الجمعة, نوفمبر 1, 2024
الرئيسيةأخبار محليةقرار الحزب بالوحدة مع الشمال ليس هروبا من السقوط بل تمت..

قرار الحزب بالوحدة مع الشمال ليس هروبا من السقوط بل تمت..

حاوره الصحافي جمال شنيتر / اندبندنت عربية

ينفي الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني عبدالرحمن السقاف أن يكون قرار حزبه بالوحدة مع الشمال كان وسيلة للهرب من السقوط على غرار الأحزاب الشيوعية في دول المنظومة الاشتراكية التي انهارت مع نهاية الحرب الباردة، بيد أنه يعترف بأن الوحدة تمت بارتجالية ورغبة في طموحات شخصية.

30 عاماً مضت على حرب الانفصال اليمنية التي انتهت بسيطرة القوات الشمالية بقيادة تحالف حزبي المؤتمر الشعبي العام برئاسة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح وتجمع الإصلاح المحسوب على الإخوان المسلمين، وهزيمة قوات الحزب الاشتراكي الجنوبية.

يقول الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني الدكتور عبدالرحمن السقاف (تولى زعامة الحزب في ديسمبر (كانون الأول) 2014)، “إن القوى التقليدية العسكرية والقبلية والدينية الشمالية (في إشارة إلى تحالف المؤتمر والإصلاح) هي من أشعلت هذه الحرب تحت عنوان الوحدة أو الموت، واستخدمت العنف الدموي في إقصاء الجنوب ونهب مقدراته، وإقصاء الحزب الاشتراكي المفترض أنه الشريك والممثل للجنوب، والتنكيل بقياداته وأعضائه، وإخلاء جهاز الدولة منهم والتقليل إلى حد كبير من حضور الجنوبيين في جسد الدولة”.

ويضيف السقاف في حوار مع “اندبندنت عربية”، “هناك عدد من الممارسات الإقصائية ولو ذكرناها هنا بتعبيرات رمزية فإنها كانت تعني تحديد مكانة الجنوبي في مراتب التابع ناهيك بالتلاعب بمناهج التربية والتعليم لطمس الهوية السياسية للجنوب”.

الحرب أنهت الشراكة الوطنية

اندلعت حرب 1994 اليمنية بعد أربعة أعوام فقط من تحقيق الوحدة الطوعية بين دولتي اليمن الجمهورية العربية اليمنية (الشمال) وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب)، فعلى أثر أزمة سياسية ومناوشات عسكرية، أعلن الأمين العام للحزب الاشتراكي حينها علي سالم البيض (كان أيضاً نائب رئيس اليمن الموحد) إعلان انفصال الجنوب في مايو (أيار) 1994، مما استدعى القوات الشمالية مهاجمة المحافظات الجنوبية لإنهاء محاولة الانفصال، وهو ما تم – بالفعل – وأدى إلى نزوح قيادات الحزب الاشتراكي عن البلاد، وإنهاء مشاركة “الاشتراكي” في سلطة اليمن الموحد.

وحول ذلك يوضح السقاف “عندما قامت الجمهورية اليمنية في 1990 كانت نتاج دمج دولتين في دولة واحدة بطريقة سلمية، وقبل الوحدة لم يكن الجنوب (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) تابعاً للشمال (الجمهورية العربية اليمنية)، مع ملحوظة أنه ليس هناك ما يؤكد بأن الجمهورية العربية اليمنية أو جمهورية اليمن الديمقراطية كان أحدهما تابعاً للآخر، وكلتاهما دولة معترف بها دولياً ولكل منهما مقعده الخاص في الأمم المتحدة”.

قرار الوحدة ليس هرباً

ينفي عبدالرحمن السقاف أن يكون قرار الحزب الاشتراكي بالوحدة مع الشمال وسيلة للهرب من السقوط على غرار الأحزاب الشيوعية في دول المنظومة الاشتراكية التي انهارت مع نهاية الحرب الباردة. ويستطرد بخصوص ذلك “أن تلك البلدان الاشتراكية عادت إلى تاريخها الخاص الذي سبق التحاقها بالاشتراكية، ناهيك بانتهاج أنظمتها السياسية لما بعد الحرب الباردة سياسات المصالحات الوطنية، وفي هذا السياق ذهبت كل من الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية إلى الوحدة، وليس كما تقول الدعايات المغرضة والمضللة ضد الحزب الاشتراكي اليمني إنه هرب إلى الوحدة”.

واستدرك “هذه الوحدة – مع الأسف الشديد – تمت بطريقة ارتجالية ومستعجلة وطموحات شخصية زعامية طمعاً في الحصول على مكانة تخليد في التاريخ، فطغى الشخصي على العام ومن دون إنجاز أي خطوة في المصالحات الوطنية المطلوبة لدى كل شطر، ومما يؤسف له أيضاً أنه تم دمج الدولتين في دولة واحدة تحت مسمى الجمهورية اليمنية بالتخلي عن كل نقاط القوة لدى جمهورية اليمن الديمقراطية، وعدم اشتمالها وتحديد مكانتها وفقاً لقيمتها في الدولة الجديدة”.

ويفضي السقاف في شأن قضية الوحدة والحرب والانفصال إلى أن اتفاقية الوحدة بالصيغة التي ذكرت، كانت صفقة خاسرة للجنوب وللشعب اليمني شمالاً وجنوباً، وصفي الأمر لمصلحة القوى التقليدية العسكرية منها والدينية بتحالفاتها الخارجية إقليمياً ودولياً.

رفض الحرب

وعما يقال إن موقف الحزب الاشتراكي من الحرب اليمنية التي اندلعت في عام 2015 وما زالت مستمرة حتى اللحظة كان ضبابياً إلى درجة معينة، يدافع الأمين العام عن موقف حزبه من الحرب، مستعرضاً ذلك بالقول “موقف حزبنا من الحرب هو أننا بداية انتهجنا خطاً سياسياً معتدلاً، آخذين في الاعتبار ضرورة الوقوف ضد الانقلاب (انقلاب صالح والحوثيين على الشرعية) ورفض حسم الأمور بالحرب، ولذا كنا نرى تنفيذ اتفاق السلم والشراكة (اتفاق سياسي وقع بصنعاء في سبتمبر “أيلول” 2014 لتسوية الأزمة بين الحوثيين والسلطات والمكونات السياسية اليمنية) حلاً وسطاً وموضوعياً في الوقت ذاته بالنظر إلى طبيعة توازن القوة العسكرية والسياسية بين الفرقاء، وبحسب ما كنا نراه حينذاك، فإن القبول باتفاق السلم والشراكة وملحقه الأمني على تنفيذه سيمنع حدوث الانقلاب، وكانت بوادره واضحة للعيان، كما سيمنع نشوب الحرب.

ويضيف “عملنا على دعوة جميع الأطراف إلى عقد اجتماع في مقر الحزب الاشتراكي في صنعاء، وحضر إليه جميع الأحزاب السياسية الرئيسة، كما حضر ممثل لحزب المؤتمر الشعبي العام والحوثيون لمنع تفاقم الأحداث، غير أن اللقاء وبعد جلسات استمرت يومين فشلنا في الوصول به إلى أي اتفاق، وبدا أن أطرافاً عديدة حضرت وهي تظهر ما لم تكن تبطنه، وعندما تأكد لنا بعد ذلك أن جميع الأطراف مترددة في القبول باتفاق السلم والشراكة وكانوا قد وقعوا عليه، وجدنا أنفسنا أمام معطيات أن الانقلاب حدث فعلاً، كما كان حدسنا قوياً في توقع انفجار الحرب، ثم إننا استمررنا في الحيلولة دون أن تسقط البلاد في ما هو أسوأ، فنادينا إلى تأسيس تيار ثالث يقف على اتفاق السلم والشراكة ومخرجات الحوار الوطني، وتشكيل كتلة مدنية وشعبية وازنة تمنع قدر الإمكان استقطابات لقوى مجتمعية إلى جانب الانقلاب أو المواجهة بالحرب، بل إن الأخطر الذي كنا نخشى أن يتم خلال تلك الاستقطابات تمزيق النسيج الاجتماعي الوطني ولم ننجح كذلك في مسعانا هذا”. وتابع “في السابع من أبريل (نيسان) 2015 أعلن الحزب الاشتراكي مبادرة سياسية من ست نقاط وقدمناها للقوى السياسية في الداخل وذهبنا بها إلى الجامعة العربية، وبحكم عضويتنا في الاشتراكية الدولية عممناها على أحزاب هذه المنظومة غير أنه تم تجاهلها. هنا كان منطقياً وموضوعياً وسياسياً ألا يظل الحزب رافضاً الانقلاب والحرب، فقررنا أن نذهب إلى الاصطفاف مع الشرعية”.

مستجدات عميقة

وعن مآلات الحرب المستمرة منذ تسع سنوات ونتائجها المحتملة يقول “من الصعب الحديث عن نتائج الحرب الدائرة اليوم في اليمن وكأننا في عام 2015 من دون النظر إلى ما طرأ من مستجدات عميقة رسمت المشهدين السياسي والعسكري، على غير ما كانا عليه في السنوات الثلاث الأولى من الحرب 2015 إلى 2017، إذ كانت المواجهة حينها بين قوتين هما الشرعية في مواجهة الانقلاب طرفين رئيسين، وكان قرار مجلس الأمن رقم 2016 ومواده يؤطر طبيعة هذا الصراع ويحدد بوضوح قوى الشرعية من ناحية وقوى الانقلاب، والأخطار التي تشكلها الأوضاع غير المستقرة على اليمن على السلم والأمن الدوليين من ناحية أخرى”.

ويشير السقاف إلى أن المتغيرات التي طرأت خلال عام 2017 وأحدثت تعديلات جوهرية في ميزان القوة، فرقت بنود هذا القرار مع الوضع في الاعتبار طبيعة الوقائع المستجدة على الأرض، وعلى ذلك فإن هذا القرار الأممي وغيره من قرارات مجلس الأمن التي تلته في حاجة إلى قراءة جديدة بمنهج مختلف عن منهجية القراءة السابقة له، التي كانت تعبر عن المواجهة بين الشرعية المعترف بها دولياً والانقلاب الذي تم بتحالف الحوثيين والرئيس السابق صالح، مبيناً أن القراءة المنطقية والموضوعية الجديدة ترتكز على الحقائق التي طرأت على المشهد السياسي وأهمها مقتل صالح وتفكك تحالفه مع الحوثيين وانفراد الحوثيين بكل السلطة ومن دون منافس في المناطق التي يسيطرون عليها، وأصبحوا أكثر حرية في بناء مشروعهم السياسي المرتكز على أيديولوجيتهم المذهبية وتحالفاتهم الخارجية.

مشاريع سياسية جديدة

ويكشف السقاف في حديثه في شأن مصير الحرب اليمنية المستمرة عن “وجود مشاريع سياسية تمخضت عن جملة الصراعات في خطوطها الرئيسة بإرساء عدد من الحقائق من الناحية السياسية، وليس هذا فحسب بل إنها ستتحكم بمستقبل اليمن وما بعد الحرب، وفي كيفية تشكل الدولة اليمنية القادمة، وهي تكمن في ثلاثة مشاريع، الأول يتبناه دعاة بناء دولة يمنية اتحادية مدنية على أساس مخرجات الحوار الوطني الشامل، ووضع مسودة الدستور المستخلصة من تلك المخرجات للاستفتاء الشعبي، وعلى مسار تقدم تاريخي تمثله القوى السياسية المنضوية تحت الشرعية والقوى السياسية التي شاركت في مؤتمر الحوار، فيما هناك مشروع دعاة إعادة صياغة اليمن من خلال تشكيل دولة على قاعدة مذهبية أي دولة ثيوقراطية في سياق التشيع، الذي تحول إلى مذهب مسيس وأيديولوجيا راديكالية كما هي التجربة الإيرانية ويمثلها الحوثيون، أما المشروع الثالث فيتصدره دعاة استعادة الدولة الجنوبية بحدودها قبل الـ22 من مايو 1990 وعنوانها السياسي اليوم القضية الجنوبية أو قضية شعب الجنوب، ويمثل هذا الخط المجلس الانتقالي، لكن ثمة مكونات سياسية من الحراك الجنوبي لا تتفق معه”.
حكومة التوافق

يشارك الحزب الاشتراكي في الحكومة اليمنية الحالية بحقيبتين وزاريتين هما وزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة المياه والبيئة، علاوة على مناصب قيادية أخرى في الحكومة منها نائب وزير النقل وأمين عام مجلس الوزراء.

ويلفت الأمين العام للحزب الاشتراكي إلى أن الحكومة الحالية تشكلت على قاعدتي الشراكة السياسية التوافقية على قاعدة المناصفة شمال/جنوب بموجب اتفاق الرياض (الخامس من نوفمبر “تشرين الثاني” 2019)، وفي هذا السياق جاءت مشاركة الحزب الاشتراكي في هذه الحكومة، منوهاً بالإنجازات التي حققتها في إعادة البناء المؤسسي للحكومة وتنفيذ الأولويات المتطلبة في المهام ذات الصلة في تحديد العلاقات المؤسسية مع المؤسسات والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية المانحة.

ويرى السقاف أن الحكومة الحالية عملت على تنفيذ وتطبيق ما جاء في اتفاق الرياض بخاصة في البنود التي تعني عملها، مضيفاً أن الحكومة تواجه عدداً من الاستعصاءات ومواجهات تتنامى شراستها مع قوى كرست مصالح أصبحت تصطدم بالخطط التصحيحية للحكومة. وختم حديثه بالقول “تنامى الفساد وتطور خلال حكومات ما بعد الحرب وبلغ أوج قوته حالياً، فتزايدت رقعة الفساد في مؤسسات الدولة وغابت أجهزة الرقابة والمحاسبة، وثمة عدة أمور أخرى أدت إلى سوء الأحوال المعيشية في البلاد”.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات