أم تي آي نيوز / عبد اللاه سميح
تتشابه أهداف الضربات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة اليمني، أمس الأحد، مع الهجوم الأول الذي شنته على المنطقة ذاتها، في يوليو/ حزيران الماضي، مستهدفًا الميناء، وخزانات الوقود فيه، ومحطة كهرباء منطقة “الكتب” القريبة منه، وسط تساؤلات يمنية عن سرّ اقتصار الضربات الإسرائيلية على المنشآت الاقتصادية.
كما تركزت الغارات الإسرائيلية، على محطتي كهرباء مديرية الحالي، ومنطقة “رأس كثيب” وخزانات وقودهما، إضافة إلى حاضنات الوقود المستورد بميناء “رأس عيسى” النفطي، ضمن نطاق جغرافي لا يتعدى 85 كم، وهي المنطقة ذاتها التي يقع فيها ميناء الحديدة، الذي يعدّ منفذ الاستيراد البحري الرئيس للمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وتأتي هذه الضربات، وسط تساؤلات يمنية عن سرّ اقتصار الضربات الإسرائيلية على المنشآت الاقتصادية، التي تؤثر على مصالح المواطنين، في وقت تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية “الأسوأ على مستوى العالم” وفق الأمم المتحدة.
وبدوره، ينفي الجيش الإسرائيلي، استهداف المنشآت المدنية، إذ يقول: إن “المناطق المستهدفة، الأحد، في الحديدة، هي “مواقع عسكرية، يستخدمها الحوثيون في نقل الأسلحة الإيرانية، وإمدادات للاحتياجات العسكرية، إلى جانب النفط”.
ولكن في المقابل، تشير مصادر عسكرية في القوات اليمنية المشتركة المناهضة للحوثيين في الساحل الغربي في حديث خاص لـ”إرم نيوز”، إلى أن الحوثيين عملوا مؤخرا بتوجيه وإشراف من خبراء الحرس الثوري الإيراني و”حزب الله” اللبناني المتواجدين في اليمن، على تحويل ميناء الصليف وميناء رأس عيسى، في مديرية الصليف، غربي الحديدة، إلى منطقة اقتصادية وعسكرية، تستقبل عبرها شحنات الوقود المقدم بشكل مجاني من إيران للحوثيين، لتعزيز مواردهم المالية واستخدامه في الأغراض العسكرية.
وذكرت المصادر، أن الحوثيين استحدثوا شبكة أنفاق واسعة في المنطقة، وقاموا بتهجير بعض سكان مديرية “الصليف” قسريا، لتسهيل وإخفاء عمليات نقل الأسلحة المهربة التي تصل إلى الميناء عبر سفن صيد الأسماك الإيرانية، والتي ارتفعت وتيرة تحركاتها في البحر الأحمر مؤخرا، في ظل تراجع آليات التفتيش الدولي للسفن الواصلة إلى موانئ الحديدة، منذ اتفاق الهدنة الأممية.
وعقب الهجوم، شهدت محافظات الحديدة، وصنعاء، وإب، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، احتشادا كبيرا من قبل المدنيين على محطات التزود بالوقود، خشية وقوع أزمة نفطية مقبلة، على الرغم من تأكيد “شركة النفط” التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي، على “استقرار الوضع التمويني”، واتخاذها “إجراءات واحتياطات مسبقة”.
وحول ذلك، قال وكيل محافظة الحديدة، لدى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، وليد القديمي: إن “الصواريخ التي تطلقها ميليشيا الحوثي “لا تقتل “فأرا واحدا”، في إسرائيل، وترد إسرائيل بتدمير مقدرات ومكتسبات اليمن في الحديدة، كتدمير محطة كهرباء الحديدة، وميناء الحديدة، ومنشأة رأس عيسى النفطية، وقبلها تدمير منشأة النفط داخل الميناء الرئيس”.
وأضاف القديمي في تدوينات على منصة “إكس”: أن أبناء مناطق “تهامة” يدفعون ضريبة عن كل اليمنيين، بسبب معاناتهم من جرائم ميليشيا الحوثي ضدهم، ومزاعم وقوفها مع فلسطين.
عمى استخباري
ويرى مراقبون يمنيون، أن الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبة في تحديد الأهداف المؤثرة على قدرات الحوثيين العسكرية وبنيتهم القيادية، في ظل حالة “العمى الاستخباراتي”، ونقص الموارد المعلوماتية تجاه منصاتهم الصاروخية، وورش تركيب الطائرات المسيّرة، ومواقع تخزين ترسانتهم العسكرية، في مختلف المناطق الخاضعة لهم.
ويستخدم الحوثيون، تكتيكات عسكرية غير تقليدية، تعتمد على الأنفاق والسراديب المشيدة مؤخرا، في إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة وعمليات نقلها وتخزينها، مستفيدين من البيئة الجغرافية المساعدة التي توفرها التضاريس الجبلية الوعرة للبلد، ما يحول دون عمليات الرصد والمراقبة وجمع المعلومات، فضلًا عن حملات ترهيب وترويع المجتمع، من خلال عمليات الإعدام وحملات الاعتقال تحت ذرائع “التخابر والتجسس”.
ولم تنجح العمليات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة منذ يناير/ كانون الثاني المنصرم، في وقف تهديدات الحوثيين لممرات الملاحة التجارية، وهو ما تعيده تقارير دولية إلى ضعف استخباراتي أمريكي في اليمن، منذ انتهاء حملة الطائرات المسيّرة ضد تنظيم “القاعدة”، وإخلاء السفارة الأمريكية بصنعاء عقب سقوطها في قبضة الحوثيين العام 2015.
وقد عادت المقاتلات الإسرائيلية مساء الأحد، في رد ثان على هجوم ميليشيا الحوثي الصاروخي على تل أبيب، لشن ضربات جديدة على اليمن، استهدفت منشآت اقتصادية حيوية في محافظة الحديدة، المطلّة على مياه البحر الأحمر، ما أدى إلى سقوط 4 قتلى و44 جريحاً، في إحصائية أولية.
إرم نيوز