الإثنين, مارس 3, 2025
الرئيسيةتغريدات و آراء و كتابالقائد نبيل الحنشي .. مسيرة نضال لا تعرف الانكسار

القائد نبيل الحنشي .. مسيرة نضال لا تعرف الانكسار

أم تي آي نيوز » كتب : عبدالرؤوف الحنشي

على مر العصور، لا تصنع الأوطان مجدها إلا بسواعد رجال نذروا أرواحهم لها، رجال لا تهزمهم المعارك، ولا تفتّ من عزيمتهم الأقدار، بل يصنعون من الألم مجدًا، ومن الجراح رايات عزّ ترفرف في سماء الكرامة، ومن بين هؤلاء الرجال يبرز اسم القائد نبيل الحنشي، رجلٌ لم يكن النضال عنده خيارًا، بل كان قدرًا لا مهرب منه، ومسيرةً خطّها بإرادة لا تلين، وقدمًا لم تعرف طريق التراجع.

بزوغ القائد نبيل الحنشي في ميادين النضال…

منذ انطلاق الحراك الجنوبي السلمي عام 2007، كان القائد نبيل الحنشي في الصفوف الأولى، شامخًا كجبل يافع، ثابتًا لا تهزه العواصف، حمل على عاتقه قضية شعبه في مواجهة الظلم والتهميش الذي طال الجنوب منذ حرب 1994، وأثبت أن الصوت الحرّ لا يُكسر، وأن الدماء الطاهرة قادرة على رسم طريق الحرية، مهما كانت التضحيات جسامًا.

ملحمة الصمود في مواجهة الغزو الحوثي…

وفي حرب 2015، حيث كان الجنوب يواجه أعنف التحديات، برز الحنشي كأحد أبرز القادة العسكريين الذين تصدوا للمدّ الحوثي، حيث قاد معارك التحرير بشجاعة نادرة، وكان في طليعة الصفوف حين اشتدت النيران، حتى لحظة إصابته البليغة في مطار عدن الدولي، حيث فقد إحدى ساقيه إثر لغم غادر، لكنه لم يفقد عزيمته، نُقل إلى الخارج إلى دولة الأردن لتلقي العلاج، وعاد من هناك بساقٍ صناعية، لكنه لم يعد مجرد رجل، بل عاد أسطورةً تمضي على قدمٍ واحدة، وإرادةٍ بحجم وطن.

محاربة الإرهاب جنبًا إلى جنب مع القائد أبو اليمامة…

رغم إصابته، لم يركن إلى الراحة، بل عاد إلى الميدان ليخوض معركة جديدة ضد الجماعات الإرهابية التي حاولت زعزعة أمن الجنوب عام 2016، حيث وقف نائباً إلى جانب القائد الشهيد أبو اليمامة في مواجهة تلك الجماعات في مديرية المنصورة، ليكتب صفحة جديدة من صفحات المجد والتضحية، ويرسم بدمائه خارطة الوطن المحرر من الإرهاب والتطرف.

مواجهة مليشيات الإخوان في أبين..

وفي عام 2019، عندما حاولت مليشيات الإخوان، تحت ستار الشرعية فرض سيطرتها على الجنوب، كان القائد نبيل الحنشي في مقدمة الصفوف في معارك الشيخ سالم بمحافظة أبين، يقود كتيبة المهام الخاصة وكتيبة حزم 3، حيث لقّن العدو درسًا قاسيًا، وحقق انتصارات ميدانية أثبتت أن الجنوب عصيّ على الانكسار، وبعد انسحاب تلك القوات، صدر قرار بتعيينه قائدًا لـ اللواء 15 صاعقة، ليحوّله إلى نموذج يُحتذى به في الانضباط والقوة بعد أن كان يعاني هذا اللواء من التشققات والفوضى.

الانتقال إلى قيادة اللواء الثالث مشاة والتصدي للمدّ الحوثي…

وبعد فترة وجيزة، جاء قرار دمج اللواء 15 صاعقة مع اللواء 11 صاعقة تحت مسمى اللواء الثالث مشاة، ليُعيّن القائد نبيل الحنشي أركانًا لهذا اللواء، كان ذلك الدمج ليس مجرد خطوة عسكرية، بل رؤيا استراتيجية لتأسيس نموذج قيادي مُلهم لجميع الوحدات، حيث استمدوا منه أسمى معاني القيادة التي تجمع بين التفاني في الواجب، والتضحية، والإخلاص في سبيل الوطن، ومن خلال ذلك، أدرك الجميع أن المنصب، في ظل ثورة مستمرة، ليس إلا وسيلة لخدمة الغاية الكبرى، بعيدًا عن التطلعات الذاتية، في وقت لا يحتمل إلا مزيد من التضحية والتفاني.

ومنذ تلك اللحظة، أصبح القائد الحنشي في قلب المعركة، مرابطًا في جبهات الحدّ اليافعي، يتصدى بكل شجاعة لمحاولات التوغل الحوثية، ثابتًا في مكانه كصخرة يافع التي لا تهزها الرياح العاتية، لم تعبأ خطواته بالجراح، بل جعلها وقودًا يُشعل في قلبه عزيمة لا تضعف، وروح محارب لا تعرف الكلل ولا الراحة، كان دائمًا في طليعة الصفوف، يواصل قيادة رجاله بروح لا تهدأ، وسعي دائم نحو بناء وطن لا يلين أمام التحديات، ولا تنكسر إرادته مهما اشتدت الصعاب.

قائد من الميدان.. لا من المكاتب…

لم يكن نبيل الحنشي قائدًا تحركه المناصب، ولم يكن ممن يديرون المعارك من خلف المكاتب، بل كان دائمًا في مقدمة الصفوف، يقاتل كتفًا بكتف مع جنوده، يغرس فيهم روح التحدي، ويؤكد لهم أن القيادة ليست لقبًا، بل مسؤولية تُحمل على الأكتاف، ومسيرة تُرسم بالتضحيات.

رمز نضال لا يذبل…

القائد نبيل الحنشي ليس مجرد اسمٍ في سجلّ القادة، بل هو ملحمةٌ تجسد فيها جوهر القيادة الحقيقية، تلك التي لا تُصنع بالرتب ولا تُقاس بالكلمات، بل تُسطَّر بالمواقف والتضحيات، لم يكن قائدًا خلف المكاتب، بل رجلًا من الميدان، حيث اختلطت خطواته بتراب الوطن، وامتزجت رؤاه بأحلام شعبه، فكان صوته صدىً للحرية، وسيفه درعًا للعزة، وعزيمته نارًا لا تخبو في وجه العواصف.

آمن أن الحياة وقفةُ عز، وأن الحرية مهرها الدم، فكان النصر أو الشهادة طريقًا لا حياد عنه، لم يكن يعرف الانكسار، ولم يترك للظروف أن تُملِي عليه مسارًا، بل صنع من كل تحدٍّ جسرًا، ومن كل ألمٍ قوة، ومن كل معركةٍ درسًا يرسخ في ذاكرة النضال.

نبيل الحنشي لم يكن رجل مرحلة، بل كان روحًا تسري في تاريخ ثورة الجنوب، واسمه سيبقى محفورًا في صدور الأحرار، يتردد مع كل هتافٍ للكرامة، ويرفرف مع كل رايةٍ للحرية، إنه القائد الذي لم تهزمه المعارك، ولم تضعفه الجراح، بل ظل واقفًا كالجبل، يمضي بثباتٍ حتى الرمق الأخير، مؤمنًا أن الوطن لا يُصان إلا بدماء من عشقوه حتى الفناء.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات