الخميس, مايو 1, 2025
الرئيسيةتغريدات و آراء و كتابنحو تأسيس هيئة وطنية للحوار الجنوبي: رؤية جامعة لمستقبل الجنوب

نحو تأسيس هيئة وطنية للحوار الجنوبي: رؤية جامعة لمستقبل الجنوب

« أم تي آي نيوز » كتب : المحامي جسار فاروق مكاوي

في لحظة تاريخية فارقة تمر بها قضيتنا الوطنية الجنوبية، تبرز الحاجة المُلحّة إلى تأسيس مسار حواري وطني دائم، يتجاوز حدود اللقاءات الظرفية وردود الأفعال المؤقتة، نحو بناء منظومة تشاركية مؤسسية تضمن استعادة الدولة الجنوبية، وتعزز من فرص التوافق والاستقرار. وانطلاقًا من مخرجات الندوة السياسية الأخيرة، نقدم هذه الرؤية الأولية لتأسيس هيئة وطنية عليا للحوار الجنوبي، بوصفها إطارًا جامعًا لإدارة الحوار الجنوبي بطريقة عقلانية، عادلة، ومُنتجة.

أولاً: ماذا نريد؟

إننا نهدف من هذه الرؤية إلى ترجمة التوصيات إلى خطوات عملية تؤسس لحوار وطني دائم، في ظل الميثاق الوطني الجنوبي، يفضي إلى بناء دولة جنوبية حديثة قائمة على التوافق والشراكة. وتتلخص أهدافنا في:

  1. ترسيخ مشروع استعادة الدولة الجنوبية كخيار نهائي لا رجعة فيه، يُبنى عليه كل تفاهم سياسي.
  2. إعادة صياغة العلاقة بين القوى والمكونات الجنوبية على أساس الحوار والتكامل، لا الإقصاء والإلغاء.
  3. تحويل الحوار من حدث مؤقت إلى مؤسسة دائمة ذات طابع تمثيلي وتخطيطي ومشروع وطني جامع.
  4. إنتاج عقد اجتماعي جنوبي جديد يُحدد طبيعة النظام السياسي، ويكرس قيم المواطنة، والعدالة، والمساواة.

ثانيًا: كيف ندير؟

  1. الإدارة عبر المأسسة

ينبغي تأسيس هيئة وطنية للحوار الجنوبي بقرار رسمي صادر عن جهة اعتبارية (مثل هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي)، أو بالاستناد إلى نسخة معدلة من الميثاق الوطني الجنوبي، وتشمل مهامها.

صياغة نظام داخلي متكامل يوضح:

الهيكل التنظيمي وعدد الأعضاء.

آلية اختيار الممثلين (بتوازن سياسي، مناطقي، مجتمعي).

صلاحيات الهيئة (ملزمة أو استشارية).

آليات اتخاذ القرار والتصويت.

العلاقة مع باقي مؤسسات الجنوب.

  1. الإدارة بالشراكة والاستماع

نقترح إشراك جميع القوى الجنوبية، بما فيها الموقعة وغير الموقعة على الميثاق، والانفتاح على المختلفين أو المتحفظين. ويجب أن تُفتح أبواب المشاركة أمام فئات حيوية مثل:

الشباب بوصفهم قادة المستقبل.

المرأة كمكون رئيسي في التنمية وصنع القرار.

النقابات والاتحادات المهنية والعمالية.

المبدعين والمثقفين والمغتربين والكفاءات العلمية.

  1. الإدارة بالتخطيط والمرحلية

ينبغي تقسيم الحوار إلى ثلاث مراحل:

مرحلة أولى: بناء الثقة والتعارف السياسي.

مرحلة ثانية: مناقشة القضايا الجوهرية (الهوية، شكل الدولة، العدالة، الحكم المحلي، الموارد).

مرحلة ثالثة: إعداد وثائق توافقية (مدونة حوار، وثيقة وطنية، مشروع دستور انتقالي).

ويجب تحديد إطار زمني واضح، مع وجود آلية للتقييم والتعديل حسب الحاجة.

ثالثًا: المرجعية القانونية والسياسية

تستند الهيئة الوطنية للحوار الجنوبي إلى عدد من المرجعيات المهمة:

الميثاق الوطني الجنوبي كمصدر رئيسي للمبادئ والتوجهات.

الإرادة الشعبية الجنوبية المعبر عنها في مختلف المناسبات.

مقررات وتوصيات الندوات والحوارات السابقة.

القانون الدولي لحقوق الإنسان ومبادئ الحوار الوطني المعتمدة عالميًا.

رابعًا: التسمية المقترحة

الهيئة الوطنية العليا للحوار الجنوبي

أو

مجلس الحوار الوطني الجنوبي

تُختار التسمية بما يتناسب مع طبيعة الوظيفة ومكانة الهيئة في الهيكل الوطني الجنوبي.

خامسًا: المخرجات المتوقعة

نطمح إلى أن تُنتج هذه الهيئة المخرجات التالية:

  1. وثيقة تأسيسية توافقية تُحدد المبادئ العامة ومهام الهيئة.
  2. مدونة مبادئ وضوابط تنظم سلوك ومبادئ الحوار الجنوبي.
  3. ميثاق شرف سياسي وأخلاقي للمكونات السياسية الجنوبية.
  4. قاعدة بيانات تمثيلية توثق المكونات السياسية والاجتماعية والمجتمعية.
  5. خارطة طريق دستورية تؤسس لبناء الدولة الجنوبية الحديثة.

ختامًا : إن إدارة الحوار الجنوبي ليست مهمة تقنية أو إدارية فحسب، بل هي مسؤولية وطنية وتاريخية تستوجب قدرًا كبيرًا من الحكمة، والانفتاح، وسعة الأفق، والقدرة على الاعتراف بالآخر. فالحوار ليس مجرد وسيلة، بل هو السبيل الأمثل لبناء مستقبل مشترك، يليق بتضحيات شعب الجنوب وتاريخه النضالي.

“الحوار طريقنا، والدولة هدفنا، والجنوب وطن الجميع.”

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات