أم تي آي نيوز / سعيد أحمد بن أسحاق
أخيراً كشف اللاعبون عن خارطة الطريق بالشرق الاوسط منذ سنوات التي يتحدث عنها الساسة في اجتماعاتهم المتعددة للهيمنة، يمكن تلخيصها بالنقاط المختصرة أولها بأن العلاقات الدولية هي علاقات القوة وليس بالقانون، وثانيها: أن القوة باقية، والقانون يقنن ويشرع ماهو باق.. وهذا مايوضحه اعلان الامم المتحدة على لسان مبعوثها هانس غروندبرغ في بيانه على وقف اطلاق النار على مستوى اليمن لاحلال السلام لرفع المعيشة وصرف الرواتب واستئناف صادرات النفط، وكذا تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة وفتح الطريق مع تعز ومع اجزاء أخرى.
تمخض هذا البيان بعد اجتماعات متتالية وحثيثة في الرياض ومسقط مع الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي وكبير مفاوضي انصار الله (الحوثة) محمد عبدالسلام وقد بارك هانس غروندبرغ المبعوث الأممي على ماتوصلا إليه من نتائج وإتفاق مابينهما لاحلال السلام في اليمن.. فهل ينتقل الدكتور رشاد العليمي ومحمد عبدالسلام كبير مفاوضي الحوثة من متهم على التمرد ضد الشرعية وكذا بالإرهاب الى بطل للسلام ونيل جائزة نوبل للسلام ام تكون مشاركة مع الشرعية الذي يمثلها رئيس مجلس القيادة الرئاسي لعام 2023م؟ كيف للشرعية أن تتفاوض مع الحوثة الذين وضعوا اليمن في فراغ دستوري واخذوا في التصرف كدولة داخل الدولة؟! كما فرضوا رقابتهم على مطار صنعاء وأنشأوا شبكة إتصالات خاصة بهم حتى تفجر الأوضاع؟!
لكنها السياسة القائمة على مبادي القوة التي يقنن فيها القانون ويشرع ما هو باق..وهذا ماأدى هانس غروندبرغ الى العمل لقيام خارطة الطريق بين الطرفين على غرار خارطة الطريق للشرق الاوسط التي اعلنها جورج بوش تحت رعاية الامم المتحدة تتضمن الإلتزامات والدعم لتنفيذها.
وجهان ذات طبيعة جغرافية واجتماعية واحدة أجتمعا على مقترحات وحزمة من الحوافز لتنفيذ أجندة خاصة تؤكد خطورتها على الأمن القومي للجنوب العربي ولذا تجد الجنوب خارج الاطراف المشتركة ولم يعر لها اي اعتبار على ماتوصلا إليه الطرفان ذو السمحة الواحدة وبقي الجنوب على قارعة الطريق برغم اشتعال الجبهات فيها بصورة دائمة مما يؤكد أن خطورة إيران على الامن القومي للجنوب العربي والخليج لا تقل عن خطورة اسرائيل.
إن خارطة الطريق المرسومة اصلا جاءت على قياس صنعاء ولذا ذكرت فيها منافذها الجوية والبحرية فقط وطريق تعز في حين لم تتطرق الخارطة الى ميناء عدن ولا للموانئ الاخرى كميناء ضبة أو المكلا ولا لمطار الريان وانما لاستئناف النفط والذي كان الحوثة المتسبب الوحيد في وقف التصدير مما عمل على التدهور الاقتصادي بشكل كبير والى عجز صرف الرواتب والاستحقاقات الاخرى مما تفاقمت الاوضاع اكثر سوء وعناء، ارتفعت من خلالها معدلات الفقر والجوع والهزال والتقزم ناهيك عن تردي الخدمات الى تحت الصفر.. فأي خارطة طريق هذه تهتم بجانب المعتدي دون الجانب المتضرر ضحية وحدة ماتت منذ حرب عام 1994 م وأحرقت حرب 2015م كل من كان به نصف نفس؟ وأي سلام يكون وصنعاء بخارطة الطريق وعدن على قارعة الطريق؟
لقد علمتنا التحالفات الغربية الى انشاء المزيد من القواعد العسكرية داخل الاقليم والى تدويل مايراد تدويله حتى اصبحنا نعرف مضمون المسرحية قبل كتابتها على الورق.. وما مسرحية ضرب السفن بباب المندب وخليج عدن ماهو إلا تمهيد لتدويل الممر الجنوبي للضغط لتهجير الفلسطنيين الى مناطق جديدة ومنها عدن، وما كل تلك إلا أدوات لتنفيذ خارطة الطريق مهما كانت المسميات،، ولن يكون هناك سلام إلا باستعادة الدولة الجنوبية ولن تبقى عدن لوحدها على قارعة الطريق أبدا.. ومازالت الكرة بالميدان ولم تنتهي اللعبة بعد، وعلى الجنوب أن يحسم أمره ويختار طريقه فلا خيار أمام الجنوب العربي غير هذا.. فالأعلام قد تنوعت أدواته ومن أهم أسلحة الحروب المعاصرة، وان تجارب الجنوب العربي قد تعددت مع الوقائع الملموسة ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.. وساعة السنوات تدور.. تطوي الاعمار، فإلى متى الإنتظار ياوطني؟ وهكذا هم قوى الاحتلال، ليعيشوا هم.