الثلاثاء, أبريل 29, 2025
الرئيسيةتغريدات و آراء و كتابتكتل الأحزاب .. بين مغالطات المشروعية وعبثية تمثيل الاستحقاقات الواقعية

تكتل الأحزاب .. بين مغالطات المشروعية وعبثية تمثيل الاستحقاقات الواقعية

« أم تي آي نيوز » د. أمين العلياني

في مشهد سياسي مثخل بالتعقيدات تعيشه اليمن والجنوب وتزداد معه ظهور مشاريع العبث حد الجنون، ومن تلك المشاريع العبثية يبرز اجتماع أمس بالرياض في 27 أبريل 2025م الذي دعا له ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات الوطنية ومن ضمنها ما يسمى بمجلس حضرموت الوطني برئاسة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، رئيس التكتل غير الشرعي، الذي خُصص لمناقشة مستجدات المشهد الوطني وتحديد خطوات العمل للمرحلة المقبلة ورسم خارطة طريق لما بعد سقوط المليشيات الحوثية الإرهابية، لكن هذا الاجتماع يثير أسئلة جوهرية حول شرعية هذا التمثيل، ومغالطاته السياسية، ومدى قدرته على تجاوز التناقضات الهيكلية التي يعاني منها، فهل هذا ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل الوطني غير الشرعي مجرد واجهة نخبوية تفتقر إلى القاعدة الشعبية والقوات العسكرية التي هي الادوات الفاعلة في مشهد الحرب، أم أنه جزء من لعبة أكبر يحاول التسويق لها رغم عدم شرعيتها، بهدف تقويض الاتفاقيات السياسية القائمة، لا سيما تلك التي أفرزتها اتفاقيات الرياض (1+2) الذي أقرت خروج المنطقة العسكرية الأولى وتوحيد الجهود في مجابهة الحوثي سلمًا أو حربًا وتضمنت بالحل العادل لقضية شعب الجنوب في تمثيل إطار تفاوضي خاصا بها في مشاورات الحل النهائي بين اليمن والشمال وجاءت مبادرة مجلس التعاون الخليجي الذي على وفق التوازنات بين التحالف العربي والدول الرباعية على تمثيل القوى السياسية والعسكرية الموجودة على الأرض من خلال تشكيل استراتيجية تم على وفقها نقل السلطة إلى مجلس رئاسي انطلقت منه حكومة أقرت بالمناصفة بين اليمن والجنوب وتكون معترف بهما دوليًا؟

والمتأمل في مخرجات الاجتماع الذي دعا له ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات الوطنية ومنها مجلس حضرموت الوطني غير الشرعية التي “خُصصت لمناقشة مستجدات المشهد الوطني وتحديد خطوات العمل للمرحلة المقبلة، وما خرج به من قرارات، أهمها: استمرار اللقاءات مع القوى الإقليمية والدولية ذات العلاقة الفاعلة في الأزمة اليمنية خلال الأيام القادمة، بهدف حشد الدعم الدولي لخيار استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي، والتأكيد على الالتزام بالحل المستند إلى المرجعيات الثلاث المتوافق عليها، وتشكيل لجنة من ذوي المعرفة والخبرة تتولى إعداد تصور شامل لمرحلة ما بعد إنهاء الانقلاب الحوثي، يشمل إعادة بناء مؤسسات الدولة، وتعزيز مسار السلام الشامل والدائم، وضمان مشاركة وطنية واسعة لا تستثني أحدًا في صياغة مستقبل اليمن والجنوب.

وحين تقرأ هذه المخرجات تتبادر إلى ذهن القارئ كثير من المغالطات وهي:

  • المغالطة الأولى: ادعاء التمثيل الشامل في غياب وتجاهل القوى الفاعلة على الأرض، وهذا يعكس الوعي العقيم الذي يتبناه ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات الوطنية ومنها مجلس حضرموت الوطني غير الشرعية أنه الإطار الجامع للنخب السياسية الباحثة عن حلول، لكنه يتجاهل عمدًا القوى الأكثر تأثيرًا على الأرض، وهي الكيانات الوطنية التي تكون مسنودة بقواتها العسكرية والأمنية المنضوية تحت شرعية دولية ويمثلها المجلس الرئاسي والحكومة المعترف بها دوليًا. فكيف يمكن لمجموعة من الأحزاب والمكونات غير الشرعية، بعضها منصهر في تشكيلات السلطة الرسمية نفسها، أن تطرح نفسها كبديل أو كصاحب حق حصري في رسم مستقبل المشاروات التي تبنى عليها استحقاقات سياسية لليمن والجنوب، بينما القرار الفعلي يخضع لمعادلات القوة العسكرية والواقع الجيوسياسي؟

الأكثر إثارة للاستفهام هو أن ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات الوطنية ومنها مجلس حضرموت الوطني غير الشرعية لم ينظر للجنوب ككيان رئيس وفاعل ومحوري يمثل الجنوب، حيث يتم تمثيله سياسيًا وعسكريًا عبر المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي بات لاعبًا لا يمكن تجاوزه وهو يعلم أنه ليس حزبًا ولا مكونًا بل هو كيان شعبي وسياسي انصهرت فيه كل قوى الجنوب السياسية والعسكرية والأمنية والأحزاب والمكونات والمرأة والشباب والمستقلين وهم السواد الأعظم المؤمن بحقه في استعادة دولته الجنوبية الفيدرالية، فمحاولة إقصاء الجنوب من ممثله في ثلاثية المجلس الرئاسي على حساب ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات يدعونها وطنيةوهي غير شرعية وبل قاموا على تفريخها خارج الأطر والاتفاقيات التي دخل بها المجلس الانتقالي الشراكة المؤقتة فقط لأن ولاءها وانتماء هذه الأحزاب والمكونات المفرخة لليمن وليست للجنوب وهي غير شرعية، فهل التقليل من دور المجلس الانتقالي المفوض شعبيًّا تكشف عن نزعة احتكارية تتناقض مع شعارات التمثيل الواسع التي يرفعها ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات الوطنية غير الشرعية في مخرجات اجتماعه أمس. وتقول انها مستندة على المرجعيات الثلاث فقط

  • المغالطة الثانية: التناقض بين الخطاب السياسي والواقع العملي، ففي الوقت الذي عقده ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل للأحزاب والمكونات ومنها مكون حضرموت الوطني غير الشرعية في اجتماعه الأخير في 27 أبريل 2025 بالرياض، وادعى خلاله أنه يعمل على حشد الدعم الدولي لاستعادة الدولة، لكن السؤال الأهم: أي دولة يتحدث عنها؟ هل هي الدولة التي تأسست على اتفاق الرياض (1) و(2)، والتي تقوم على الشراكة بين اليمن والجنوب عبر المجلس الرئاسي؟ أم أن ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل الوطني غير الشرعي الذي يسعى لتفريغ هذه الاتفاقيات من مضمونها عبر إعادة إنتاج هياكل حزبية بالية غير شرعية، لا تمتلك أي سند شعبي أو عسكري يسندها ويكون تشكليها عبثي ومجرد تسويقها فقط لخلط الأوراق وهي لعبة مفضوحة ومعروفة.

واللافت في الأمر أن ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل الوطني غير الشرعي أقر خلال الاجتماع تشكيل (لجنة خبراء) لرسم تصورات مرحلة ما بعد الحوثي، لكنه لم يوضح كيف سيتعامل مع القوى القائمة بالفعل، مثل الحكومة والمجلس الرئاسي، التي تقود المعركة السياسية والعسكرية ضد الانقلاب هل هو مسنود منها لتتنصل من التزاماتها أمام الأطراف المشاركة معها ام الأمر هو تبادل في الأدوار على طريقة ما عملها حزبي المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح الإخواني أيام المرحلة الانتقالية للوحدة المغدورة؟. وهل هذه اللجنة تهدف إلى تعزيز الشرعية القائمة أم إلى تقويضها؟ أسئلة كثيرة تختمر وتختزل تحت تلك المخرجات التي بات بتقول بها ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل الوطني غير الشرعي.

  • المغالطة الثالثة: محاولة اختطاف الاستحقاقات السياسية والسير بها في مزيد من التسويف والمماطلة، فالتجاهل الواضح من ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل غير الشرعي حقيقة أن أي حل سياسي في اليمن والجنوب يجب أن يراعي توازنات القوى الحالية، وليس الأوهام الحزبية، فالمجلس الرئاسي والحكومة هما الكيانان المعترف بهما دوليًا، وهما اللذان يقودان عملية المواجهة مع الحوثيين مع شركاءهم الفاعلين على الارض، وأي محاولة لخلق مسارات موازية، تحت غطاء (النخبوية السياسية)، هي إهدار للجهود الرامية إلى تحقيق التسوية العادلة بين اليمن والجنوب، وربما تكون مقدمة لتعطيل المسار السياسي برمته وتضع الأطراف الأخرى التي تمتلك القوة على الأرض أمام خيارات مصيرية أمام شعبها ولها الحق فيما تراه مناسبا ومحققا لتطلعات شعبها إذا تم تجاوزها وعدم الندية في التفاوض بالحل الشامل.

كما أن الدعوة إلى (مشاركة وطنية واسعة) تظل مجرد شعار ما لم تُضمن فيها القوى الفاعلة على الأرض، بدءًا من المجلس الانتقالي الجنوبي، وقواته العسكرية والأمنية المؤثرة مرورًا بالقيادات العسكرية الأخرى في مأرب والساحل الغربي، فالحلول لا تُصنع في غرف مغلقة، بل في ساحات المعارك وأروقة التفاوض التي تحظى بدعم ميداني ودولي.

  • المغالطة الرابعة الاستعداد لمرحلة ما بعد الحوثي فالحديث عن تشكيل لجنة خبراء لرسم مستقبل اليمن والجنوب هو استخفاف بالواقع:
  • من سيفرض الحل؟ القرار النهائي سيكون بيد القوات العسكرية والفصائل المسيطرة على الأرض، ولا تقزيمها وتجاهلها، وليس ببنود تقارير اللجان كما تسوقه تلك ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل المكونات والأحزاب غير الشرعية.
  • إقصاء الجنوب من خلال تجاهل ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل والمكونات غير الشرعية لعدالة الجنوب كقضية شعب يمثلها المجلس الانتقالي الجنوبي يكشف أن الهدف من تفريخ هذه المكونات التي تتضوي تحت ما يسمي نفسه بالمجلس الأعلى غير الشرعي هو إعادة إنتاج مركزية صنعاء تحت غطاء الشرعية واعتقد أن هذه أوهام وليس استراتيجيات قد قضت عليه حرب 2015م وانتهت معها مخرجات الحوار الوطني والمرجعيات الأخرى وما آلت إليه الأوضاع على الساحة من متغيرات وصارت قوى فاعلة فالحق يجب أن يكون ندي بين اليمن والجنوب دون مماطلة أو تفريخ مكونات غير شرعية.
  • المغالطة الخامسة الوحدة الوطنية فخطاب ما يسمى المجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات غير الشرعية يقول ان مخرجاته شاملة وتقول إنها لا تستثني أحدا وهذا يناقض أفعاله:
  • التهرب من الاتفاقيات هي محاولة إعادة صياغة الاستحقاقات بعيدًا عن المناصفة اليمن والجنوب التي أقرتها اتفاقيات الرياض.
  • تقويض مهامات هيئة التشاور والمصالحة: فما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات غير الشرعية تعمل كبديل غير شرعي لهيئات التفاوض المعتمدة، مما يعيق مسار المصالحة برمتها.

الخاتمة:

هذا الذي يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات ومنها مكون حضرموت الوطني غير الشرعية، رغم ادعاءاتهم، كما يبدو كيانًا هشًا يعاني من أزمة شرعية حقيقية، فمحاولتهم تقديم نفسهم كبديل عن القوى القائمة على الميدان بالجغرافيا والحدود هي مغامرة غير محسوبة العواقب، خاصة في ظل غياب أي ضمانات لقبولهم شعبيًا أو دوليًا بل يحاولون أن ينطلقوا من مبادرات المرجعيات الثلاث وكأنه لا يعترف بالواقع الذي جاء بعده في رياض (1+2) ومشروع نقل السلطة وتشكيل المجلس الرئاسي.

إذا أراد ما يسمى بالمجلس الأعلى للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات غير الشرعية أن يكون جزءًا من الحل، فعليه أن يبدأ بالاعتراف بالواقع السياسي والعسكري الراهن على الأرض والجغرافيا وعلى مستجدات الميدان، والتعاون مع الكيانات ذات القضايا العادلة والقائمة على الندية الفاعلة بدلًا من محاولة تجاوزها، وإلا فإنه سيساهم في مزيد من التفتيت، بدلًا أن يكون جسرًا نحو لملمة المساعي وتوحيد الجهود والوصول إلى تسوية سياسية عادلة بين اليمن والجنوب.

اليمن والجنوب اليوم لا يحتاجان إلى خطابات ولا مبادرات ولا مكونات فضفاضة غير شرعية، بل محتاج الواقع للحل بينهما كدولتين إلى إرادة سياسية حقيقية تعترف بالحقائق على الأرض، وتعمل على أساسها، لا على أساس الأوهام الحزبية غير الشرعية التي قد كانت السبب في ما آلت إليه الأمور، وكانت من نتائجها الأوضاع الحالية على اليمن والجنوب أجمع.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات