أم تي آي نيوز » متابعات
في الوقت الذي تتسع فيه فجوة الخلافات بين الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب ومؤسسات أممية وتحالفات دولية، تتزايد الاحتمالات بشأن انسحاب “واشنطن” من منصات دولية كانت جزءا أساسيا من السياسة الأمريكية لعقود طويلة، في مقدمتها الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي “الناتو”.
يرى العديد من المختصين في العلاقات الدولية والشؤون الأمريكية، أن احتمالية انسحاب ترامب من الأمم المتحدة والناتو، أو على الأقل الابتعاد عن التزامات تجاههما، تتحرك نحو سياسة تقوم على عدم العمل الجماعي متعدد الأطراف عالميا.
وتستند هذه السياسة إلى فكرة تحرك واشنطن بعيدا عن التكتلات السياسية والعسكرية المستمرة، والتوجه نحو علاقات دولية تقوم على المصالح الخاصة كما كان الحال في القرن الـ19، حيث كانت العلاقات بين الدول تقتصر على الصفقات المصلحية بعيدا عن التكتلات العسكرية والسياسية الدائمة.
وفي الوقت ذاته، أشار المحللون إلى أن ترامب قد يسعى إلى إبعاد بلاده عن التزامات مالية وإغاثية تجاه هذه المنظمات دون الانسحاب منها بشكل كامل.
ويرتكز هذا التوجه على رغبة ترامب في استخدام هذه المنظمات عبر النفوذ الأمريكي فيها لخدمة سياساته الخاصة من جهة، ولعدم ترك ساحة القانون الدولي لأطراف أخرى من جهة أخرى، بما يسمح لواشنطن بالمشاركة الفاعلة في صنع القرارات الدولية.
ويأتي هذا التوجه متزامنا مع تأييد الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، رئيس شركة “تيسلا” ومدير “سبيس إكس”، الذي دعم فكرة انسحاب الولايات المتحدة من “الناتو” ومن الأمم المتحدة أيضا. وأعرب ماسك عن دعمه لهذه الدعوات على منصة “إكس” (تويتر سابقا)، معتبرا أن الوقت قد حان لخروج أمريكا من هاتين المنظمتين.
يتماشى تأييد ماسك، إحدى الشخصيات البارزة في إدارة ترامب، مع الدعوات المتزايدة من بعض المشرعين الجمهوريين الذين يطالبون بإعادة النظر في التزام الولايات المتحدة بحلف الناتو. ويعتقد هؤلاء المشرعون أن الالتزامات المالية التي تترتب على الولايات المتحدة نتيجة وجودها في هذه التحالفات لم تعد مبررة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الداخلية.
وأشار أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور خالد شيات، إلى أن توجه ترامب نحو تقليص التزامات الولايات المتحدة تجاه الأمم المتحدة والناتو يعكس سياسة “أمريكا أولًا”، والتي ترفض التكتلات العسكرية والسياسية الثابتة.
ووفقًا لشيات، يسعى ترامب إلى تقليص حجم تدخل الولايات المتحدة في الشؤون الدولية عبر الابتعاد عن هذه التكتلات، ويريد إرساء علاقات دولية جديدة قائمة على مصالح أمريكية مادية بعيدا عن التكتلات المستمرة.
ويتابع شيات قائلاً إن ترامب يهدف إلى إعادة ترتيب العلاقات الدولية على غرار سياسات القرن الـ19، حيث كانت العلاقات بين الدول تعتمد على المصالح الملموسة، بعيدا عن التكتلات السياسية أو العسكرية الثابتة.
من جهة أخرى، يرى الخبير في الشؤون الأمريكية، نبيه واصف، أن فكرة انسحاب الولايات المتحدة من هذه المنظمات الدولية نهائيا أمر غير مرجح.
وفي تصريحات يوضح واصف أن ترامب قد يسعى إلى تقليص التزامات بلاده المالية والإغاثية تجاه الأمم المتحدة والناتو، لكنه لا يعتقد أنه سيسحب الولايات المتحدة بشكل كامل من هذه المنظمات، مشيرا إلى أن ترامب يسعى إلى الاستفادة من النفوذ الأمريكي داخل هذه المؤسسات لصالح المصالح الأمريكية، على الرغم من أنه لا يعترف بالقانون الدولي أو الأعراف العالمية.
