« أم تي آي نيوز » متابعات
أعلن الرئيس فلاديمير بوتين حاجة البلاد إلى وضع “برنامج أسلحة الدولة الجديد للفترة 2027-2036” لمجمع الأسلحة “الواعدة”، مع الاستفادة القصوى من خبرات العملية الروسية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وفي ظل مراعاة تطوير التقنيات الحديثة.
على رغم أن روسيا دخلت عامها الرابع منذ إعلانها “العملية العسكرية الخاصة” ضد أوكرانيا في الـ24 من فبراير (شباط) 2022، ومع انشغالها بتوفير ما تحتاج إليه هذه العملية من أسلحة ومعدات عسكرية، في مواجهة الولايات المتحدة وما يزيد على 50 دول غربية، تظل تحتفظ بموقعها في أسواق السلاح العالمية كواحدة من الخمس الكبار في هذا المجال.
ولا تزال روسيا تواصل تطوير أسلحتها الجوية والفضائية، وتضع خطة أولوياتها في اجتماع عقده الرئيس فلاديمير بوتين للنظر في “المعايير الرئيسة لمشروع برنامج الأسلحة الحكومية للفترة 2027-2036″، وهو الاجتماع الذي أعلن فيه بوتين قراره بإنشاء أنظمة دفاع جوي جديدة لمواجهة المتغيرات التي طرأت على الأوضاع العسكرية والسياسية الأخيرة، وما تمليه الظروف القتالية الحقيقية خلال المعارك التي خاضتها القوات الروسية في سوريا منذ بدأ سلاح الجو عملياته هناك في سبتمبر (أيلول) 2015، وتخوضها اليوم في أوكرانيا منذ 2022.
أنظمة دفاع جوي جديدة
في اجتماعه الذي عقده في الكرملين وحضره النائب الأول لرئيس الوزراء دينيس مانتوروف، ووزير الدفاع أندريه بيلوأوسوف، ومساعد الرئيس ألكسي دومين، ووزير الصناعة والتجارة أنطون أليخانوف، ووزير المالية أنطون سيلوانوف، ونائب وزير الدفاع ألكسي كريفوروتشكو، وقائد قوات الصواريخ الاستراتيجية سيرغي كاراكاييف، والقائد العام للقوات البرية أندريه موردفيتشيف، والقائد العام للبحرية ألكسندر مويسيف، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين حاجة البلاد إلى وضع “برنامج أسلحة الدولة الجديد للفترة 2027-2036” لمجمع الأسلحة “الواعدة”، مع الاستفادة القصوى من خبرات العملية الروسية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وفي ظل مراعاة تطوير التقنيات الحديثة.
وأكد الرئيس الروسي أن ما يطرحه من برنامج تطوير وتحديث القوات المسلحة للفترة المذكورة سيكون المعيار الرئيس لتطوير أنظمة الأسلحة للقوات المسلحة لروسيا الاتحادية، وذلك إلى جانب أنه من المهم حساب الحاجات مسبقاً، والبدء في إعداد البنية التحتية لنشر أنظمة الأسلحة الجديدة، بما في ذلك القواعد العسكرية والترسانات والمطارات وغير ذلك من المجالات. كما أنه من المطلوب وبطبيعة الحال، تحديد الموارد المالية اللازمة لبناء وتحديث هذه المرافق في برنامج الدولة ذي الصلة في خط منفصل، وذلك فضلاً عن أنه من الواجب في هذا الصدد أن يصبح برنامج الأسلحة الحكومي الجديد أهم أداة لتشكيل نوعية وأنظمة جديدة من الأسلحة الروسية في العقد الرابع من القرن الـ21.
هنا أوضح بوتين أن أحد المجالات ذات الأولوية لتطوير القوات الجوية والفضائية هو إنشاء أنظمة دفاع جوي جديدة، مضيفاً أن أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات الروسية كثيراً ما كانت فعالة وموثوقة، وأكدت تماماً خصائصها العالية في الوضع القتالي الحقيقي خلال العمليات في سوريا.
لم يتوقف بوتين عند هذا الحد، بل قال “إنه يجب تسليح القوات الروسية لدى تنفيذها للعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا بأحدث أنظمة الدفاع الجوي”، مشيراً إلى أن مفهوم تطوير قوات الفضاء الجوي حتى عام 2030، الذي وافق عليه في أوائل أبريل (نيسان) الماضي، يأخذ في الاعتبار المتغيرات في الوضع العسكري والسياسي على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وفي نهاية مارس (آذار) الماضي، أجرت القوات الجوية الروسية تجارب واختبارات لأحدث مجمع للصواريخ والبنادق ومنظومة الدفاعات المضادة للطائرات (بانتسير أس أم)، التي يصل نطاق هدفها إلى 40 كم، وذلك فضلاً عن المسيرات بمختلف أشكالها وأنواعها البرية والجوية والبحرية، التي أقرها بوتين كسلاح مستقل ضمن القوات الروسية.
تطوير الطيران
لم يكن الرئيس بوتين ليغفل الاهتمام بقطاع الطيران في إطار تطوير قوات الفضاء الجوي الروسية، الذي حظي من جانبه باهتمام كبير، معتبراً هذه القوات عنصراً رئيساً لضمان القدرة الدفاعية للبلاد. وتقول المصادر الروسية إنه وفي إطار هذه الاستراتيجية، يجري تحديث أنظمة الطيران والدفاع الجوي والصاروخي، فضلاً عن تطوير البنية التحتية الفضائية.
وأشارت المصادر إلى ما تقوم به روسيا من إنتاج وشراء الطائرات وطائرات هليكوبتر جديدة، إلى جانب ما ينتظر من تحديث للطائرات الموجودة حالياً في الخدمة، فضلاً عن الاهتمام المكثف والخاص بالجيل الخامس من مقاتلات سو-57، وكذلك طائرات الهليكوبتر الهجومية (كا-52 أليغاتور) أو المعروفة باسم (التمساح)، كما يتواصل تطوير وتنفيذ أنظمة دفاع جديدة مضادة للطائرات والصواريخ، مثل (أس- 400 تريومف) و(أس- 500 بروميثيوس)، وتعمل المجموعة الفضائية بنشاط على تطوير وتحديث كل جوانبها، بما في ذلك الاتصالات والملاحة والاستطلاع.
ويجري إطلاق المركبات الفضائية الجديدة إلى المدار، إضافة إلى تحديث البنية التحتية للفضاء الأرضي، بجانب ما تعيره الأجهزة الروسية من اهتمام بتدريب المتخصصين المؤهلين تأهيلاً عالياً في القوات الجوية الفضائية، بما في ذلك أطقم الطيران والمهندسين والفنيين، وتمويل البحث والتطوير العلمي العسكري الذي يهدف إلى إنشاء نوعيات جديدة من الأسلحة والمعدات العسكرية للقوات الجوية، وفق المصادر.
وتوضح أنه في إطار البرنامج الوطني لإعادة تسليح القوات المسلحة وتحديثها، تعد القوات الجوية واحدة من المجالات ذات الأولوية، التي تضمن الحفاظ على الاستعداد القتالي الروسي وقدراته الدفاعية.
الثالوث النووي
خلال أبريل الماضي أيضاً، سبق وعقد بوتين اجتماعاً، جرت خلاله مناقشة كيفية زيادة حجم الإمدادات وتحسين فعالية استخدام الأسلحة والمعدات لحل المشكلات التي تواجه تنفيذ “العملية العسكرية الخاصة”، التي يجري تنفيذ التدابير المخطط لها في ذلك الوقت.
وفي هذا الإطار، تتسم هذه التدابير بطابع عملي، ويجرى تنفيذها في أقصر وقت ممكن، أو بحسب القول الروسي المأثور “هنا والآن”، وفي الوقت الفعلي، بناء على الحاجات الحالية. ومضي بوتين ليقول إنه من الواجب إيلاء اهتمام خاص بـ”الثالوث النووي”، الذي كان ولا يزال الضامن لسيادة روسيا، ويلعب دوراً رئيساً في ضمان توازن القوى في العالم، في إشارة إلى القوات النووية الاستراتيجية التي تتكون من الطيران الاستراتيجي، والصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والغواصات النووية الحاملة للصواريخ.
ومن المعروف وحسب تقديرات المحللين والمصادر الروسية، أن حصة الأسلحة والمعدات الحديثة في القوات النووية الاستراتيجية تبلغ في واقع الأمر 95 في المئة، وهذا مؤشر جيد، يزيد كثيراً عما يتوفر لدى جميع القوى النووية الأخرى في العالم، على حد ما قاله الرئيس بوتين.
وتقول المصادر الروسية إنه يجب على موسكو رفع مستوى القدرات القتالية للقوات البرية في أقرب وقت ممكن، “بما يخلق خلفية صلبة للتنمية، ويكفل ضمان تطوير نماذج وأنظمة واعدة من الأسلحة ذات أعلى الخصائص التكتيكية والتقنية وموارد التحديث”.
أما بالنسبة إلى الطيران فإنه ينبغي أن ينص برنامج الأسلحة الحكومي الجديد على “مجموعة من التدابير المنهجية لتلبية حاجات القوات المسلحة الروسية، وتحديث وإصلاح الطائرات، ووسائل تدمير الطائرات”.
وفي ما يتعلق بالأسطول فإنه من الواجب أن يصبح برنامج تطوير أسلحة الدولة الجديد أداة فعالة لتنفيذ استراتيجية تطوير البحرية التي اُعتمدت أخيراً للفترة حتى عام 2050″. وذلك ما أشار إليه الرئيس بوتين، في إطار ما قاله حول أإن الطيران التابع للقوات الجوية والفضائية التابعة لروسيا الاتحادية هو الذي يقدم مساهمة كبيرة في تدمير أهداف القوات المسلحة الأوكرانية.
أما عن القوات البرية فإنها لا تزال تمثل أهم عناصر القوة الرئيسة في إجراء العمليات العسكرية الحديثة من أي حجم وبأي مستوى من الكثافة، وفق بوتين. وفي هذا الصدد، أكد الرئيس الروسي الحاجة إلى “زيادة قدرات هذه القوات القتالية في أقصر وقت ممكن، وخلق خلفية متينة للتنمية، وضمان تطوير نماذج واعدة، وأنظمة أسلحة ذات أعلى الخصائص التكتيكية والتقنية وموارد التحديث”. وإضافة إلى ذلك، فمن الواجب أن يصبح برنامج أسلحة الدولة الجديد أداة فعالة لتنفيذ استراتيجية تطوير البحرية التي تمت الموافقة عليها أخيراً للفترة حتى عام 2050.
آفاق صادرات الأسلحة الروسية
في الوقت الذي كشفت “العملية العسكرية الخاصة” ضد أوكرانيا عن المتاعب التي تعانيها بلدان “الناتو” والاتحاد الأوروبي، وما أسفرت عنه من نضوب مخزونها من الأسلحة، تعلن روسيا أنها تظل إحدى دول الصدارة في قائمة مصدري الأسلحة في العالم إلى قدراتها العالية لتلبية حاجات قواتها المسلحة لدى تنفيذ ما تضعه الدولة من مهمات قتالية في ما يفرض عليها لتأمين مصالحها الوطنية. وها هو الرئيس بوتين يكشف عن بعض ملامح خطته للاحتفاظ لروسيا بمركزها المتقدم، ودعمه لمثل هذه الخطة في الفترة القريبة المقبلة.
خلال زيارة أخيرة قام بها إلى جامعة باومان للعلوم التقنية، إحدى أهم مؤسسات البحث العلمي في روسيا، عقد الرئيس فلاديمير بوتين اجتماعاً حول تطوير صناعة الفضاء على المدى الطويل. وقال إن معالجة مثل هذا الموضوع هي “مسؤولية خاصة لرواد الفضاء”، وذكر أنه جرى الاحتفال بيوم الملاحة الفضائية في الـ12 من أبريل الماضي، وأن رحلة يوري غاغارين الأولى إلى الفضاء، توحد “جميع أجيال مواطنينا”.
وطرح بوتين ضرورة استخدام إمكانات المؤسسات الدفاعية في البلاد المتاحة اليوم، مع مراعاة الحاجات الحالية للقوات المسلحة الروسية، ووزارة الصناعة والتجارة، ووزارة الدفاع لمعرفة الاحتمالات كافة والتفكير في كيفية، إذا لزم الأمر، ضمان تولي الشركات المعنية مسؤولية إنتاج المنتجات المدنية. كما أنه من الضروري زيادة إمكانات تصدير الأسلحة والمعدات الروسية، بخاصة تلك النوعيات التي لم يتيسر تجربتها في مواقع وساحات الاختبار، ولكن في العمليات القتالية الحقيقية، عالية الكثافة وأكدت موثوقيتها وفعاليتها.
وأخيراً وفي اجتماع لمجلس التنمية الاستراتيجية والمشاريع الوطنية، أعلن بوتين جاهزية المشروع الوطني الذي يحمل اسم “الفضاء”. ونقلت وكالة “ريا نوفوستي” عن بوتين قوله “إن روسيا فخورة بإنجازات جميع المتخصصين في صناعة الفضاء، وإنها بصدد وضع خططها طويلة الأجل في هذا المجال، فضلاً عن تحديد آفاق التنمية المتكاملة لمطوري المركبات الفضائية. وذلك ما جرت مناقشته أيضاً مع رئيس الشركة الحكومية “روس كوسموس” دميتري باكانوف، وأشار الرئيس الروسي إلى أنه من المقرر الموافقة على المبادرة في أقرب وقت ممكن، من أجل توفير التمويل المطلوب لهذا القطاع بالغ الأهمية، كجزء من إعداد الموازنة الفيدرالية حتى عام 2028.
