أم تي آي نيوز / رامي الردفاني
بعد حرب صيف 1994م اجتاحت قوات الاحتلال اليمني ( قوات عفاش والإخوان) الجنوب وعاثت في الأرض فسادا ، فتاوى تكفيرية وتهميش واقصاء للكوادر العسكرية والأمنية والمدنية ، خصصت لمؤسسات الدولة وتسريح كافة العاملين ، أصيبت كافة مناطق الجنوب بالشلل التام ، ناهيك عن الهدف الاسمى لتلك القوات السيطرة على منابع الثروات النفطية ، فتوجهت غزواتهم صوب محافظات الجنوب الغنية بالثروات ( حضرموت ‘ شبوة والمهرة) وتمكنت من السيطرة والاستيلاء عليها وتمكين المتنفذين الشماليين من هذه الثروات على منابع الثروات ونهب مقدرات الجنوب وثرواته من النفط والغاز والذهب والمعادن والثروة السمكية والأراضي والعقارات والوظائف في السلك العسكري والمدني في مشهد يعكس مدى وحشية وعنجهية تلك القوى الغازية، بينما أبناء الجنوب لاحول لهم ولاقوة ، تجرعوا أبشع صنوف الظلم تهجير وتجويع واعتداءات وسجون ومعتقلات، وكان الأمر الأشد قسوة تجاه الحضارم الذين يمتلكون الأرض والثروات والرجال فلم يحتملوا أكثر من أي وقت مضى من الصبر والمعاناة وهم يشاهدون خيرات بلادهم تنهب أمام أعينهم ، بينما أبناؤهم لم ينالوا سواء السموم والأمراض السرطانية والتجويع طوال تسعة عشر عاما حتى أتى يوم النصر المؤزر فكانت الشرارة الأولى لهم في العشرين من ديسمبر العام 2013م.
” ثورة الغضب الحضرمية”
بعد رحيل الشيخ سعد بن حبريش العليي أثر اغتياله من قبل عصابات صنعاء والمنطقة العسكرية الأولى وعدد من مرافقية عند إحدى النقاط العسكرية بمدينة سيئون في الثاني من أكتوبر 2013م على خلفية مناداته بتوحيد الصف الحضرمي لتحقيق مطالب أبناءه في العيش بكرامة والحفاظ على الثروات التي تنهب مما أغاض أعداء حضرموت والجنوب، فبعد رحيله و استشهاده تفجرت براكين الهبة الحضرمية الأولى في ال20 من ديسمبر 2013م والتي اسمعت صوت الحضارم كل من به صمم عن التصفيات الجسدية لكل من يقف في وجه سارقي قوت أبناء حضرموت ناهيك عن التدمير الممنهج للإنسان الحضرمي الذي تكتب مآثره وتاريخه بأحرف من نور.
هذه الهبة الحضرمية الأولى التي قادها الشيخ عمرو بن حبريش ومعه كافة أبناء القبائل الحضرمية والفئات الأخرى وحققت أهدافها باجتثاث الآلية العسكرية المهيمنة على شركات النفط بقيادة الضراب وإجباره على الرحيل وإحلال أبناء حضرموت فكانت تلك الشرارة التي أيقظت حماس الحضارم والتي أبحر بسفينتها الشيخ عمرو بن حبريش حتى تأسيس مؤتمر حضرموت الجامع في 22 أبريل 2017م.
” الغزو الجديد”
رغم تلك السيطرة على جزء من منابع النفط وتمكين بعض من أبناء حضرموت من العمل في شركات النفط وتأمين حراستها الا أن الحضارم لم ينعموا بكامل الخيرات التي باتت أعين الغزاة عليها خصوصا تواجدهم حينها في مناصب القرار السياسي والعسكري سيما المنطقة العسكرية الأولى الجاثمة على صدور الحضارم في وادي حضرموت حتى اليوم والمنطقة العسكرية الثانية التي كانت تتبع للقوات العفاشية والشرعية غير أبناء حضرموت فكانت المؤامرات تحاك ضد هذه المحافظة فكان الغزو الجديد إبان اجتياح مليشيات الحوثي للجنوب وسيطرة تنظيم القاعدة على مدينة المكلا في مارس 2015م والتي مثلت انتكاسة جديدة لحضرموت وضاعفة من المعاناة.
” تشكيل قوات النخبة الحضرمية وطرد تنظيم القاعدة”
بعد سيطرة تنظيم القاعدة على مدينة المكلا ، سارعت قوات التحالف الامارات والسعودية بالتنسيق مع مشائخ وقبائل حضرموت وقيادات عسكرية إلى تشكيل نواة للنخبة الحضرمية في منطقة رماه بحضرموت وتم تدريب هذه القوة وتسليحها ودعمها لوجستيا، فحانت ساعة الصفر للخلاص من هذا التنظيم الذي جثم على مدن ساحل حضرموت “387” يوما فكانت قوات النخبة الحضرمية ورجال القبائل والهبة الشعبية على الموعد فجاء التحرير في عشية وضحاها في الرابع والعشرين من أبريل 2015م قدم خلالها عدد من الشهداء والمئات من الغزاة وغادر من بقي منها مدن وساحل حضرموت بالطريق التي سلكوها أثناء الاحتلال لتنعم بعدها مدن ساحل حضرموت بالأمن والأمان بفضل من الله وجنود نخبتها والمنطقة العسكرية الثانية ودعم قوات التحالف لها والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي حافظ على بقاءها ويطالب بانتشارها في ربوع حضرموت وخروج المنطقة العسكرية الأولى من واديها.
” تأسيس مؤتمر حضرموت الجامع “
في ابريل 2017م تأسس مؤتمر حضرموت الجامع بعد تحضيرات مكثفة استمرت عاما كاملا توجت بالخروج بقرارات ووثيقة تفاهم في 11 أبريل 2018م صاغها عدد من الأكاديميين والسياسيين والمثقفين ليباركها الجميع كوثيقة تاريخية لحضرموت تحفظ وتحقق لأبنائها كافة المطالب المشروعة.
” الهبة الحضرمية الثانية”
كان اللقاء التشاوري الموسع الذي نظمه مكتب حضرموت الجامع بوادي وصحراء حضرموت في 29 سبتمبر 2021م بسيئون تحت شعار نحو توحيد صف أبناء حضرموت لمجابهة التهديدات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، والذي شارك فيه التنظيمات السياسية والمكونات المجتمعية والعلماء والأكاديميون والشخصيات والواجهات الاجتماعية والقطاع النسوي والشباب والقيادات التنظيمية لمؤتمر حضرموت الجامع بمديريات الوادي والصحراء، كان انطلاقة الشرارة الثانية للهبة الشعبية الحضرمية فنتج في أعقابه توجيه دعوة لكافة شرائح المجتمع الحضرمي إلى عقد لقاء حضرموت عام بمنطقة حرو مديرية غيل بن يمين تحت شعار حضرموت تجتمع لانتزاع حقوقها والذود عن الدين والعرض والأرض أبرز مخرجاته إعلان الهبة الحضرمية الثانية في 21 أكتوبر 2021م تحت شعار يا عز يا عزاء’ وخروج قوات المنطقة العسكرية الأولى ونقلها لمواجهة مليشيات الحوثي باعتبارها الممثل الوحيد لتطلعات الحضارم الميدانية كونها تضم أطيافهم وكياناتهم بمختلف توجهاتهم ومسمياتهم بقيادة الشيخ حسن الجابري رئيس لجنة تنفيذ مخرجات لقاء حضرموت العام حرو. وهي، أي الهبة الحضرمية الثانية، تواصلا واستمرارا للهبة الحضرمية الأولى من حيث الأهداف تصبو إلى تحقيق مطالب الحضارم معيدة لزخمها ساحلا وواديا وهضبة وصحراء ، فكانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أهدافها إلا أن أعداء حضرموت ومن معهم من حزب الإخوان وقوات الاحتلال اليمني تزرع الشوك في طريقها من خلال مشاريعها الصغيرة التي ظهرت مؤخرا، فكان للمجلس الانتقالي الجنوبي دورا محورياً في إجهاض كافة التأمر على حضرموت منذ محاربة القاعدة والتأمر بنشر سموم التفرقة لأجل يخلو لهم الجوء أكل ثروات حضرموت وتقاسمها قوى الاحتلال اليمني فيما بينهم وأبناء حضرموت يعانون واقع الحياة المريرة الذي سلب منهم قوت أطفالهم .
” احتفالات واسعة في حضرموت ومطالب بعدم الوصاية والتبعية”
شهدت مختلف مديريات محافظة حضرموت احتفالات واسعة احتفاء بالذكرى العاشرة للهبة الشعبية الحضرمية الأولى ( يوم حضرموت الوطني) في الـ 20 من ديسمبر حيث اقيمت عدد من الفعاليات المتعددة من مهرجانات حاشدة في عاصمة المحافظة مدينة المكلا وكافة المديريات وفعاليات ثقافية وتراثية وسياسية ورياضية،
وزينت مدن وأرياف حضرموت بأعلام حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع، الذي يتبنى اقامة فعاليات يوم حضرموت الوطني المتزامنة مع الذكرى العاشرة للهبة الشعبية الحضرمية التي اندلعت في 20 ديسمبر 2013م ، حيث رفعت في الشوارع الرئيسة والأماكن العامة ملصقات وصور بارزة للثائر القبلي الحضرمي الشهيد سعد بن حبريش .
” ردود أفعال”
وجه رئيس الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت العميد الركن سعيد أحمد المحمدي، تحية إجلال وتقدير لأبناء المحافظة في الذكرى العاشرة لهبتهم المباركة في العشرين من ديسمبر ٢٠١٣م، ردا على عملية الاغتيال الآثمة التي طالت المقدم سعد بن حمد بن حبريش العليي مؤسس ورئيس حلف قبائل حضرموت، على يد قوات الاحتلال اليمني في ٢ ديسمبر 2013 م بهدف إسكات الصوت المقاوم والرافض لهيمنته وطغيانه، والذي كان يتزعمه الشيخ سعد.
وقال المحمدي في تصريح صحفي، يطيب لي عشية الاحتفال بالذكرى العاشرة للهبة الحضرمية المباركة أن أوجه التحية لكل أبناء حضرموت وبقية محافظات جنوبنا الحبيب، الذين لبوا نداء حلف قبائل حضرموت وشاركوا في انتفاضة العشرين من ديسمبر معلنيين انطلاقة الهبة الحضرمية المباركة التي قوضت أركان الاحتلال وأضعفت وجوده في المحافظة..
وأضاف، إن هذه المناسبة تكتسب أهمية خاصة في نفوس أبناء المحافظة، فهي تذكرهم بما يمكنهم أن يحققوه متى ما توحدوا، ومتى ما توفرت أمامهم القيادة التي يمكنهم أن يضعوا ثقتهم فيها..داعيا أبناء المحافظة إلى التوحد واستعادة زخم الهبة الحضرمية.
متوجها بالدعاء إلى الله تعالى أن يتقبل شهيد الهبة عمر علي بازنبور وكل شهداء النضال الوطني، في أعالي جنانه.
وقال الناطق الرسمي لحلف قبائل حضرموت الكعش سعيد سالم السعيدي :” في مثل هذا اليوم من عام 2013م انتصر الحق على الباطل، ومضى مخاطبا الحضارم :” كفى عبثا ونهبا لأرضنا وثرواتها”
وأضاف : «كفى مصادرة قرارنا ومصير أجيالنا ومستقبلهم، وحان رسم مستقبل حضرموت الأرض والإنسان بأيادي وسواعد حضرمية خالصة دون شوائب»
إلى ذلك هنأ الشيخ فارس بن ناصر الخبيلي رئيس حلف أبناء قبائل شبوة إخوانه أبناء محافظة حضرموت بمناسبة الذكرى العاشرة للهبة الشعبية التي تعتبر مدرسة تستلهم منها حقوق المواطنين، وقال :” أبناء حضرموت عانوا كثيراً من صنوف الحرمان والتهميش الوظيفي ومنعهم من حق العمل في الشركات النفطية، إضافة إلى الجرائم العديدة التي ارتكبها النظام وقواته بدءا من التهجير القسري للسكان من مناطق التنقيب عن النفط مروراً بالتعطيل المتعمد لكل أنواع الخدمات الضرورية والذي أراد الأعداء إسكات صوت الحق وانطفاء جذوة الرفض والمقاومة، وهذا لم يتم والتاريخ خير شاهد على الأحداث التي أعقبت تلك الحادثة المشؤومة والتي سطرها الأبطال في الميدان.
” حضرموت بوصلة الجنوب”
وبهذه المناسبة فقد عبر أبناء حضرموت في أكثر من مناسبة عن موقفهم الداعم والمؤيد للانتقالي والرئيس الزُبيدي وان حضرموت جنوبية الهوى والهوية..
واشعل سياسيون جنوبيون، مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها منصة (أكس)، (تويتر) سابقًا، بوسم #حضرموت بوصلة الجنوب ، وذلك تزامنًا مع حلول الذكرى الـ(10) لانطلاق الهبة الشعبية الحضرمية الجنوبية.
وأشاروا إلى أن الهاشتاج يتزامن مع إطلاق جماعة الإخوان في اليمن حملة إعلامية بمناسبة حلول ذكرى انطلاق الهبة الشعبية الحضرمية، وذلك في إطار محاولاتهم الشيطانية الساعية إلى سلخ حضرموت عن الجنوب.
وأعلنوا رفضهم الكامل لدعوات التجزئة، ومشاريع التمزيق وخلق الفتن بين أبناء حضرموت خاصة، والجنوب عامة.
وبينوا رؤية المجلس الانتقالي الجنوبي بشأن دولة الجنوب الفيدرالية المنشودة.
وجددوا التأكيد على أن حضرموت جنوبية الهوى والهوية.
ونوهوا بمدى الاهتمام الذي يوليه المجلس الانتقالي الجنوبي ممثل بالرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، بحضرموت.
وحذروا العابثين بأمن حضرموت من مغبة التمادي في خدمة أجندة قوى الاحتلال اليمني وإعادتها من الباب الخلفي إلى باب اليمن.
وشددوا على ضرورة التصدي لمحاولات تفكيك قوات النخبة الحضرمية الجنوبية، أو محاولة منافستها في صلاحياتها الأمنية.