الأحد, سبتمبر 28, 2025
الرئيسيةتغريدات و آراء و كتابتأرجح الملف اليمني في خارطة الاهتمامات الدولية

تأرجح الملف اليمني في خارطة الاهتمامات الدولية

« أم تي آي نيوز » كتب : صلاح بن فريد المحضار

يعد الملف اليمني واحد من أعقد الملفات في المنطقة وأكثرها تشابكا، وذلك نظرا لتعدد الفاعلين المحليين وتعارض مشاريعهم بمختلف طوابعها، وتداخل القضايا المحلية في بعضها، وفضلا عن ذلك تضارب المصالح الإقليمية والدولية المتصل به، وغياب الإرادة القوية، والرؤية الواضحة سواء الوطنية أو الإقليمية أو الدولية، المفترض توجيهها نحو حلحلة الأزمات المركبة فيه، مما جعل اليمن يبقى ساحة للصراع، وتصفية الحسابات من مختلف الأطراف على المستويات الثلاثة المحلية، والإقليمية، والدولية.

ورغم ما تتمتع به اليمن من أهمية استراتيجية من حيث الموقع والثروة، وما حملته الأزمة من تداعيات ألقت بظلالها على الإقليم والعالم، إلا أن الملف اليمني لم يكن حضوره ثابتا في خارطة الاهتمامات الدولية (لا في أولوياتها، ولا في أخروياتها) بل ظل رهين التأرجح بينهما، فتجده تارة يصعد في قائمة الأولويات، وتارة أخرى عكس ذلك، وربما قد يصل في بعض الأحيان إلى تصنيفه ملف هامشي من وجهة نظر بعض الدول.

وعليه فإن الملف اليمني يصعد في خارطة الاهتمامات الدولية التي تتشكل كل يوم (حسب الظروف والمصالح وغيرها من المحددات) يكون عندما تتجاوز تداعيات الأزمة حدود اليمن لتصل تأثيراتها إلى طرق باب المصالح العالمية، ومثلا لا حصرا لذلك: التهديدات التي طالت طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، وضرب مصادر الطاقة العالمية في بعض الدول المجاورة، وتفاقم الأزمة الإنسانية وما نتج عنها من هجرة غير شرعية، وبالإضافة إلى انتشار الجماعات الإرهابية وما تشكله من خطر مستقبلا قد يطال دول الإقليم والمصالح العالمية.

وفي المقابل يهبط الملف اليمني من قائمة أولويات دول العالم، أو قد يتلاشى أحيانا ليصبح ملف هامشي، وذلك انعكاس طبيعي لعدة عوامل مؤثرة في تشكيل خارطة الاهتمامات الدولية كوجود قضايا أكثر أهمية، وأزمات أكثر إلحاحا بالنسبة للدول والعالم، أو انشغال الدول بمصالحها وخططها الاستراتيجية، وترتيب اصطفافاتها وتحالفاتها.

ومن هذا المنطلق يمكننا القول ان الاهتمام الدولي بالملف اليمني ليس قائما على ما يعانيه الداخل بقدر ما هو قائم على التأثيرات الخارجية للأزمة، الأمر الذي جعل المجتمع الدولي يتعامل مع الملف اليمني من منطلق الحد من التداعيات الخارجية دون التعمق في الأزمة والبحث في جذورها والعمل على إيجاد حلول شاملة ومستدامة ، ونتيجة لهذا التعامل الدولي الغير دقيق، سرعان ما تعود التداعيات الخارجية وتستمر المخاطر وهنا لابد ان نستحضر أتفاق الأمريكان مع الحوثيين الغير مباشر(بواسطة سلطنة عمان) كدليل على أن هكذا تعامل لن يؤدي إلى حلول مستدامة، وهو الاتفاق الذي تم في مايو 2025م، المتضمن توقف الضربات الأمريكية على الحوثيين مقابل إيقاف استهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن…وكما أن التحول الدولي تجاه الملف اليمني وربطه بملفات أخرى، أو استخدامه كورقة للمقايضات الدولية هو الأخر ليس حلا مناسب، بل على العكس يزيد من تفاقم الأزمة ويطيل أمد تداعياتها الداخلية والخارجية ويترك الباب مفتوحا أمام عودة التهديدات وربما بأشكال جديدة.

ومن أجل ان نكون منصفين ولا نحمل المجتمع الدولي كل شيء لابد من الإشارة إلى ان أحد الأسباب التي أفضت إلى ان يتعامل المجتمع الدولي مع الملف اليمني بطريقة المذكورة آنفا هو غياب رؤية وطنية عادلة وشاملة يمكن أن تفرض نفسها وتحول الأزمة من دائرة إدارة المخاطر إلى دائرة الحلول المستدامة.

وبناء على ما سبق فإن مستقبل الملف اليمني في خارطة الاهتمامات الدولية سيظل رهين التأرجح طالما استمرت العوامل المؤثرة عليه، وستظل الأزمة اليمنية مستمرة طالما غابت الرؤية الوطنية الشاملة والعادلة لدى كل الأطراف، وكذلك استمرار الطريقة التي يتعامل بها المجتمع الدولي المقتصرة على التداعيات الخارجية للأزمة، الأمر الذي لا يجب ان يستمر كما هو، فالأطراف الداخلية باتت اليوم معنية أكثر من أي وقت مضى بتبني رؤية عادلة وشاملة يرافقها المزيد من التنازلات، والمجتمع الإقليمي والدولي هو الآخر يجب أن يقوم بدورة لاسيما والأزمة اليمنية باتت تتراوح في ضوء دائرة اهتماماته، وتكون طريقة تعامله تجاه الملف اليمني أكثر عمق وأكثر مسؤولية تبحث في الجذور وتدرس المراحل وتفرض الحلول الشاملة والعادلة والمستدامة، حتى يصبح اليمن المستقبلي عامل أساسي في استقرار المنطقة والعالم..

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات