أم تي آي نيوز / إرم
أكد المستشار السياسي والإعلامي لرئيس وزراء اليمن علي الصراري، أنه لا يستبعد تجدد الحرب بسبب تعنت ميليشيا الحوثي ورفضها المضي في طريق السلام وخدمتها الأهداف الإيرانية.
وقال الصراري في حوار خاص مع “إرم نيوز” إنه “لا وجود لمفاوضات مباشرة بين السلطة الشرعية والحوثيين، الذين لا يعترفون بوجود طرف يمني مقابل لهم، ما يعد أكبر تعقيد يقف أمام عملية التفاوض من أجل تحقيق السلام في اليمن”.
وأوضح أن “الحكومة اليمنية الشرعية ليست جزءًا من التحالف الدولي لمواجهة الحوثيين في البحر الأحمر، ولم تعط موافقتها على الانضمام إليه”.
وأشار المستشار إلى أن “النشاط الإرهابي الذي تقوم به ميليشيا الحوثي في البحر الأحمر باستهداف السفن التجارية، يأتي لخدمة الأهداف الإيرانية في تحسين شروط التفاوض بينها وبين الغرب فيما يخص ملفها النووي والعقوبات المفروضة عليها، ومحاولة لتحسين سمعتهم أمام الرأي العام ووضع اليمن أمام مجابهة دولية لا قبل له بها”.
وأكد الصراري “محدودية أثر الضربات الجوية الأمريكية البريطانية على مواقع الحوثيين، ما يفرض اعتماد إستراتيجية جديدة تقوم على اتخاذ موقف حقيقي وجاد وليس مزدوجًا، تكون قاعدته مجابهة حقيقية ضد الحوثيين على الأرض بما يمكن من تعديل ميزان القوى، وبالتالي إجبار ميليشيا الحوثي على أن تأتي إلى السلام وإلا سيكون أمامها المصير الواضح وهو السقوط بشكل كامل”.
وفيما يأتي تفاصيل أوفى:
- إلى أين وصلت مفاوضات السلام مع الحوثيين؟ وهل يمكن أن نشهد تجدد الحرب؟
لا توجد مفاوضات مباشرة بين السلطة الشرعية والحوثيين، وما يدور هو في الواقع اتصالات تجري بين المملكة العربية السعودية والعمانيين من جهة والحوثيين من جهة أخرى، وفي هذه الاتصالات جرى البحث في خريطة طريق لحل الصراع في اليمن، لكن حتى الآن لم تنته هذه الاتصالات إلى نتيجة نهائية ولا يزال الوضع جامدًا إلى حد ما وخاصة بعد الهجمات التي يشنها الحوثيون على سفن التجارة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي.
وأعتقد أن الحكومة اليمنية الشرعية تترقب هذه المفاوضات باهتمام كبير ولكنها في الواقع لا تعتبر نفسها طرفًا في هذه المفاوضات خاصة أن ميليشيا الحوثي لا تزال حتى هذه اللحظة ترفض التواصل مع الحكومة الشرعية وبحث موضوع السلام معها وهي لا تعترف بوجود طرف يمني مقابل لها وهذه ربما أكبر تعقيد يقف أمام عملية التفاوض من أجل تحقيق السلام في اليمن.
وبخصوص فرضية تجدد الحرب فلا شيء مستبعدا، فالجهود الدولية تصطدم في الواقع بتعنت ميليشيا الحوثي ورفضها السير في الطريق الحقيقي المفضي إلى السلام، ولهذا لا أعتقد ان احتمال الحرب لا يزال احتمالا قائما، خاصة أن الميليشيا تراهن حتى هذه اللحظة على أن الحرب هي التي تستطيع من خلالها أن تحقق أهدافها، وهي الآن تحاول أن تستثمر الحرب القائمة في غزة للتجييش وللتجنيد من أجل أن تخوض حربا داخلية قادمة.
- نشاط إرهابي يشهده البحر الأحمر وخليج عدن من قبل ميليشيا الحوثي الإرهابية، ما موقف الحكومة الشرعية من هذا الأمر؟ وهل هناك خطوات تنسيقية مع التحالف العالمي لمواجهته؟
هذا النشاط الإرهابي الذي تقوم به الميليشيا في البحر الأحمر يعرّض اليمن لمخاطر كثيرة ويضعه أمام مجابهة دولية لا قبل له بها، وهي تأتي تحت مزاعم غير حقيقية كما تبررها لهذه الممارسات التي تقوم بها في البحر الأحمر بأنها إسناد لغزة، لكن في الواقع لا يقدم الحوثيون لغزة شيئا على الإطلاق.
ما قدموه هو أضرار أصابت اليمن وأصابت الدول العربية المطلة على البحر الأحمر، وبالذات المملكة العربية السعودية والأردن وبدرجة رئيسة مصر التي انخفضت عائداتها من قناة السويس بنسبة 50%، أما غزة فلم تكسب شيئا، وإسرائيل لم يلحقها الضرر، لأن لديها البدائل التي تمكنها من الحصول على ما تريد عبر موانئها الشمالية وعبر الطرق البرية التي لا تزال حتى الآن توصل كل ما تحتاجه إسرائيل بسهولة.
هذه مجرد ذريعة يستخدمها الحوثيون لاستغلال الحالة العاطفية لدى الشعب اليمني الذي يتألم مثله مثل الشعوب العربية مما يجري في قطاع غزة، ولكن الواقع فإن لدى الحوثيين أهدافا أخرى مثل: محاولة تحسين سمعتهم أمام الرأي العام وقد نجحوا إلى حد معين في كسب تغيرات مهمة في الرأي العام المحلي والعربي إلى جانبهم.
ولكن أعتقد أن هذه المسألة لا يمكن أن تؤدي إلى اختلاف كبير وحقيقي في موازين القوى، وبالتالي فإن ما يفعله الحوثيون هو لأهداف ذاتية لديهم تتعلق بالمكاسب السياسية التي يطمحون إليها، وأيضا تتعلق بتحقيق الأهداف الإيرانية في تحقيق شروط التفاوض بينها وبين الغرب فيما يتعلق بملفها النووي والعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران.
الحوثيون في هذه العملية مجرد أداة بيد إيران ولا يمكن بأي حال من الأحوال كما هو واضح تماما أن يقدموا شيئا للقضية الفلسطينية سوى دعاية زائفة لا قيمة ولا معنى لها.
وفي الجانب الآخر من السؤال الحكومة اليمنية الشرعية ليست جزءًا من هذا التحالف، وهي حقيقة لم تعط موافقة على هذا التحالف لأنه في الواقع ليس مقنعا للحكومة الشرعية بل وللأطراف الأخرى المطلة على البحر الأحمر، لأنه يحمل بعض الشكوك فيما يتعلق بالنوايا الحقيقية لمثل هذا التواجد الدولي في البحر الأحمر.
نحن نرى أن الطريق لمجابهة هذه المخاطر هو في منع وصول الأسلحة المهربة من إيران للحوثيين، وبالتالي دعم الحكومة الشرعية لكي تتصدى لهذه الجماعة وتستعيد السيطرة على المناطق المطلة على البحر الأحمر وبالذات موانئ الحديدة الثلاثة التي استخدمها الحوثيون سواء في جلب الأسلحة أو في شن الهجمات على الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
- إلى أي مدى ترون أن الضربات الأمريكية المتتالية قادرة على وقف الهجمات الصاروخية الحوثية؟
فعلا هناك هجمات أمريكية بريطانية تستهدف مواقع للحوثيين ومناطق تنطلق منها الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، وأيضا هناك زوارق تدفع من جانب الحوثيين إلى مياه البحر الأحمر لتهديد الملاحة الدولية، وهذه الضربات في الواقع قد تكون مؤثرة إلى حدّ ما في إضعاف القدرات العسكرية للحوثيين لكنها ليست مؤثرة إلى درجة كبيرة؛ لأن الحوثيين يحصلون على الأسلحة التي تعوضهم عن الخسائر جراء هذه الضربات.
ولهذا نعتقد أنّه لا تزال هناك إمكانيات أو قدرة للحوثيين لأن يستمروا في هذا التهديد للملاحة الدولية في البحر الأحمر خاصة أن السياسة الأمريكية حتى الآن ليست فعالة في مجابهتهم، لأنها تقوم بأعمال دفاعية وليس بعمل يستهدف في النهاية القضاء على القدرات الحوثية بالكامل وإخراجها من إطار المواجهة.
ولهذا السبب أعتقد أن هذه الضربات لا يمكن أن تؤدي إلى نتيجة ما لم يكن البديل دعم الحكومة الشرعية في استعادة الحديدة التي كانت على وشك أن تسقط بيد القوات التابعة لها عام 2018.
فالمسألة تتطلب بدرجة رئيسة اعتماد إستراتيجية جديدة تقوم في الأساس على اتخاذ موقف حقيقي وجاد وليس مزدوجا كما هو حاصل الآن من جانب الولايات المتحدة في القيام بضربات محدودة، فيما تفاوض في الوقت نفسه وتحاول أن تغري الحوثيين بمكاسب معينة، وهذا في الواقع لا يؤدي إلا إلى فتح شهية الحوثيين للحصول على المزيد من المكاسب.
ولهذا نعتبر أن الأمر يتطلب اعتماد إستراتيجية جديدة تكون قاعدتها مجابهة حقيقية ضد الحوثيين على الأرض بما يمكّن من تعديل ميزان القوى، وبالتالي إجبار الجماعة الحوثية على أن تأتي إلى السلام وإلا سيكون أمامها المصير الواضح وهو السقوط بشكل كامل.
- من وجهة نظركم ما التداعيات التي يمكن أن تنتج عن التصعيد الصاروخي بين القوات الغربية وميليشيا الحوثي؟ وما الأضرار التي سيتسبب فيها التصعيد الحوثي على مستوى الملاحة البحرية؟
من المؤكد أن الميليشيات الحوثية استفادت من هذه المجابهة المحدودة بالقيام بأعمال دعائية واسعة يساعدها في ذلك الآلة الدعائية لإيران ولميليشيا حزب الله لتصوير هذه الميليشيات باعتبارها قوة مجابهة ومقاومة لأمريكا وإسرائيل، والواقع أنه من الناحية المعنوية والدعائية كسب الحوثيون أشياء كثيرة ولكن من جهة أخرى دخلوا الآن بمقامرة كبيرة ربما تقود إلى المزيد من التداعيات، وربما إلى إحداث تغييرات في السياسة الدولية التي تجد أن الحوثيين يلحقون أضرارا بالغة بالمصالح الدولية.
هذه المصالح لا تخص أمريكا وإسرائيل فقط ولكن تمس العالم بأسره، حتى تلك الدول التي تصنفها وتعتبرها ميليشيا الحوثي متعاطفة معها، مثل: الصين وروسيا، أيضا أصابها الضرر، وهناك سفن صينية وروسية تعرضت لضربات من جانب الحوثيين، ولهذا نقول إن استمرار هذه الخسائر واستمرار هذه الأضرار للاقتصاد العالمي سيؤدي في الأخير إلى تشكل موقف دولي سيقود فعلا إلى محاصرة هذه الجماعة.
- لا يزال الانقسام المصرفي ساريا بما يؤثر على التوجهات الاقتصادية للحكومة الشرعية والشعب اليمني الذي ناله النصيب الأكبر من الضرر.. ألا يدعو ذلك لبدء إجراءات حكومية لتحييد البنك المركزي التابع للميليشيا الحوثية؟
الانقسام المصرفي ناجم أساسا عن التصرفات اللامسؤولة التي قام بها الحوثيون من خلال صرف الاحتياطي النقدي الذي كان متوفرا في البنك المركزي في صنعاء والذي كان يمثل أكثر من 5 مليارات دولار قامت ميليشيا الحوثي بالاستيلاء عليه واستخدام جزء كبير منه في تمويل مجهودها الحربي.
وطبعا كان لا بدَّ للحكومة أن تتخذ إجراء فيما يتعلق بنقل البنك المركزي إلى عدن، ولكن نحن نعرف تماما أن هذه المسألة ليست سهلة، فهي قضية معقدة ولكن مع ذلك تحاول الحكومة اليمنية العمل بكل جهد من أجل تجاوز هذا الانقسام والوصول مرة أخرى إلى توحيد السياسة المالية لليمن وتوحيد البنك المركزي.
يجب أن تكون الإجراءات باتجاه تحرير هذا الجهاز من أيدي الحوثيين، وهذه خطوة أولى لا بد أن تؤدي في النهاية إلى محاصرة ميليشيا الحوثي وإبعاد سيطرتها عن القطاع المصرفي ما سيؤدي إلى حدوث تحسن في الأداء الاقتصادي والمالي.
- إلى أين وصل ملف تبادل الأسرى بين الحكومة الشرعية والحوثيين خاصة أنه لم يتم حتى الآن استكمال مبدأ تبادل الكل مقابل الكل والإفراج عن جميع الأسرى؟
لا شك أن موضوع الأسرى هو جانب مهم في الأزمة الإنسانية التي يشهدها اليمن، فهناك آلاف من الأسرى والمختطفين ولا تزال الجماعة الحوثية تحاول ممارسة الابتزاز من خلال استخدام هذه الورقة مع عدم اتخاذها مواقف حقيقية وجادة تؤدي إلى إنهاء هذا الملف، ونحن نعرف أن ميليشيا الحوثي اعتقلت واختطفت الكثير من المدنيين والمنتمين إلى التنظيمات السياسية أو الذين يمارسون حقوقهم في النشاط الفكري والإعلامي وهم بأعداد كبيرة، تريد أن تقايض هؤلاء بأسراها من المقاتلين.
وأعتقد أن على المنظمات الدولية والأمم المتحدة ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن أن يستعيدوا الفعالية والتحرك باتجاه تحريك هذا الملف لإنقاذ هؤلاء المعتقلين والمختطفين والوصول إلى الحل المنشود المتمثل بتصفير السجون منهم.
- أكثر من 3000 يوم ومدينة تعز تشكو من حصار الميليشيا الحوثية وكان هناك مبادرات لفتح الطرق والمنافذ.. ماذا اتخذت الحكومة اليمنية لمواجهة هذا الوضع؟
وضع مدينة تعز وحصارها خلال هذه الفترة الطويلة يعطي فكرة حقيقية عن طبيعة هذه الميليشيا الإرهابية وعن عدم صحة مزاعمها بأنها تدعو إلى فك الحصار عن غزة، فلو كانت تهتم فعلا بمصالح الناس ومصالح المواطنين لكانت استجابت لكافة الجهود الأممية والدولية، خاصة أن هناك نصوصا واضحة في اتفاقية ستوكهولم تلزمها بفك الحصار وفتح الطرقات المؤدية إلى مدينة تعز.
ولكن الميليشيا لا تزال مصممة حتى اللحظة على إبقاء المدينة تحت الحصار وعدم الموافقة على فتح الطرق الرئيسة إلا بما يخدم مشروعها العسكري في تشديد الضغط والحصار لهذه المدينة، والحكومة اليمنية تدعم في كل الأحوال أيّ مبادرات لفتح الطرقات، لكنها في الوقت نفسه لا يمكن أن تقبل ببعض العروض الحوثية التي تحاول تحويل فتح الطرق إلى استثمار في الجانب العسكري لتشديد الحصار والخناق على المدينة.
- تتزايد انتقادات اليمنيين لمستوى أداء الحكومة اليمنية مطالبين إياها بالفاعلية وتحسين أوضاعهم الاقتصادية المنهكة بفعل الحرب.. هل يمكن أن تلبي الحكومة هذه المطالب؟
الجانب الاقتصادي في الأزمة اليمنية مهم جدا لأنه يلحق أضرارا بالغة في أوساط شعبية واسعة داخل البلاد، ونحن نعرف تماما أن حالة الفقر تزايدت والاحتياجات الإنسانية صارت كبيرة جدا، وهناك ملايين اليمنيين في المناطق المختلفة لا يجدون حتى هذه اللحظة الخدمات ولا فرص العمل، وذلك بسبب هذه الحرب التي طالت كثيرا.
وكانت الحكومة الشرعية تقوم بالحد الأدنى من الواجبات من خلال ما تجنيه من عائدات بيع الغاز والنفط، ولكن منذ أكثر من عام قامت ميليشيا الحوثي بضرب موانئ التصدير في حضرموت وشبوة وهذا أدى إلى توقف عملية التصدير، وبالتالي توقف الدخل من العملة الصعبة الذي كان يخدم النشاط الاقتصادي للبلد ويساعد الحكومة الشرعية على توفير الحد الأدنى من الخدمات بل ويساعد في توفير الرواتب.
والحكومة اليمنية لا تزال حتى هذه اللحظة تعمل بكل جهد من أجل أن تفي بالحد الأدنى من واجباتها، وفي هذا الصدد هي تتلقى دعمًا مهمًّا من جانب المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن الاحتياجات كبيرة جدا، والحكومة لا تدخر أيّ جهد في البحث عن موارد وفي أن تجند هذه الموارد في خدمة المواطنين ومن أجل توفير الخدمات أو الحد الأدنى منها.