كتب : د . عيدروس نصر ناصر النقيب
لا بد من الاعتراف للحوثيين، ومن يقف وراءهم أنهم من أكثر من يجيد لعبة خلط الأوراق وإرباك خصومهم وشركاءهم على السواء في معركتهم مع الزمن ومع اليمن وجوار اليمن.
في هذا الإطار يمكن قراءة لعبتهم الأخيرة التي ابتدأت منذ عدة أشهر عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر وأخيراً القصف على بعض المدن الإسرائيلية بحجة التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة.
لا بد من الاعتراف للحوثيين، ومن يقف وراءهم أنهم من أكثر من يجيد لعبة خلط الأوراق وإرباك خصومهم وشركاءهم على السواء في معركتهم مع الزمن ومع اليمن وجوار اليمن.
في هذا الإطار يمكن قراءة لعبتهم الأخيرة التي ابتدأت منذ عدة أشهر عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر وأخيراً القصف على بعض المدن الإسرائيلية بحجة التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة.
من أجل تفكيك هذه المعادلة لا بد من التوقف عن المعطيات التالية:
١. قبل أسابيع كان الحديث عن تسوية سياسية للأزمة اليمنية في ذروته، وبغض النظر عما تحتوية هذه التسوية من عناصر ونقاط فإن أي تسوية لا تخدم الحوثيين لأنها تضعهم أمام التزامات وتحديات ليسوا على استعداد لتنفيذها حتى لو امتلكوا وسائل هذا التنفيذ، واليوم سيقابل الحديث عن أية تسوية مع الحوثيين بالسخرية والاستهجان، حيث يرى قادة الحركة ورعاتها الإقليميين المعركة مع (أمريكا وإسرائيل) أولوية تتقدم على كل الأولويات.
٢. وما ينطبق على هذه القضية ينطبق على بقية التزامات السلطات الحوثية في ملقات الخدمات والمرتبات، و بقية الالتزامات، ولنا أن نتخيل ماذا سيكون رد السلطات الحوثية مع أية محاولة للمطالبة بالمرتبات أو بتوفير الخدمات الضرورية، فتهمة خدمة إسرائيل والعمالة لأمريكا جاهزة لكل من يشتكي من المجاعة أو الفقر أو ندرة الخدمات.
٣. لقد ظلت الحركة الحوثية ترفع شعار “الموت لامريكا الموت لإسرائيل” وهي تقتل اليمنيين شمالا وجنوباَ وتوزع أذاها على الجميع، فجاءت هذه التطورات لتضع الجميع أمام حقيقة تنقذ الحركة الحوثية بها نفسها، وهي إن الحوثيين لم يكونوا يمزحون حينما كانوا يرددون هذا الشعار الأخرق.
٤. إن كون الحركة الحوثية ذراع إيران في اليمن حقيقة لا تقتضي النقاش، هذه الحقيقة لا تعفينا من الإقرار بأن الحوثية تعتقد أنها قد وضعت كل القوى والأطراف العربية والإسلامية المتعاطفة مع الشعب الفلسطينين في مأزق لا تستطيع الإفلات منه، فالحوثية تعتقد أنها قد برهنت بأنها القوة (أو بالأحرى الدولة كما ترى نفسها) العربية الوحيدة التي وقفت قولاً وفعلاً بجانب الشعب الفلسطيني وتحدت كل حلفاء إسرائيل في عظوانها البربري على هذا الشعب الابي في غزة وجميع الأراضي الفلسطينية.
٥. إن الحركة الحوثية ومن يقف وراءها لا تهمها تنائية الرابح والخاسر في المواجهات المسلحة، وكل ما يهمها هو تقمص دور الضحية والمعتدى عليه، وحينما يكون المعتدي هو أمريكا وإسرائيل، فإن كل أنصار الحق والعدل سينحازون إلى الضحية حتى لو كان هذا الضحية هو منظمة عنصرية سلالية إجرامية كحال الحركة الحوثية.
لذلك لاحظنا حالة النشوة والابتهاج التي انتابت الإعلام الحوثي والإعلام المناصر له حينما ت٧رضت مدينة الحديدة اليمنية ومنشآت البنية التحتية فيها للقصف الإسرائيلي.
٦. إننا ونحن نتحدث عن التورط الحوثي في حرب غزة وجر إسرائيل وحلفاءها إلى جنوب البحر الأحمر علينا أن لا ننسى أن الدولة الصهيونية وحلفاءها الغربيين، كانوا يتمنون الحصول على مبرر للحشد باتجاه باب المندب ، الممر البحري الاستراتيجي العالمي وقد قدمت لهم الحركة الحوثية هذه الخدمة المجانية بأقل التكاليف، ولن تنتهي كل هذه الزوبعات والأعاصير إلا بصفقة تخدم إيران وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، وكل المحور الصهيوني الأمبريالي العالمي، وسيكون نصيب اليمنيين هو المزيد من الآلام والدماء والدمار والذهاب باتجاه حياة القرون الوسطى التي جرى تدشين٨ا منذ العام ٢٠١٤م بعد اختطاف الدولة اليمنية التي كانت قابلة للانهيار والذوبان.
وأخيرا:
إن العدوان الصهيوني على أهلنا في الحديدة وعلى المرافق المدنية هناك، لايختلف عن العدوان على غزة ومدنها وأهلها المدنيين، وهو عمل يستحق الشجب والإهانة والتنديد، والتضامن مع الضحايا المدنيين سواء بما ألحق بهم من خسائر بشرية من شهداء وجرحى، أو من تدمير للمرافق الحيوية من محطات الوقود والكهرباء، لكن جزءً من المسؤولية تقع على الحركة الحوثية التي توظف معاناة اليمنيين لتحقيق مصالح دعائية وأهداف إقليمية ليس للشعب اليمني فيها ناقة ولا جمل.
وأعرف أن هناك من سبزايد ويقول إن التضامن مع الشعب الفلسطيني يستحق أية تضحيات.
لكن حتى هذا التضامن إذا كانت حصيلته هي الخسارة والدمار والخوف والهلع، والموت للمدنيين فإنه لا يختلف عن العدوان نفسه على هؤلاء الضحايا من المدنيين إلا من حيث مصدر العدوان ووسائله.
ولله العلم من قبل ومن بعد