د . يوسف سعيد أحمد
عندما تنهار العملة الوطنية وترتفع معدلات التضخم إلى المستوى الجامح كما يحصل في بلادنا وخاصة في عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى ومناطق اخرى تابعة للشرعية فإنه وفقا لذلك تنهار الاوطان ويستطيع اللاعبون المحليون و الإقليميون والدوليون استخدام هذه المتغيرات الاقتصادية كرافعة سياسية بعد أن تنتج مجموعات من الرابحين والخاسرين وتدفع الناس إلى اتباع سلوكيات تتسم بالفوضى والرعونة وغياب القانون و اليقين على إثر زيادة مستويات الفقرة والفاقة وتعمق التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والدخلية إلى الحد الذي لايطاق .
وهي أمور تزيد من حالة انزلاق البلاد نحو المجهول لكن بالنسبة للاعبين ووفقا للسيناريو الافتراضي الموضوع مسبقا فإنه يسهل عليهم و إلى حد كبير توقعها مما يمكنهم في النهاية من إدارة الأزمة وترويض المجتمع واقناعة بإنصاف الحلول السياسية والاجتماعية واستخدام هذا المنحى وهذا الترتيب كسياسات لإعادة تموضع العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بمافي ذلك ترتيب العلاقة بين الدائنين والمدنيين والعمل ورأس المال وما بوفرة ذلك كمدخل لحل النزاع لكن غير المنصف..
فسلطة صنعاء واولئك الذين خزنوا العملة الصعبة في الخارج وغسلوا الأموال ورجال المال الخليجيين سيحصلون في النهاية على أصول رخيصة من الاراضي والعقار والمرافق الاقتصادية في عدن وحضرموت وفي المحافظات التي تكتوي بانهيار سعر الصرف وتعاني من معدلات التضخم الجامح لأن اسعار الأصول في هذه المناطق تكون رخيصة مقيمة بأسعار صرف الدولار والريال السعودي المرتفعة بما في ذلك عملت صنعاء وان كانت الاخيرة ينظر إليها كعملة صورية في غياب القوة الاقتصادية والموارد ..
وفقا لذلك وكخبير اقتصادي لا استبعد أن موجه التصاعد المستمر في قيمة الدولار والتراجع المستمر في قيمة العملة الوطنية الذي يمثل مستوى من الانهيار ومايرافقة من تضخم تدريجي مستمر في الأسعار و الذي يشبه التضخم الجامح يأتي وفقا لسيناريو الرافعة السياسية المخطط له مسبقا.
ولذلك وجدنا جيراننا الأشقاء في موقف نقيض من قرارات البنك المركزي عدا أنهم لم يلتفتوا في نفس الوقت على أوضاعنا الاقتصادية ومستوى التردي المعيشي الذي وصل إليه غالبية السواد الأعظم من الناس وفي المقدمة منهم اصحاب الدخل المحدود من جراء انهيار سعر الصرف وارتفاع معدلات التضخم ولم يسارعوا في تقديم دعم اقتصادي حقيقي معتبر يعمل على تهدئة السوق والحد من التدهور .
وفي الاخير نراهم يفرضون ومن خلال وساطة المبعوث الدولي حوارا وكشرط طلبوا التنازل عن قرارات البنك المركزي عدن تمهيدا لبدء مرحلة مقبلة جديدة ..
تتمثل في الدخول في مفاوضات على خارطة طريق تم وضعها والتباحث بشأنها بين المملكة ووفد سلطة صنعاء في اضواء خافتة. وهكذا وبناء عليه أمرت الشرعية البنك المركزي بقيادة المحافظ المعبقي التي رفضت في نفس الوقت استقالته بالتنازل على قرارات البنك المركزي التي كانت قد وجدت و لأول مرة دعما شعبيا واسعا غير مسبوق.
لكن الشرعية وهي متغير تابع وليس متغير مستقل لا احد يعول عليها لانها ببساطة لا تتصرف كند ولا تمتلك القرار وليس بيدها الخيارات ولهذا اول ما تنازلت عن مطلبها الوحيد المتمثل في السماح باستئناف تصدير النفط قبل بدء اي حوار الذي كانت قد قدمته للمبعوث الدولي.
واستجابت لطلب الأشقاء في المملكة والإمارات المتحدة وهذا كان متوقعا فالبلدين ومعهما الولايات المتحدة وبريطانيا يمثلان الرباعية الراعيين والماسكين بالملف اليمني .
وهكذا وفقا لمصالح الإقليم وليس لمصالح اليمن تجري ترتيبات بدء الحوار مع سلطة الأمر الواقع ي وفقا لاجندة الأخيرة مما يضع البلاد على أعتاب مرحلة قد لاتقود إلى سلام حقيقي او الوصول إلى حل عادل ..وهناك شكوك أن تغيب القضايا الوطنية المفصلية ومايرتبط بها من توافق على شروط تضمن تأسيس دولة مدنية حديثة بعيدا عن السلطة الدينية والعنصرية.
وفي نفس السياق كل الخوف أيضا أن تغيب القضية الجنوبية من أجندة المتحاورين في ظل غياب الضمانات الدولية والإقليمية الوازنة .