« أم تي آي نيوز » كتب/اللواء/ علي حسن زكي
لقد بُني بيان مجلس القيادة الرئاسي على القرار رقم (9 لعام 2022م) بشأن نقل السلطة وتشكيله وتسمية رئيسه وأعضائه وصلاحياته وهيئاته المساعدة وفرقه، وفي مهام أخرى للمجلس الواردة في نهاية القرار: (تنتهي ولاية مجلس القيادة الرئاسي وفقاً للحل السياسي وإقرار السلام الكامل في كافة أنحاء الجمهورية أو عند إجراء الانتخابات العامة وفقاً للدستور الجديد وتنصيب رئيس الجمهورية الجديد).
وبقراءة ما ورد بالقرار يتضح أن ولاية المجلس والشراكة مفتوحة لعدم وجود أي أفق للحل السياسي أو إعداد الدستور أو انتخاب رئيس جمهورية، ناهيك عن كون شعب الجنوب يرفض ذلك جملة وتفصيلاً ويتمسك بتحقيق هدفه: استعادة دولته الجنوبية كاملة الحرية والسيادة والاستقلال، وبحدودها الدولية المتعارف عليها حتى 22 مايو 1990م، وبدستور وحكومة ورئيس جمهورية جنوبي.
لقد أكد بيان المجلس على وحدة وتماسك المجلس، وإعلاء مبدأ المسؤولية/ القيادة الجماعية والتوافق، وتكليف الفريق القانوني بمراجعة (القرارات الصادرة عن المجلس ابتداءً منذ العام 2022م غير المتوافقة مع القرار رقم 9 خلال مدة 90 يوماً) والبدء فوراً بمراجعة ما (صدر من تعيينات عن عضو المجلس الرئاسي عيدروس الزبيدي) والرفع بنتائج الدراسة والتوصيات حيالها إلى المجلس الرئاسي لاتخاذ ما يراه بشأنها بشكل عاجل، إلى نهاية ما ورد في البيان.
وبشكل عام أتوقع – وإن شاء الله أكون مخطئاً – أن تضيف الشرعية مستقبلاً إلى ما تسميه بالمرجعيات الثلاث القرار رقم 9 لعام 2022م (ما ورد في نهايته مهام أخرى المشار إليها أعلاه)، والبيان الصادر في 8 سبتمبر 2025م قد يسمونه أيضاً (صورة تنفيذية للبيان). وفي التفاصيل، ومن خلال قراءة ما ورد في البيان، يتضح أيضاً:
أن (وصف ما صدر منذ العام 2022م بالقرارات وصادرة عن “مجلس القيادة الرئاسي”، ووصف ما صدر في سبتمبر الحالي 2025م “بالتعيينات” وصادرة عن “عضو المجلس عيدروس الزبيدي”) ليس مجرد تلاعب بالألفاظ أو جعلها حمّالة أوجه وحسب، ولكن تثبيت لما يعنيه قرار وما يعنيه تعيين، وبين صادر عن المجلس وعن عضو. وقد يتكئ على ذلك الفريق القانوني عند المراجعة والتوصيات والرفع، وقد يتكئ عليه طرف الشرعية عند الإقرار، “خبث سياسي محسوب”. هذا ناهيك عن خلال “90 يوماً” سياسية النفس الطويل و”البدء فوراً” النفس القصير، والقصد واضح.
وفي ذات السياق، ولتفهم ما أسلفنا ذكره وللتأمل: (ومن واقع تجربتنا في الحوار الوطني مع الشماليين)، أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر – وكنت أحد أعضائها – شكلت فريقاً من أعضائها لإعداد النظام الداخلي للمؤتمر، أسس وضوابط الحوار. وقد كنت أحد أعضائه إلى جانب زملاء جنوبيين منهم رئيس الفريق صالح باصرة، وراقية حميدان، ولطفي شطارة، حيث تعاضدنا في تثبيت قوام المؤتمر على قاعدة الندية (50% جنوب و50% شمال).
وعند عرض المشروع على اجتماع اللجنة التحضيرية، اعترض عبدالوهاب الأنسي واقترح تعديل ذلك بـ (50% محافظات شمالية و50% محافظات جنوبية). وبعد نقاش (كان موقف الدكتور ياسين نعمان راجحاً لجهة جنوب وشمال) تم التأجيل لجلسة اليوم الثاني.
وفي اليوم الثاني، أحضرت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية موقعين عليها كل أمناء عموم الأحزاب بما فيهم الأنسي – أمين عام الإصلاح – وفيها سطر يقول: حل القضية الجنوبية حلاً عادلاً بما يرتضيه شعب الجنوب. واستندنا على (شعب الجنوب) وتم تمرير النص كما هو بالمشروع وإقراره.
وعلى ذات الصعيد، اختار مؤتمر الحوار من بين أعضائه فريقاً لإعداد ضمانات تنفيذ مخرجات الحوار، برئاسة الدكتور عبدالملك المخلافي – وهو الآن نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة – وكنت أحد أعضاء الفريق. وقد أراد أن يكتب في الضمانات “محافظات شمالية ومحافظات جنوبية”، وواجهته بما ورد في النظام الداخلي للمؤتمر.
وفي الحالتين – وهنا بيت القصيد من إيراد تجربتنا – حاول كل من الأنسي والمخلافي تثبيت “محافظات جنوبية ومحافظات شمالية” بدلاً عن “جنوب وشمال” لإسقاط الندية والمناصفة في أي استحقاقات قادمة، بحيث ستكون الحصة – وبحسب عدد المحافظات – ثلثاً للجنوب وثلثين للشمال (حسابات سياسية مستقبلية).
وبصورة عامة، فإن الساسة الشماليين يتمتعون بالدهاء والخبث السياسي ويحسبون للقادم، فيما الساسة الجنوبيون لا يلتفتون لذلك ويتمتعون بالطيبة والعاطفة ويفكرون بالحاضر. وبينهما ربما كفاءة المطبخ.
وفي كل الأحوال، فإن الأهم من كل ذلك – واللافت أيضاً – أن الأمر قد تم اختزاله بشراكة وتوافق، وكأن أحوال الناس المعيشية والخدمية والماء والكهرباء والتعليم والصحة والأسعار والمرتبات على ما يرام، ولا ينقصهم غير المناصب.
