« أم تي آي نيوز » أوسان بن سدة
استهجن البعض وسخر آخرون من تصريحات اللواء #عيدروس_الزُبيدي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، غير أنني هذه المرة أتفق معه وبشدة فيما قاله عن رغبة مناطق من تعز ومأرب بالانضمام إلى الجنوب. فهذه الدعوة ليست انفعالًا سياسيًا، بل إحياء لحقائق تاريخية وجغرافية أُقصيت عمدًا من الوعي في أعقاب يمننة الجنوب العربي .
فالمناطق المستقطعة من سلطنات الجنوب العربي،كحريب الإشراف، وجوف نهد، ووادي ابرد (عبيدة ) التابعة للسلطنة الكثيرية، وسلطنة آل الرصاص ومشيخة الحميقاني في البيضاء، ومشيخة قعطبة ومريس التابعتين لسلطنة الأميري، ومشيخة القبيطة التي تُحكم إداريًا من عبادل لحج استولت عليها الإمامة الزيدية عبر مراحل متعاقبة من الحكم القاسمي والعثماني والمتوكلي وعوقبت بعضها من الإنجليز لامتناعها عن توقيع اتفاقيات الحماية، للترك فريسة لجيش الشامي.
وقد شكّل الحزام الشافعي، المتمثل في إقليم الجند (تعز وإب وتوابعهما) وكذلك تهامة، الامتداد الثقافي والمذهبي الطبيعي للجنوب العربي، قبل أن يُستخدم كمنطقة تهديد لقطع التواصل بين الجنوب وعمقه الحضاري.
وقد أدرك سلاطين يافع وحضرموت في القرون السابقة أهمية هذا الحزام، فاستخدموه بذكاء كمنطقة عزل تحمي الجنوب من اختراق القوى الزيدية وتحدّ من تمددها نحو السواحل والموانئ.
واليوم، يجب أن يُعاد توظيف هذا الامتداد الجغرافي بالمنطق نفسه ولكن بوعي سياسي معاصر، ليكون جدار توازن واستقرار يحمي الجنوب والجزيرة العربية بأسرها من تهديدات القوى الزيدية ومشاريعها المتحالفة مع النفوذ الإيراني والأطماع الخارجية.
إن ما يطرحه الزُبيدي ليس توسعًا جغرافيًا، بل رؤية استراتيجية تستحضر دروس التاريخ لإعادة هندسة التوازن الجيوسياسي في المنطقة، وتصحيح لخريطة يرسمها الوعي قبل أن ترسمها الجغرافيا.
#أوسانبنسدة
