« أم تي آي نيوز » ياسر اليافعي
من يتابع تسلسل الأحداث في الشرق الأوسط منذ احداث أكتوبر 2023 يدرك أن ما يجري ليس مجرد تفاعلات عفوية أو تطورات معزولة، بل هو جزء من مخطط استراتيجي واسع يبدو أنه وُضع منذ سنوات طويلة، وبدأ تنفيذه بدقة متناهية.
كانت البداية المفصلية في 7 أكتوبر، حين اندلعت المواجهات في مناطق غلاف غزة، لتكون الشرارة التي فجّرت مرحلة جديدة من إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة. ما أعقب ذلك من شلٍ لقدرات الفصائل المسلحة في القطاع، عبر ضربات عسكرية مركّزة، كشف أن الهدف لم يكن فقط وقف التصعيد، بل تحييد الفصائل كأذرع إيرانية نشطة على حدود إسرائيل.
ثم جاءت مرحلة تحجيم حزب الله، ليس فقط عبر الضغوط السياسية أو العسكرية المحدودة، بل بعمليات نوعية طالت كوادره وقياداته، وصولاً إلى استهداف رمزه الأبرز، حسن نصر الله، الذي لطالما مثّل الواجهة الدعائية والعقائدية لمحور إيران في المنطقة.
الضربة التالية كانت في الساحة السورية، حيث سقط نظام بشار الأسد بشكل دراماتيكي غير متوقع، في مشهد أعاد خلط الأوراق على الساحة الإقليمية، ووجه ضربة موجعة للنظام الإيراني الذي اعتبر سوريا لعقود جزءًا لا يتجزأ من عمقه الاستراتيجي.
تزامن ذلك مع استهداف مباشر لمليشيا الحوثي في اليمن، عبر ضربات موجعة شلّت قدراتها العسكرية، خاصة تلك المرتبطة بالممرات المائية الحيوية. هذه الضربات التي قادتها الولايات المتحدة، كانت تحمل رسائل حازمة تتجاوز اليمن، لتصل إلى طهران نفسها.
ثم كان استهداف إيران بذريعة قدراتها النووية، وهي الذريعة ذاتها التي طالما استخدمت كخط أحمر في العلاقات الدولية. إلا أن هذه المرة، كان التنفيذ مختلفًا، دقيقًا، وموجّهًا نحو مراكز حساسة، ما يؤكد أن المرحلة دخلت طور المواجهة المباشرة.
وبحسب معطيات الواقع، فإن المرحلة المقبلة قد تشهد محاولة حقيقية لإسقاط النظام الإيراني نفسه، أو على الأقل، تفكيك قدراته الأمنية والعسكرية والعقائدية التي تمددت لعقود عبر أذرع متعددة في دول المنطقة.
ومع كل ذلك، يظل الغموض يكتنف المرحلة التالية. فهل هي مرحلة إعادة الإعمار السياسي؟ أم إعادة تموضع للقوى العالمية؟ أم أنها بداية لمشهد إقليمي جديد؟ وحدها الأيام كفيلة بكشف تفاصيل المخطط الكامل.
