة إسعاف، أو حتى مجرد إحساس!
دخلت الطفلة في غيبوبة، تناضل الموت بصمت، فيما هم وقفوا متفرجين كأن الحياة لا تعنيهم، وكأن القلوب قد أُغلقت بإحكام.
لم ينظر أحد في عينيها المغمضتين، لم يلحظ أحد ارتعاشة صدرها، أو توسّل جسدها الصغير لجرعة هواء.
قالوا ببساطة: “لا يوجد سرير”…
وكأن الكارثة بحاجة إلى “حجزٍ مسبق” لتُمنح فرصة للنجاة.
فارقت الطفلة الحياة…
وخلّفت وراءها دمعةً على خدّ والدها، وصمةً على اسم مستشفى، وصرخةً تتردّد في فضاء مدينة تعز:
متى يعود للطبّ ضميره؟!
متى تصبح المستشفيات ملاذًا للضعفاء لا مقصلةً جديدة تسلخ ما تبقّى من الأمل؟
لم تكن هذه الطفلة الأولى، ولن تكون الأخيرة، طالما أن الرحمة غائبة، والضمير الطبي مخدَّر، والمحاسبة في إجازة طويلة.
لم نعد بحاجة إلى مزيد من الإسمنت والمباني، بل إلى نظامٍ صحيّ يُقدّس الحياة، ويضع الإنسانية فوق الأرباح، ويجعل من كل طبيبٍ حارسًا للروح، لا شاهداً على إزهاقها.
