الجمعة, نوفمبر 1, 2024
الرئيسيةتغريدات و آراء و كتابوعد بالازدهار وواقع من الفوضى : معالجة الفجوة بين الخطاب والواقع في...

وعد بالازدهار وواقع من الفوضى : معالجة الفجوة بين الخطاب والواقع في اليمن

أم تي آي نيوز / سوث24 : علاء محسن

“التشرذم السياسي سمة طويلة الأمد للثقافة السياسية في اليمن. يعكس الواقع السياسي الحالي في البلاد التنافس بين عدن وصنعاء في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين..” 

يُعد تحرير عدن في يوليو 2015 نقطة تحول هامة للجنوبيين، وللحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بقيادة الرئيس هادي بالإضافة إلى حلفائهم السعوديين والإماراتيين. إذ مثل هذا النصر العسكري ضربة قوية للحوثيين وقوات صالح، الذين كانوا على يقين من قدرتهم على السيطرة على البلاد بأكملها. بعد أربعة أشهر من المقاومة الشعبية بأسلحة بسيطة، تمكن الأهالي أخيرًا من تنفس الصعداء، وعاد النازحون إلى ديارهم. ارتفعت الآمال حينها واستبشر الناس بعهد جديد من الازدهار والتنمية وحكم القانون وكانوا متفائلين ببداية حقبة خالية من إرث صالح الفاسد وأيديولوجية الحوثيين المتشددة.

في غضون أسابيع، عادت حكومة بحاح إلى عدن لتعيد تأسيس وجودها، وممارسة سلطتها من داخل البلاد، وقيادة العمليات العسكرية لتحرير مناطق أخرى. كما تم دمج قادة من الحراك الجنوبي في هياكل السلطة الحكومية وعُينوا كحكام ورؤساء شرطة، تقديرًا لجهودهم في مكافحة الحوثيين. غير أن الخلافات بين إدارة هادي والمقاومة الجنوبية سرعان ما ظهرت على السطح، مما أدى إلى إقالة شخصيات رئيسية، بما في ذلك عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك. وردًا على ذلك، تم تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو 2017، مما عكس توترًا في الشراكة بين الحكومة والحراك الجنوبي، وبرزت تصدعات في هذا التحالف الذي تشكل في المراحل الأولى من الحرب.

التوترات السياسية وتحديات الحكم 

نتيجة لتصاعد التوترات وتضارب الأجندات، اختل الاستقرار والنظام في مناطق الجنوب. بل إن الأمر ازداد سوءًا عندما أعلن مسؤول رفيع في الحكومة اليمنية أن تحقيق الاستقرار سيخدم “المشروع الانفصالي” في عدن. بمعنى آخر، ترى بعض الجهات المحسوبة على الشرعية اليمنية أن جهود تحسين الأوضاع المعيشية في الجنوب ستعزز من قوة خصومهم الجنوبيين، وبهذا اعتقد هذا الطرف المؤثر على الشرعية أن انتشار الفوضى وتدهور الأوضاع سيعيق مشروع الاستقلال ويعزل المجلس الانتقالي الجنوبي عن قاعدته الشعبية.

من الواضح أن إرادة الحكومة اليمنية في تأخير مسألة الاستقرار لم تكن السبب الوحيد لما حصل من اختلالات، بل إن الصراع المسلح بين الشرعية والانتقالي قد جعل من هذا الأمر نبوءة تتحقق ذاتيًا، حيث خلق بيئة مواتية للفوضى والعنف. ورغم أن اتفاق الرياض الموقع في عام 2019 وما تبعه من تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في عام 2022 قد ساهما في نزع فتيل المواجهات المسلحة بين الطرفين، إلا أن هذا المجلس لم يتمكن حتى اللحظة من التحول إلى هيئة تنفيذية متماسكة، حيث لا يزال يعاني من الانقسامات الداخلية والرؤى المتضاربة التي تقوض قدرته على الحكم والإدارة بفعالية.

وهذا يفسر فشل المجلس حتى الآن في كبح الفساد، ومعالجة مشكلات الإدارة، وتوسيع تقديم الخدمات في المناطق المحررة. من بين القضايا الأكثر إلحاحًا التي يواجهها المجلس الرئاسي هي ملفات الكهرباء، والانهيار الاقتصادي، وسوء الإدارة الأمنية. أصبحت أزمة الكهرباء مصدرًا رئيسيًا لسخط المواطنين خاصة في المناطق الساحلية ذات المناخ الحار والرطب. في فصل الصيف، تستمر انقطاعات الكهرباء لفترات طويلة تصل إلى 18 ساعة يوميًا، مما جعل الحياة لا تطاق هناك، كما هو الحال في مدينة عدن حيث تصل درجات الحرارة في الصيف غالبًا إلى 35-40 درجة مئوية.

ورغم أن محطة الطاقة الشمسية الممولة من الإمارات قد ساهمت في تحسين الوضع، إلا أنها بعيدة عن تلبية الطلب المحلي خلال فترة الصيف، حيث يصل الطلب إلى 750 ميجاوات في عدن وحدها. إذا كانت الحكومة غير قادرة على تلبية هذا الطلب بنفسها، فيجب عليها النظر في إشراك القطاع الخاص في تقديم هذه الخدمة، وتخصيص دعم حكومي لجعل أسعار السوق أقل تكلفة للمواطن. وبينما تمثل أزمة الكهرباء مشكلة موسمية خلال الفصول الحارة، إلا أن الوضع الاقتصادي المتدهور والتضخم المفرط يظلان الهاجس الأكبر للمواطن، حيث يؤثران بشكل مباشر على مستوى المعيشة وقدرة السواد الأعظم من الناس على توفير أساسيات الحياة. اعتبارًا من سبتمبر 2024، بلغ سعر الصرف في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية 1,915 ريالاً للدولار الواحد، مما يمثل فقدانًا بنسبة 88% من قيمة الريال قبل الحرب. وهذا يعني أن موظف القطاع العام الذي كان راتبه 300 دولار قبل 2015 يتقاضى الآن أقل من 34 دولارًا شهريًا. وبهذا، أصبح من الصعب أكثر من أي وقت مضى على معظم اليمنيين تحمل تكاليف الضروريات الأساسية. كما تزيد تحديات الأمن من معاناة الناس أيضًا، سواء بسبب الهجمات الإرهابية من قبل تنظيم القاعدة، أو قلة التنسيق بين الوحدات الأمنية، أو استغلال بعض القيادات الأمنية للسلطة.

مواجهة الحوثيين من خلال الحوكمة؟ 

أثبتت أنشطة الحوثيين في البحر الأحمر بوضوح أن هناك فرصًا ضئيلة لتحول الجماعة إلى سلطة مسؤولة تحترم القانون والأعراف الدولية. التهديدات البحرية التي يشكلها الحوثيون تضر بمصالح العالم بأسره — وليس فقط بعض الدول مثل إسرائيل أو الولايات المتحدة، كما يدعي الحوثيون. للأسف، استغل الحوثيون أزمة البحر الأحمر كفرصة لزيادة القمع وتنفيذ سياسات مثيرة للجدل. حتى العاملين في المجال الإنساني كانوا هدفًا لهذه الحملات. خلال الأشهر القليلة الماضية، اعتقلت السلطات الحوثية بشكل تعسفي العاملين في المنظمات الدولية، وداهمت مكاتبها، بما في ذلك مقر الأمم المتحدة. كما قامت بتنفيذ حملات ترهيب وتهديد للعاملين وتواصل فرض قيود على حركتهم، بالإضافة إلى التدخل في عمليات توظيف طواقم العمل لدى المنظمات الدولية في صنعاء. حتى في أكثر الأنظمة استبدادًا، نادرًا ما يتم استهداف العاملين في المجال الإنساني، لكونهم لا ينخرطون في المعارضة السياسة ضد سلطات البلدان التي يعملون بها. ومع ذلك، أدت جهود الحوثيين لفرض السيطرة إلى الترهيب، وزيادة القيود على الفضاء المدني، وخلق ثقافة من الخوف بهدف إخضاع جميع عناصر المجتمع لرؤيتهم.

إنّ التحديات التي يفرضها استمرار سيطرة الحوثيين على صنعاء والشمال تجعل من الضروري بشكل ملح العمل على استقرار الحياة في الجنوب والمناطق الأخرى التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، خاصة مع دخول الحرب في مرحلة جمود عسكري. تتمتع المناطق الجنوبية وغيرها من المناطق الخاضعة للشرعية بتنوع سياسي أكبر، فضلا عن مستويات أعلى من الحرية، واحترام حقوق الإنسان، وهامش أكبر لعمل المجتمع المدني والصحافة المستقلة. ينبغي ألا نحصر عدن بكونها مجرد عاصمة مؤقتة للحكومة اليمنية؛ بل رمزًا لمشروع وطني يعيد الأمل للناس في تحقيق الكرامة، والأمن، والفرص الاقتصادية.

استقرار المناطق التابعة للحكومة سيعيد الأمل ليس فقط للجنوبيين، بل أيضًا لبقية اليمنيين الذين فروا من القمع والحكم الاستبدادي في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. حتى الآن، أصبحت بعض المدن، مثل مأرب، ملاذًا للعديد من الأشخاص اللاجئين من آلة القمع والحرب الحوثية. ومع ذلك، لا يمكن لمدينة أو محافظة أن تتحمل هذا العبء وحدها بصورة منفردة. أيضًا، تظل قدرة الحكومة الشرعية وشركائها على تقويض سيطرة الحوثيين مرتفعة جدًا إذا نجحت في تحسين الظروف المعيشية ورفع مستوى تقديم الخدمات في المناطق التي تسيطر عليها بالفعل.

لذا، يمثل استقرار المناطق الواقعة خارج سيطرة الحوثيين مصلحة مشتركة تهم جميع القوى السياسية المناهضة للحوثيين بما فيها الحكومة الشرعية المدعومة دوليًا، ولا ينبغي أن يُنظر إليه على أنه معادلة صفرية بين هذه الكيانات والقوى. أيضًا من غير المعقول أن يتم تقديم تضحيات كبيرة لتحرير هذه المناطق من الحوثيين، بينما تظل الجهود المبذولة لتحقيق النظام والاستقرار الاقتصادي محدودة جدا. يعيش اليوم العديد من الناس، خاصة في المناطق الجنوبية، في حالة من اليأس جراء الظروف القاسية التي يواجهونها. هذا الوضع المختل – حيث تم تحقيق النصر العسكري من دون النجاح في استقرار المناطق المحررة خدماتيًا واقتصاديًا – يثير أيضًا تساؤلات وجودية لدى البعض حول مبررات المقاومة والفوائد الحقيقية للتحرر. أيضًا يساهم الفساد وسوء الإدارة وانتشار الفوضى في زيادة حدة الاستياء الشعبي ضد الحكومة وشركائها من الجهات السياسية التي تسيطر على الأوضاع. وفي هذا المناخ من تلاشي الثقة، يمكن للحوثيين استغلال السخط الاجتماعي وإيجاد فرص للتسلل واختراق هذه المناطق، خاصة في وقت تعزز الجماعة شعبيتها محليًا وإقليميًا عن طريق استغلال الحرب في غزة لتقديم نفسها كموقف مدافع عن مصالح الأمة ضد قوى عالمية وإقليمية قوية مثل الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وإسرائيل. وبهذا فإن تدهور أداء المجلس الرئاسي ومكوناته، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي، يعرّضهم لخطر فقدان الدعم الشعبي الذي أسهم في انتصارهم الأولي على الحوثيين.

استقرار الجنوب: مخاوف لا أساس لها 

يُعد التفكير الاستراتيجي وإطلاق العنان للخيال السياسي ضروريًا للتوفيق بين رؤى المجلس الانتقالي الجنوبي والقوى الأخرى المنضوية تحت سلطة الحكومة اليمنية. إن القلق والخوف الذي يُبديه البعض بشأن استقرار المناطق الجنوبية، معتقدين أن ذلك قد يؤدي إلى انفصالها الفوري عن الجمهورية اليمنية، هو قلق غير مبرر وليس له أساس من الصحة. في الواقع، فإن استمرار المظالم والتهميش وخلق اليأس لدى الناس هو ما يغذي الحلول الراديكالية وردات الفعل العنيفة خصوصا مع اكتشاف وجود أعمال تخريبية من قبل الخصوم السياسيين. أثبتت التجارب السابقة عدم فاعلية التخريب كأداة استراتيجية لتحقيق مكاسب سياسية والنيل من المشاريع السياسية للخصوم، حتى إذا نجح مؤقتًا في عزل بعض الفاعلين السياسيين عن قواعدهم الشعبية. على سبيل المثال، خلال الفترة 2012-2014، نجحت أعمال صالح التخريبية في خلق عتبات إضافية على الرئيس هادي وتقويض المرحلة الانتقالية، لكنها لم تمكنه من استعادة سلطته ونفوذه. بدلاً من ذلك، تم قتل صالح في النهاية على يد نفس الجماعة التي سبق أن مكنها من الانتقام من خصومه. وفي بيئة سياسية غير مستقرة كهذه، يكاد يكون من المستحيل التحكم في سير الأحداث؛ لذلك، يُعد التخريب مغامرة عالية الخطورة غالبًا ما تترك المخربين أنفسهم في وضع أسوأ من السابق. من ناحية أخرى، فإن التركيز على حل مشكلات الحكم وبناء الشرعية الداخلية من خلال تقديم الخدمات يعتبر بديلاً أفضل وأكثر أمانًا للتنافس السياسي.

يجب أن نتذكر دائمًا أن الانقسام السياسي يشكل جزءًا أساسيًا من الثقافة السياسية اليمنية. يعكس الواقع السياسي الحالي في اليمن التنافس بين صنعاء وعدن في السبعينيات والثمانينيات، رغم أن الكيانين كانا دولتين ذات سيادة في تلك الحقبة. ومع ذلك، يجب ألا يُعتبر هذا التباين والانقسام السياسي مرادفًا للفشل في الحكم والإدارة. يمكننا العمل مع ما هو قائم حاليا، حيث يمكن حتى لأصغر تركيبات السلطة أن تسهم بشكل كبير في الاستقرار والتنمية المحلية. وبهذا بدلاً من التركيز على خطاب الوحدة أو الشعارات الرمزية المفرقة، ينبغي إعطاء الأولوية لمعالجة تحديات الإدارة الحكومية وحل مشكلات الناس، والسماح بمناقشة هيكل الدولة بطريقة تتيح له التطور بشكل طبيعي استنادا إلى المصالح المشتركة للمجتمعات المحلية والمناطق المختلفة. في الوقت نفسه، شهدت عدن ومناطق الجنوب تحولات سياسية مواتية للتنمية والاستقرار بعد تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، مستلهمة بذلك التجربة التنموية التي شهدها جيرانها في مجلس التعاون الخليجي. حتى إن الحماس الثوري لعصر الاشتراكية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لم يعد موجودًا اليوم، حيث أصبح القادة الجنوبيون أكثر رغبة بالتعاون الإقليمي، وإعطاء الأولوية للرفاهية الاقتصادية بدلًا من الانشغال بالمشاريع الثورية الكبرى على الساحة الدولية.

معالجة قضايا الحوكمة: دعوة للعمل 

تواجه الحوكمة والإدارة الحكومية في ظل ظروف الحرب والصراع مجموعة من التحديات، خاصة في وقت انقسام السلطة وتناقص الموارد المالية لديها. ومع ذلك، تكمن المشكلة الأكبر في سياسات المحسوبية والعلاقات الزبائنية التي زادت من حصة ثراء القادة السياسيين والمقربين من النافذين دون أن تترك تأثيرًا إيجابيًا على الحوكمة اليومية ونوعية الخدمات المقدمة للمواطن. كما أن محاربة الفساد وإقامة نظام للمساءلة تكاد تكون مهامًا مستحيلة، نظرًا لأن الولاءات السياسية تسبق كل اعتبارات أخرى للتعيين مثل معايير الكفاءات المهنية أو النزاهة الشخصية لشاغلي المناصب. ولهذا السبب نادرًا ما يتم اتخاذ إجراءات حاسمة ضد من أساءوا استخدام سلطتهم، حيث تميل السلطات العليا إلى غض الطرف عن حلفائها.

وأخيرًا، لن يكون من العدل القول إن صورة الحكم والإدارة الحكومية قاتمة تماما فهناك بعض الأمثلة الإيجابية التي يمكننا الاستفادة منها كتجارب نجاح ملهمة لتطويرها وتعميمها في إدارات أخرى. على سبيل المثال، ملف نزاعات الأراضي لا يزال شائكًا خصوصًا في عدن منذ عقود. في فترة ما بعد حرب 1994 تحديدًا، بدأ نظام صالح في مكافأة حلفائه في الحرب بالأراضي والعقارات كمكافأة لدعمهم السياسي والعسكري خلال الحرب. أدى ذلك إلى تعقيد مسألة ملكية الأراضي والعقارات، مما أسفر عن مطالبات وملكيات متعددة على نفس العقار أو الأرض. أيضا أدت حرب 2015 إلى نشوء ديناميكية مماثلة وحالة من الفوضى في ملف الأراضي أكثر تعقيدًا من سابق، حيث أصبح لدى الأفراد سندات ملكية متعددة لنفس قطع الأرض أو العقار. تسببت هذه الفوضى باشتباكات مسلحة دورية بين المتنازعين في عدن والمناطق المحيطة بها، مما أثر على أمن وسلامة المواطن. ومع ذلك، فإن الجهود التي قادها النقيب كمال الحالمي، قائد وحدة التدخل لحماية أراضي العاصمة عدن، قد أضاءت بصيصًا من الأمل. تأسست هذه الوحدة المتخصصة في ديسمبر 2021، وساهمت بشكل ملحوظ في الحد من نزاعات الأراضي المسلحة والاقتتال والاستيلاء على الأراضي من قبل الأفراد النافذين. يجب الإشادة بمثل هذه التجارب، ودعمها بشكل أكبر من قبل السلطات المحلية والقيادة السياسية لتكون أمثلة يحتذى بها في معالجة قضايا الشأن العام وتطبيق النظام والقانون.

خاتمة 

في حين أن اليمنيين منقسمون حول الجهة المسؤولة عن هذا الوضع المزري، إلا أن هناك إجماعًا على الحاجة الملحة للإصلاح والتغيير لتحقيق استقرار أفضل للمناطق الخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية وشركائها. وعلى الرغم من الأخطاء الجسيمة والتحديات الكبيرة القائمة، إلا أن الأمل لا يزال قائمًا في تحقيق الاستقرار والوصول إلى مستقبل أفضل. كخطوة أولى، يجب التوصل إلى تفاهم متبادل بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي لضمان فصل تقديم الخدمات عن حسابات التنافس السياسي. سيساعد هذا التفاهم الجديد في وضع الحوكمة وتقديم الخدمات في صدارة أجندة الحكومة، ويتضمن إصلاحات مصاحبة منها الالتزام بفرض أنظمة المساءلة، وتوظيف إداريين عموميين ذوي كفاءة، والابتعاد عن سياسات المحسوبية وعقلية الغنائم.

وفي الختام، نود التذكير أنه من بين التحديات المذكورة أعلاه، يمثل الاقتصاد الأولوية الأكثر إلحاحًا، حيث أثبتت الودائع المصرفية السعودية المتعددة عدم فعاليتها في السيطرة على التضخم أو منع تدهور العملة. كما أنّ اتباع سياسة التلاعب بالعملة، كما يفعل الحوثيون، ليس إجراءً فعالًا، حيث يعاني المواطنون في تلك المناطق من التضخم المفرط وانخفاض القدرة الشرائية لديهم، على الرغم من أن الريال اليمني القديم مثبت بمبلغ محدد بالدولار. لذلك، يجب أن تركز السياسات الحكومية على النمو الاقتصادي لتعزيز الإنتاجية، وخلق فرص العمل، والسيطرة على الفساد المالي، وتقليل الحاجة إلى المساعدات الخارجية.

علاء محسن

*باحث مقيم لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات. باحث دكتوراه في العلوم السياسية بجامعة يوتا ومتخصص في سياسات الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات