إم تي آي نيوز / وكالات
تعرضت السودان في أغسطس الماضي لأضخم فيضانات منذ سنوات طويلة، اجتاحت مناطق واسعة من ولايات الشمال وخلفت خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، حيث فاقمت هذه الفيضانات من سوء أوضاع عشرات آلاف الأسر، وخلقت تهديدا خطيرا لملايين السودانيين بسبب انتشار أمراض معدية “غريبة” في عدد من الولايات.
وتأتي هذه الكارثة في ظل انهيار شبه كامل للقطاع الصحي، الذي يعاني من إفرازات الحرب المستمرة التي تجاوزت 500 يوم منذ بدايتها في 15 أبريل من العام الماضي.
وأدت الفيضانات والسيول الناتجة عن الأمطار الغزيرة في السودان إلى انتشار العديد من الأمراض والأوبئة، بما في ذلك الكوليرا، وفقا لوزارة الصحة السودانية. حيث دمرت عددا من المرافق الصحية وقطعت الطرق المؤدية إليها، مما أثر على سلامة الكوادر الطبية وقلل من قدرتها على الوصول إلى المرضى في المناطق المنكوبة، مما دفع العديد منهم إلى استخدام طرق خطيرة للوصول إلى المصابين.
وفي بيان لها أكدت الصحة السودانية أن عدد حالات الإصابة بالكوليرا تجاوز 6600 حالة، فيما بلغ عدد الوفيات 235 .
كما أفادت الوزارة بتضرر أكثر من 54 ألف أسرة جراء السيول والفيضانات التي اجتاحت 11 ولاية في البلاد. وأعربت عن قلقها البالغ بشأن قدرة النظام الصحي على التعامل مع تفشي الأوبئة خلال موسم الأمطار، في ظل تعطل 80 بالمئة من المرافق الصحية بسبب النزاع المسلح المستمر بين أطراف النزاع.
وفي ظل هذه التحديات الخطيرة، حذر العاملون التابعون للأمم المتحدة في المجال الإنساني، من أن الأمطار الغزيرة والفيضانات أثرت على نحو نصف مليون شخص في السودان في ولايات جنوب دارفور والبحر الأحمر ونهر النيل والولاية الشمالية، بالإضافة إلى ولاية شمال دارفور وهي من أكثر الولايات تضررا، وذلك منذ أواخر يونيو الماضي بداية فصل الخريف في السودان.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن نحو 124 ألف شخص في مناطق معرضة لخطر المجاعة، بما في ذلك في عاصمة شمال دارفور، مدينة الفاشر، تأثروا بالأمطار الغزيرة.
وفي هذا السياق، سلمت منظمات الإغاثة الأسبوع الماضي، أغذية علاجية منقذة لحياة ستة آلاف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور. كما وزع الشركاء مواد إغاثة على عشرات الآلاف من الأشخاص في الولاية الشمالية.
وأشار دوجاريك إلى أنه تم الإبلاغ عن نحو 2900 حالة مشتبه بها من الكوليرا منذ أحدث تفش في منتصف أغسطس… مؤكدا أن الفيضانات الشديدة تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتدهور بالفعل في السودان، وأن الفيضانات والمياه الراكدة تزيد أيضا من خطر انتشار الأمراض.
وبدورها، نبهت نقابة أطباء السودان من أن الكوادر الطبية والصحية العاملة في مناطق الحرب، تواجه العديد من الأخطار التي تحيط بها من كل جانب، ففي الوقت الذي ظل فيه الأطباء والكوادر الصحية بالقطاع الصحي يعملون منذ اندلاع القتال، في ظل أوضاع أمنية بالغة الخطورة أدت إلى مقتل العشرات منهم، فيما زادت السيول والفيضانات الأخيرة، إضافة إلى تفشي الأمراض المعدية من التحديات الصحية في البلاد.
وعلى مدى أكثر من 500 يوم، عانى السودان من ويلات النزاع المستمر الذي ألقى بظلاله الثقيلة على مختلف جوانب الحياة في البلاد. ومع تصاعد الأزمة الإنسانية جراء النزاع المسلح، جاءت السيول والفيضانات في أغسطس الماضي لتزيد معاناة ملايين السودانيين.
وفي إطار الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان، صرح الدكتور تادروس إيدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، بعد عودته من زيارة ميدانية للسودان، بأن الوضع الصحي في البلاد “محزن”. وأعرب عبر منشور له على منصة إكس عن حزنه الشديد إزاء الأزمة الحالية، مشيرا إلى أن النزوح في السودان يشكل “أكبر مشكلة نزوح في العالم”، حيث تجاوز عدد النازحين عشرة ملايين شخص، بالإضافة إلى أكثر من مليوني لاجئ في دول الجوار.
وشدد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، على ضرورة أن يكون المجتمع الدولي على دراية كاملة بحجم الكارثة التي لحقت بالسودان، وخاصة في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها القطاع الصحي.. موضحا أن المنظمة قدمت 92 طنا من المساعدات الطبية بعد خمسة أيام من فتح معبر أدري الحدودي مع تشاد، مؤكدا أهمية تقديم المساعدات الإنسانية عبر جميع المعابر الحدودية والمطارات التي حددتها حكومة السودان، بما في ذلك بورتسودان والغرب والجنوب.
وفي ظل الأزمة الإنسانية والصحية الراهنة التي يعاني منها السودان، تحتاج الأزمة إلى استجابة دولية منسقة وسريعة من أجل تقديم المساعدة اللازمة وتخفيف معاناة المتضررين ودعم النظام الصحي الذي تعرض لأضرار جسيمة.