أم تي آي نيوز / تقرير : متابعات
لعلاقة الحوثي بإيران من الناحية العملية شكلين أساسيين الأول والرئيسي هو العلاقة العسكرية تشمل دعم وتمويل وتدريب واستشارة ونقل الخبرة والتقنية للصواريخ والمسيرات، وهذه تمر عبر فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني والعمليات الخارجية في حزب الله ويمثلهما عضوان في المجلس الجهادي للجماعة، وهذا الشكل محاط بدوائر ضيقة وتحركات سرية تعمل في الظل ولا تفضل ايران ولا الحوثي خروج أي معلومات او تفاصيل عنها، ويحتاج الحديث عنه الى سلسلة تقارير منفصلة.
والشكل الثاني هو الاعلامي عبر اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الاسلامية وهو كيان ايراني انشئ عام 2007 بهدف الترويج للمشروع الإيراني بالتنسيق بين كافة الاذرع التابعة لإيران حول العالم، ومقره طهران، ويدير شؤون المنطقة العربية فيه حالياً القيادي في حزب الله ناصر اخضر ” ابو مصطفى” وكيل الأمين العام للاتحاد، وهو الاسم الاكثر اهمية في علاقات الحوثيين الخارجية وتحديدا منذ ٢٠١٢ وبداية بروز مشروع الاستقطاب الايراني المباشر لسياسيين ونخب وصحفيين ومشائخ ومنظمات بل وشكلت حتى احزاب صغيرة وصحف وقنوات تلفزيونية وكذلك مع الحراك الجنوبي، وكان مسؤول التنسيق للزيارات والاعتمادات وتنسيق اللقاءات حتى وقت قريب هو أبو مصطفى، الذي اشتهر بهذا الكنية ولم يعرف كثير ممن تعامل معه اسمه الحقيقي الا فترة متأخرة بعد عاصفة الحزم.
وعمل أبو مصطفى الذي بدأ مهمته منذ الحروب الست قبل 2010 كمسؤول مركزي عن الحوثيين في الجانب السياسي والاعلامي
وكانت اخبار التمرد الحوثي تتصدر تغطية قناة العالم الإيرانية وقناة المنار التابعة لحزب الله إضافة لمواقع الكترونية وشبكة واسعة، وادانت الحكومة اليمنية بشكل متكرر التبني الإيراني للتمرد الحوثي.
وتركز جهد أبو مصطفى منذ عام 2012 في مسارين رئيسيين: الاول بناء قدرات الحوثيين الاعلامية وتوفير بنية تحتية لمنظومة اعلامية للجماعة، والثاني مسار اضافي تحرك فيه مع النخب واختراق المكونات الاخرى لتوفير طبقة حماية للحوثيين وتهيئة المجال العام عبر دور مركزي يجذب الكثيرين خاصة في المرحلة الانتقالية وسيولة الحالة السياسية وضعف مركز الدولة.
وشهد العام نفسه تشكل كيانيين رئيسيين للحوثيين هما قناة المسيرة برئاسة محمد عبدالسلام، ناطق الجماعة ورئيس وفدها المفاوض ويتولى الشأن السياسي الخارجي، وانطلقت المسيرة من الضاحية الجنوبية في بيروت وما تزال تبث من هناك رغم محاولات الحكومة اليمنية الضغط على السلطات اللبنانية لاغلاق مكتبها، وكذلك صحيفة يومية بنفس الاسم، والكيان الثاني تنظيمي واطلق عليه الهيئة الاعلامية لانصار الله، برئاسة أحمد حامد الذي يعمل الان مديرا لمكتب رئيس المجلس السياسي لسلطة الجماعة مهدي المشاط ومسؤولا عن القطاع الحكومي بالجماعة.
خلال الفترة ما بين ٢٠١٢ و ٢٠١٤ كان عبدالسلام وحامد من اهم الشخصيات التي ارتبطت بالايرانيين وحزب الله من بوابة التعاون الاعلامي، واليوم بعد عشر سنوات يعد عبدالسلام وحامد هما اهم شخصين في هيكل الجماعة الخارجي غير العسكري وهي مواقع ليست اعلامية ما يؤكد ان الاولوية لتولي المناصب الحساسة في الجماعة هي للعناصر التي تلقت تأهيلا مبكرا على يد الإيرانيين، وأن هذا المعيار ليس محصورا في الجانب العسكري والامني فقط في بنية الحوثيين.
علاقة انكارية
هناك عرف متفق عليه بين الايرانيين والحوثيين بأن المصلحة للطرفين تكمن في عدم الحديث للاعلام عن الطبيعة الحقيقية للعلاقة وأشكالها، وتنسيق السردية من الجانبين، وكان هذا اتجاه معتمد منذ وقت مبكر عندما حاول “ابومصطفى” تعويم العلاقة والتشويش عليها عبر تنويع التواصل والعلاقات السياسية والاعلامية بجعله غير محصور في الحوثيين وحدهم لنفي التهمة او تخفيفها على الأقل، حول تبني ايران للحوثيين وبناء قدراتهم في شتى المجالات.
يركز الايرانيون على جني ثمار استثمارهم السخي والاستراتيجي في الحوثيين اكثر مما يركزون على الاستعراض بالعلاقة لتجنب الكلفة والمسؤولية الاقليمية والدولية عن دعم جماعة متمردة انقلبت على الدولة ودخلت في حرب مع السعودية وصدر بشأنها قرار من مجلس الأمن الدولي، ولذلك تحرث على تجنب العقوبات الدولية وتحرص على نفي اي شواهد يتم ضبطها رغم ثبوتها، ولذلك يتجنبون اي حديث في الاعلام عن ارتباط الحوثيين بهم ويصرون على انهم يساندون الحوثيين كموقف سياسي فقط.
وفي المقابل يحرص الحوثي على هذا الشكل كونه يحفظ سمعته محليا كونه يزايد على خصومه الايرانيين بانهم “مرتزقة” وتابعين لدول اقليمية رغم ان الدعم الذي يتحصل عليه من ايران يفوق احيانا ما تقدمه دول اقليمية لمكونات حليفة وكذلك مستوى النفوذ على الجماعة وان بطرق أكثر لياقة.
أشكال دعائية
ترتبط الهيئة الاعلامية للحوثي باتحاد الاذاعات الايراني وكذلك قناة المسيرة، ويشارك ممثلون عن الهيئة والقناة في مؤتمر الغدير السنوي، كما ينخرط اعضاء الهيئة الحوثية في عضوية كل اللجان الدائمة للاتحاد، وينشطون ضمن الجيش الالكتروني لمحور المقاومة في وسائل التواصل الاجتماعي وصناعة المحتوى والحملات المنسقة لمختلف المستجدات الاقليمية، كما ينخرط نشطاء من حزب الله والمليشيا العراقية في الشأن المحلي اليمني اصطفافا مع الحوثيين بشكل فاقع، والعكس يحصل من عناصر حوثية بشان قضايا وشأن محلي في لبنان او العراق.
والملمح الاهم هو استماتة نشطاء واعلاميي الجماعة في الدفاع عن صورة ايران كونها “قلعة الإسلام” كما يسمونها، ولديهم اعجاب رومانسي بايران ومواقفها ونظامها ورموزها الى درجة ربما تفوق مؤيدي التيار الاصولي الايرانيين انفسهم، وهو نتاج لتكريس ثقافة داخلية تنظيمية او اعلامية تقدس ايران والولي الفقيه وكل ما يتعلق بطهران.
وحتى الان لا يزال الإيرانيون وحزب الله يحافظون على اتصال ودعم مباشر لسياسيين يمنيين وصحفيين وصحفيات غير مرتبطين بشكل مباشر بالحوثيين لكنهم يتبنون كافة مواقف الجماعة ويروجون لها لكن كنسق ثاني، وكذلك قنوات تلفزيونية مثل قناة “الساحات” وصحف ومواقع الكترونية.
كما ان قناة المسيرة تغطي اخبار من معظم الدول العربية والاسلامية عبر شبكة مراسلين وتقارير خاصة بالقناة ويجرون مقابلات بمايك يحمل هوية القناة، ويختتم المراسلون تقاريرهم المصورة باسماءهم متبوعة بصقتهم كمراسلين للمسيرة، وهؤلاء لا يتحمل الحوثيون نفقاتهم بل اتحاد الاذاعات الاسلامية الايراني عبر شبكة مركزية تغذي كافة منظومة اعلام المحور، واذا كان هذا الارتباط العضوي والعملي للحوثيين بايران في الشأن الاعلامي فكيف الحال في بقية المجالات البعيدة عن الاضواء!.