أم تي آي نيوز / متابعات
أظهرت صور أقمار صناعية، اليوم الخميس، إصابة قاعدة نيفاتيم الجوية الإسرائيلية بالهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف إسرائيل ، يوم الاثنين الماضي، ما يترك تساؤلات حول أهمية هذه القاعدة وما الذي تخفيه تل أبيب عن العالم.
ويأتي هذا في وقت أكدت فيه طهران أن المواقع التي استهدفتها هي مواقع عسكرية واستخبارية، ولا يوجد بينها أي أهداف مدنية.
وقالت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، إنه رغم أن صور الأقمار الصناعية التي ظهرت يوم أمس الأربعاء لم تكن واضحة بسبب الغيوم، إلا أن التي توفرت صباح اليوم الخميس، أكدت إصابة قاعدة نيفاتيم.
ولم تتوفر صور واضحة حول مصير قاعدتي حتسريم وتل نوف عقب الهجوم، ما يثير التساؤل عما إذا كانت الضربة الإيرانية غير دقيقة أساسًا.
ويوم الاثنين الماضي، أعلنت إيران أنها استهدفت في هجومها الصاروخي الباليستي مركزًا لجهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد”، وثلاث قواعد جوية، هي: حتسريم ونيفاتيم وتل نوف، فضلاً عن استهداف رادارات وتجمع للدبابات وناقلات الجند في محيط غزة.
وتقع قاعدة نيفاتيم، أو القاعدة 28 لسلاح الجو الإسرائيلي، في صحراء النقب، جنوب شرق بئر السبع، وشمال منطقة ديمونا، وهي أحد أكبر قواعد سلاح الجو الإسرائيلي، وتضم ثلاثة مدارج طويلة يتراوح طولها بين 2600 – 3900 متر.
وتتكون القاعدة من قسمين رئيسيين: قسم شمالي لعمل المقاتلات الحربية، وآخر جنوبي يستخدم للطائرات الكبيرة غير المقاتلة.
ويضم قسم المقاتلات الحربية عدة أسراب من الطائرات، بينها السرب 140 “النسر الذهبي” الذي يضم قسمًا من مقاتلات “F-35″، أما القسم الجنوبي، فيضم أنواعًا عدة من الطائرات غير المقاتلة، بينها طائرات للنقل المتوسط، مثل “C-130″، وطائرات التزويد بالوقود “Boeing 707 Re’em”، وطائرات “G550” المعدلة لمهام الحرب الإلكترونية والتجسس، والتي تطلق عليها إسرائيل اسم “نحشون”.
كما يستخدم القسم الجنوبي من قبل طائرات نقل الشخصيات الهامة، وأحيانًا من قبل طائرة رئيس الحكومة المعروفة باسم “جناح صهيون”.
وبحسب صور الأقمار الأقمار الصناعية التي توفرت اليوم، فإن الاستهداف الإيراني أصاب الجزء الجنوبي للقاعدة، المستخدم للطائرات غير المقاتلة.
ولفتت “سي إن إن” إلى أن الضرر الرئيس الذي ركزت عليه وسائل الإعلام هو لـ”هنغار كبير” من خمسة أقسام، وبطول إجمالي 200 متر، حيث أظهرت الصور تضرر الهنغار الذي يستخدم لحماية طائرات النقل الكبيرة مثل طائرة “Boeing 707 Re’em” في المنتصف تقريبًا.
ووفق الصور، فإنه بالإضافة للهنغار المستهدف، هناك أربعة آثار أخرى لإصابات على الممرات، وأحدها قد تكون أدت بالفعل لإصابة طائرة من طراز “C-130″، وهي طائرة متوسطة الحجم للنقل.
لكن حتى الآن، لا تظهر صور الأقمار الصناعية المتوفرة ضررًا في مواقع المقاتلات الحربية، والتي تبعد حوالي 2.5 كيلومتر عن المواقع التي تأكد إصابتها.
وقالت الشبكة الأمريكية إن هذا يثير التساؤل عما إذا كانت الضربة الإيرانية غير دقيقة أساسًا، وفشلت بالوصول للقسم الذي تربض فيه مقاتلات “F-35” التي أكد الحرس الثوري الإيراني إصابتها.
وبالرغم من عدم إصابة هذا القسم الحيوي من قاعدة نيفاتيم، يبقى من المرجح أن الضربة الإيرانية كانت دقيقة بالفعل، بحسب تقرير الشبكة.
وأوضح التقرير أن الإصابات الخمس الظاهرة بصور الأقمار الصناعية تقع ضمن دائرة قطرها حوالي 700 متر، ما يعني أن الصواريخ كانت دقيقة بشكل كبير، وعملت ضمن هامش الخطأ المتوقع لهذه الفئة من الصواريخ، وهو حوالي 50 – 100 متر.
وتساءلت “سي إن إن” أنه إذا كان بالإمكان توجيه الصواريخ بمثل هذه الدقة، فلماذا لم تُوَجَّه الصواريخ بمثل هذه الدقة لكي تصيب القسم الشمالي الخاص بالمقاتلات الحربية؟
وتابعت: “هناك احتمالان منطقيان، الأول أن إيران قدرت أن صواريخها لن تخترق الهنغارات الخاصة بالمقاتلات الحربية، وهي هنغارات مصممة للتعامل مع القنابل الخارقة للتحصينات، فيما لا تمتلك الصواريخ الباليستية الإيرانية مثل هذه القدرة، التي لا تتوافر عمومًا سوى لدى القليل من أنواع الصواريخ الباليستية الحديثة حول العالم”.
وأضافت أن اختراق الهنغارات المحصنة يتطلب رأسًا حربيًا ثقيلًا، يكون ثلثه إلى نصف وزنه الإجمالي من هيكل معدني قادر على تحمل الاصطدام مع الهنغار المبني من الخرسانة المسلحة، إلى حين اختراقها، ومن ثم الانفجار داخلها لتدمير الأصول الثمينة التي يحميها هذا الهنغار، مؤكدة أنه مع عدم امتلاك إيران لهذه القدرة، لا معنى لاستهداف هذا الجزء من قاعدة نيفاتيم.
أما الاحتمال الثاني وفق الشبكة، فإن إيران فضلت أن تظهر لإسرائيل قدرتها على الوصول لتلك القاعدة، وأن توجه ضربة دقيقة (خمسة صواريخ ضمن دائرة صغيرة نسبيًا)، ولكن من دون أن تؤذي هذه الضربة قدرات إسرائيل القتالية بشكل كبير، ومن ثم تقلل من احتمالات الرد الإسرائيلي.
وأوضحت أن إيران تدرك أن سلاح الجو هو السلاح الحيوي لإسرائيل بوصفه “الذراع الطويلة” التي تدعم على نحو مباشر نظرية الأمن القومي الإسرائيلية التي وضعت أسسها في عام 1953، والتي تنص على ضرورة استخدام الهجوم لردع الخصم، ونقل الحرب لأرض الخصم، وإجباره على الانتقال من الهجوم للدفاع.
وقال تقرير “سي إن إن” إن إيران أرادت بالمجمل أن ترسل لإسرائيل رسالة مفادها أن الضرر الكبير الذي لحق بقدرات “حزب الله” لم يحرم إيران من القدرة على الوصول لإسرائيل، وأن ما يقوله بعض المدافعين عن إسرائيل، مثل صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وكبير مستشاريه لشؤون الشرق الأوسط، جاريد كوشنر، من أن الضربة التي لحقت بـ”حزب الله” سحبت المسدس الذي كانت إيران تضعه في رأس إسرائيل، هو قول غير صحيح.
كما أن الضربة هي رسالة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي وجه للشعب الإيراني، عصر الاثنين، خطابًا مصورًا يعدهم فيه بالتغيير، وأن النظام الإيراني الحالي لن يبقى، وأن الديمقراطية ستصل لإيران، وفق الشبكة الأمريكية.
وقالت إنه على ما يبدو أن إيران وإسرائيل وصلتا لمرحلة من التبادل المباشر للرسائل، السياسية والعسكرية، لكن حتى الآن لم تخرقا أيًا من الخطوط الحمراء للطرفين، فلا قدرات إسرائيل العسكرية الأكثر أهمية قد أصيبت، ولا منشآت إيران النووية أو النفطية أو الباليستية الصاروخية قد ضربت، مؤكدة أننا “نعيش مرحلة غير مسبوقة واحتمالات تصاعد الصدام تتفوق على غيرها”.
ولفتت الشبكة إلى أن مقاطع الفيديو التي ظهرت بعيد الضربة أكدت أن أحد الصواريخ الإيرانية على الأقل انفجر على بعد 1 كيلو متر من مقر “الموساد”، دون أن يصيبه على نحو مباشر.
ويقع المقر الرئيس للموساد في معسكر غليلوت جنوب تل أبيب الكبرى، عند أحد التقاطعات المرورية النشطة، وبالتالي فهو موقع معروف، ويمكن لمن يمر بجانبه التحقق مما إذا كان قد أصيب بالفعل.
ولم يتوفر منذ مساء الاثنين ما يتناقض مع التقديرات الأولية بأن موقع الموساد لم يصب، كما لم تتوفر صور أقمار صناعية، أو تقارير إعلامية من غزة، تؤكد استهداف القوات الإسرائيلية هناك، بحسب “سي إن إن”.