الأحد, أبريل 13, 2025
الرئيسيةتغريدات و آراء و كتابالجنوب بين جدلية الاستحقاق المتفق، ومحاولة زرع إعاقات تقوض المتفق

الجنوب بين جدلية الاستحقاق المتفق، ومحاولة زرع إعاقات تقوض المتفق

« أم تي آي نيوز » د . أمين العلياني

من المستفيد فيما يجري من تقويض الأمن وتمزيق الهوية الجنوبية في محافظات الجنوب المحررة في مرحلة حساسة وفاصلة من خلال تشكيل كيانات تظهر بطوابع قبلية أو تحالفات جهوية، تظهر في أحقية مطالبها تحقيق مشاريع حقوقية وتبطن تحتها نوايا سياسية ممولة من أجندات حزبية شمالية ماليًا ومساندات خارجية تشريعيًّا، بهدف التمزيق والإعاقة للوحدة الجنوبية واستحقاقاتها السياسية، في الوقت الذي يجب أن يظهر هذا الوعي والدعم لتشكيلات وكيانات بطوابعها القبلية والحزبية والدينية في مواجهة العدو الحوثي المشترك، لكي تعمل على توحيد الجهود والسير بها نحو صنعاء، بمساندة ودعم ماليًا ولوجستيًا وتشريعيًا من التحالفات الدولية والإقليمية والأطراف الشمالية نفسها، لأن ما يتراءى اليوم في تشكيلات بمختلف التوجهات التي لا تخدم الجهود في سبيل تحرير صنعاء بقدر ما يؤشر على تمزيق وحدة الهوية الجنوبية في محافظاته المحررة، وهذه التناقضات بالتأكيد مؤشر واضح أن المستفيد الأول منها الحوثي المدعوم والمسنود إيرانيًا والمتخادم أخوانيًّا.

والمتأمل في مسار الجهود الأمريكية المتناسقة مع التوجهات الإقليمية في تحرير صنعاء وتقليم أظافر الحوثي يقابله بصورة واضحة تمويل وتصدير ومساندة وتخطيط لنشر الفوضى في محافظات الجنوب من خلال تشكيل كيانات ومكونات ذات طوابع هوياتية من نخب سياسية حزبية معلنة الولاء لمشاريع شمالية تعلن ظاهريًّا بمطالب حقوقية، لكن هدفها تمزيق الجنوب، بالوقت الذي يجب أن يتشكل هذا الوعي، ويدار في مسار تمزيق حواضن الحوثي القبلية الكبيرة التي هي أساس عميق وكبير لحواضن قوى الشرعية اليمنية الشمالية التي صارت خط الدفاع الأول للمشروع الحوثي إذا قورنت بقلة الحوثيين المؤمنين بفكرة الأحقية بالحكم بالاستحقاق الإلهي بالولاية التي تدعمها إيران*

ولكي يعرف القارئ الكريم في الجنوب المتحالف مع القوى اليمنية الشمالية بوعي أو دون وعي أو حتى الذين يزعمون أنهم بما يقومون به من تمويلات هدفها تمزيق المشروع الجنوبي سواء أكان يمنيًّا شماليًّا أم عربيًا أم إقليميًّا أم ودليًّا ام أحزاب ام مؤسسات وتنظيمات ام مناصرات إعلامية لا يقدر أن يغير قناعات الناس من هويتها الجامعة بعد أن مورس بحق الجنوب الضم والالحاق والتهميش والنهب والسلب والنهب والتعذيب والقتل والتفجيرات لمحددات اعتبارية اهمها اللغة والثقافة والمدينة والتجانس والولاء والهوية والانتماء والتاريخ والتراث والسيادة والمكونات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والروابط الإجتماعية والقدرة على حماية المكتسبات والحدود والممرات الدولية والمواقع الاستراتيجية وتوحيد الاصطفاف الوطني الجامع.

ومن باب التعريف أحب أن أضع القارئ من أن الجنوب دولة بحدودها وهويتها وسيادتها الذي يجسدها مشروع نضال ونظام فيدرالي رسمت حدوده دماء زكية لقوافل من الشهداء على مختلف المستويات منها:

  • السياق التاريخي: من الوحدة إلى الاحتلال:

بعد وحدة 1990 بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (الجنوب) والجمهورية العربية اليمنية (الشمال)، سرعان ما انهارت الشراكة بانقلاب الشمال العسكري في حرب 1994، ظالمة تحت مبررات أيديولوجية استباحت الأرض والإنسان معًا وقُصِفَت خلالها عدن بالطيران ومدن الجنوب بالمدافع ، وسيطرت قوات الاحتلال الشمالي على موارد الجنوب، وحُوصرت هويته السياسية والاقتصادية.

وبهذا لم تكن الحرب التي شنتها ضد “الانفصاليين” كما زُعِم، بل كانت احتلالّا مكتمل الأركان لنهب ثروات الجنوب، من النفط في حضرموت وشبوة وتهريبه إلى الموانئ وتشييد به البنية التحتية في محافظاتهم وتكوين بنوك خاصة بهم.

  • المقاومة الجنوبية: من المسلح إلى السلمي:
  • قدم المحتل اليمني كثيرًا من سياسات الاحتواء، لكن الغالبية الكبرى من الجنوبيين رفضوا سياسة الاحتواء الشمالي عبر:

1.المقاومة المسلحة: حركات مثل “موج” و”حتم” في مطلع الألفية.

2.الحراك السلمي: منذ 2007، تحوّل النضال إلى احتجاجات مليونية بقيادة “مكونات الحراك الجنوبي”، الذي طالب بالاستقلال أو فيدرالية عادلة، لكن صنعاء قابلت المطالب بالقمع، وصفتها بـ”الخيانة” العظمى بل وبعضهم وصف الخروج عليها أنه خروج من ركن من أركان الدين .

3.المجلس الانتقالي الجنوبي (2017): الذي تشكل بتفويض شعبي فوض به الرئيس عيدروس بن قاسم الزبيدي ليصبح كيانًا سياسيًّا معترفًا به إقليميًا ودليًّا ،حتى مثّل تطورًا نوعيًا في التنظيم، خاصة بعد تحرير عدن من الحوثيين بدعم من التحالف العربي.

أدوات إعاقة المشروع الجنوبي:

  1. تمويل أحزاب شمالية لكتل جنوبية مؤطرة تحت فكر أيديولوجي وتأطيرات حزبية ومنافع برجماتية مثل المؤتمر الشعبي العام (سابقًا) والإصلاح الذي يمول شخصيات جنوبية لخلق انقسام، وتظهر هذه الدعوات من خلال مصطلحات سياسية تسيء للمجلس الانتقالي الجنوبي ورموزه كـ”الانتقالي الاشتراكي” أو “المجلس الجنوبي العفاشي.
  • خطاب “الوحدة المقدسة”

يُستخدم هذا المصطلح بهز خلق منافذ للتشويه بالجنوبيين كـ”انفصاليين”، بينما يُغض الطرف عن انقلاب الحوثيين المدعوم إيرانيًا أو اخفاء تخادم الإخوان المسلمين مع الحوثيين.

  1. الموافق الداعمة للمشروع الجنوبي:
  • بعض المواقف التي تدعم الانتقالي نظرا لمواقفه الصلبة على جبهاته ومستميت على أرضه، بينما تُظهر بعض قوى الشمال حذرًا لضمان أولوية الحرب على الحوثيين.
  • وثائق مسربة تكشف اتصالات لبعض الأطراف مع أحزاب شمالية لعرقلة الاعتراف بالجنوب كدولة ومن هنا أصبح المجلس الانتقالي الجنوبي قويًا في مشروع دولته المستقلة لأنه حليف موثوق به ويعبر عن تطلعات شعبه من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا بوضوح ويدافع عن امن حدوده بقوة وشجاعة.
  1. استغلال الثروة:
  • خلق صراعات في محافظات الجنوب مثل شبوة وحضرموت لتصبح مبررًا لتجاهل محاربة الحوثي وهي تهدف إلى السيطرة على النفط، وتصبح عائداته مشروع تمويل لعملياتهم الإرهابية وتمويل الأجندات بالفتات للمليشيات الموالية للشمال.
  • تقارير أممية تتهم شبكات فساد شمالية بتهريب إيرادات النفط الجنوبي عبر موانئ مثل الحديدة. ومأرب ويصل إلى الحوثيين .

أزمات الشرعية الدولية والمفاوضات:

  • اتفاق الرياض (2022): أقرّ بوجود قضية عادلة لشعب موحد غير مجزأ، لكنه أخضعه لـ”الحل الشامل”، ما يعني تأجيلها لحين هزيمة الحوثيين، وهو ما يرفضه المجلس الانتقالي الجنوبي لسبب أنهم لم يحركوا ساكنًا باتجاه الشمال .
  • المجلس الرئاسي: يُنظر إليه في الجنوب كواجهة شمالية، خاصة بعد تعيين حكومة لا تمثل أهلها بالجنوب بل تمثل أحزابها التي تنتمي إليها والمجلس الرئاسي يحاول يعرقل مسارات كثيرة لعدم وجود لائحة دستورية تنظم عمله من جهة ولم يشكل الفريق التفاوضي الذي يجب أن يكون المنتمين إلى الجنوب انتماء وولاء.
  • مفاوضات الحوثيين: كل المفاوضات التي تجري مع الحوثي تُدار بمعزل عن الجنوب، رغم أن الجنوبيين المؤمنين باستعادة الدولة الجنوبية التي يسيطرون على أراضيها ما يقارب 95٪. فيصبح هو الوحيد الذي يحقق شروطه بواقعية ما يمتلك من مقومات التمكين العسكري والامني والتفاوض الشرعي.

هل يُراد تفتيت الجنوب؟

  • حضرموت أنموذجًا: المليونيات المؤيدة للاستقلال تُقابل بمحاولات خلق “مجلس حضرمي” منفصل، بدعم أطراف خارجية وشمالية يمنية، الغاية من ذلك إعاقة المشروع الجنوبي أو الضغط على المجلس الانتقالي لتحقيق تنازلات من الثوابت وهذا لا يمكن ولا يقبل ولا يتحقق.
  • دعم معارضين مدعومين من الشمال كيانات ومكونات كرتونية وكيانات قبلية يُظهرون الانقسام الداخلي عمدًا ليغدو حلمًا يتمنى أن يحققوا من الانقسام وإعاقة المشروع الجنوبي التحرري.
  • دعوة إثارة حفيظة البسطاء من أن المجلس الانتقالي يريد الاستيلاء على الثروة ولهذا فالجنوبيون عرفوا من أن القوى المتحالفة ضد مشروع الجنوب التحرري التي لا تركّز الا على موانئ النفط، والمجلس الانتقالي لديه ادبيات ضامنة لكل محافظة في إدارة شؤونها والحفاظ على ثرواتها وتصبح الماكينات الإعلامية المعادية فقط مجرد تعزيز الانقسام بين المجتمع الجنوبي الكامل والجامع.

الخلاصة:

استحقاقات المرحلة:

1.الجنوب أمام خيارين: إما أن يصبح طرفًا مباشرًا في المفاوضات الدولية (ككيان مستقل) كما حققه المجلس الانتقالي والجنوبي في مفاوضات الرياض (1*2)، وإذا ظلت الكيانات الجنوبية التي تمولها الأحزاب اليمنية في تمزيق الصف الجنوبي فالأمر لا يخدمهم ككيانات تريد لذواتها الشخصية وهي موالية ضمنيا لأحزاب صنعاء، فالحل سوف يتجاهلهم والاستحقاق سيكون لصالح اليمن الشمالي الذي استخدم معاداتك أيها الجنوبي لأخيك الجنوبي كأداة يظل يمارس علي وفقها ضغوط الخنوع لك بالطريقة التي مارسها عليك وعلي وكل جنوبي منذ عام 1994م حتى الآن.

فالذي نهب ثرواتك في عهد حكمه لك وجعل من انتصاره عليك بان ينظر أن قتل الوحدة بالنسبة له خيانة وردة تخرجك عن إسلامه السياسي فهو في المستقبل ينهبها عقودا من الزمن ويهيمن عليها لانه يراها بنظرته الشمالية الاستعلائية مستحقًا شرعيًا ودستوريًا ويراك مجرد أداة نفذت مشاريع مزقت بها ارضك بفلوس مقبوضة وتصبح وعوده في وقوفك معه لتحقيق مطالبك وهمًا.

  1. دور التحالف: إذا استمر في التعامل بمعايير مزدوجة (الحوثي “عدو ديني وفكري وعقائدي” والجنوب مشروع “انفصال”)، بالتأكيد سيخسر التحالف ثقته في قلوب شعب الجنوب إلى الابد لأن التخلى عن أرضه السنية وحماية دينه وعقائده الوسطية وشرعيته في عيون شعبه في الجنوب، خيانية دينية وعروبية واخوية، لأن وجودي على الأرض هي من منحت مصداقية مشروعك العربي في كسر شوكة إيران بالمنطقة .
  2. المطلوب:
  • سيطرة على الأرض من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا لأن شرعية التملك تبدأ من السيطرة على الأرض.
  • تكثيف الجهود، مع الحلفاء الاقليمين والدوليين ، بهدف تحقيق ضغط دولي يربط استحقاقات التسوية بما تلبي تقرير المصير.
  • وقف اي دعم لأي كيانات جنوبية مفرخة تمولها الأطراف الشمالية وتعمل على تآكل الحاضنة الجنوبية المتماسكة وإعاقة مشروع شعبها في الاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية. وهذا لا يعزز استقرارا ابدا للمنطقة لأن الحرب بمراحلها كلها قامت على ثروات الجنوب وأصبحت أسلحتها التي تهدد بها الإقليم والمنطقة بالشرق الأوسط كلها مشتراه من ثروات الجنوب وعمل صفقات سرية معها مقابل النقيب وتقاسم الحصص.

ما يجب أن يفهم بموضوعية :

الجنوب لم يعد جزءًا من معادلة صنعاء، وصنعاء لم تعد قادرة على حكمه أبدًا.

والأسهل والأنسب هو التفكير بالحلول التي تحفظ للشعبين كل واحد على حده ليخلق روحًا تنافسيًا قائمًا على الاقتصاد والتنمية وبناء الإنسان، و أي حل دون الاعتراف بهذه الحقيقة سيكون إعادة لإنتاج الأزمات إلى أن تقوم الساعة.

لأن بداية الحل تبدأ من مسوغات تقبل فكرة الاعتراف أن شريكي بهذه الوحدة ظلم وقتل ونهب واقصي واستباح كل شيء لصالحه، وعوائله وقبائله ومشائخه على حساب شريك كان يرى في الوحدة معه شراكة ندية على أمل العدل والمساواة والحرية والكرامة والعروبة معًا، لكن صار كل تفكيره هو كيف يحول الندية في شراكة الوحدة إلى حروب وغزوات وفتوحات ومسيرات قرآنية لكوني شوعيًا انفصاليًا، إرهابيًا، ومرتدًا دينيًا،.

فارجاع الحق إلى أهله والاعتراف بالظلم لشريك لك في الوحدة هو الحل العادل وما دون ذلك إلا أن تصبح معها محددات الدفاع عن الأرض والدين والعرض والوطن شهادة في سبيله، وخلودًا في التضحية واعتزازًا في الانتصار.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات