كتب : عبد المجيد زبح
مع استمرار التحولات السياسية في اليمن، برز المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة صاعدة لا يمكن الاستهانة بها أو تجاوزها. استطاع المجلس الانتقالي أن يفرض نفسه كلاعب أساسي على الساحة اليمنية، في الوقت الذي كانت فيه القوى الشمالية تتفكك وتتراجع أمام التحديات المتزايدة.
بقيادة عيدروس الزبيدي، أثبت المجلس الانتقالي قدرته على الصمود والمناورة في أصعب الأوقات، ما جعله القوة التي تتجه نحوها جميع الأطراف، سواء للبحث عن تحالفات أو طلب الدعم.
قائد الحراك التهامي كان من أوائل من أدرك هذه القوة التي يتمتع بها المجلس الانتقالي، وسعى للقاء عيدروس الزبيدي، في خطوة استراتيجية تعكس وعيا بضرورة التعاون مع الانتقالي. فالحراك التهامي، وعلى الرغم من أنه ما زال في بداية مسيرته السياسية، إلا أن قادته فهموا سريعا أن الانتقالي هو الشريك الذي لا يمكن تجاوزه لتحقيق الأهداف المشتركة.
وفي خطوة أخرى لافتة، بادر مشائخ وأعيان صعدة أيضًا للقاء عيدروس الزبيدي. كانت هذه الخطوة بمثابة اعتراف واضح بأن المجلس الانتقالي بات القوة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها لتحقيق الاستقرار ومواجهة التحديات. القوى الشمالية، التي لطالما كانت تحكم قبضتها على اليمن، تجد نفسها اليوم في موقف ضعيف، وتتوجه نحو الجنوب بحثًا عن الدعم. لقاء مشائخ صعدة بالزبيدي يمثل تغيرًا جذريًا في خريطة التحالفات اليمنية.
أما طارق صالح، ممثل قوى سنحان، فهو الآخر وجد نفسه مضطرًا للاتجاه نحو المجلس الانتقالي، بعدما تقلص نفوذه وتراجعت قوته بشكل كبير. ف طارق صالح الذي كان يمثل امتدادًا لنظام عائلة صالح، بات اليوم يواجه تحديات كبرى، ولم يعد يمتلك القوة اللازمة للبقاء بمفرده في المعادلة اليمنية. لقاءه مع الزبيدي هو محاولة للبحث عن نصير يساعده على استعادة نفوذه المفقود، إلا أن طارق لم يعد بالقوة التي كان عليها في السابق، بل بات يبحث عن من ينقذه في معركته من أجل البقاء.
ومع كل هذه التحركات السياسية، تأتي الصدمة الأكبر التي قد تغير قواعد اللعبة في اليمن بشكل غير متوقع: اللقاء المحتمل بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحزب الإصلاح. هذا الحزب الذي كان يعتقد يومًا أنه يحكم نصف اليمن، ويملك نفوذًا كبيرًا في شماله، يجد نفسه اليوم أمام واقع جديد. الإصلاح، الذي طالما اعتمد على التحالفات التقليدية مع القوى الشمالية، بات يدرك اليوم أنه لا مفر من التحاور مع المجلس الانتقالي لضمان بقاءه في المشهد السياسي.
اللقاء المحتمل بين المجلس الانتقالي والإصلاح سيكون بمثابة زلزال سياسي، نظرًا للوضع المعقد بين الطرفين. فالإصلاح، الذي كان يرى نفسه كحاكم فعلي لليمن، يجد اليوم أن المجلس الانتقالي هو القوة التي يجب أن يتعاون معها لضمان البقاء والاستمرار. الترتيبات لهذا اللقاء جارية بالفعل، ويبدو أن الإصلاح يدرك أن التحالف مع الانتقالي قد يكون الخيار الوحيد لضمان مستقبله السياسي في ظل التغيرات الكبيرة التي تشهدها الساحة اليمنية.
في النهاية، ما يجري في اليمن اليوم هو إعادة ترتيب الأوراق والتحالفات. المجلس الانتقالي الجنوبي أصبح القوة التي تتجه إليها جميع الأطراف، سواء من الشمال أو الجنوب. الجميع بات يدرك أن الانتقالي هو القوة الصاعدة التي لا يمكن تجاوزها، سواء كانوا من الحراك التهامي، مشائخ صعدة، أو حتى قوى سنحان. ومع احتمالية لقاء المجلس الانتقالي بالإصلاح، تتضح الصورة: الانتقالي هو القوة التي ستحدد مستقبل اليمن السياسي .