أم تي آي نيوز / العين الإخبارية
تعقدت الأمور في البحر الأحمر بفعل حوادث ممنهجة من قبل الحوثي في اليمن عند مضيق باب المندب، فكيف سيحمي تحالف “حارس الازدهار” الملاحة؟
على أرض الواقع شركات الشحن البحري ما زالت متشككة بشأن التحالف البحري الدولي الجديد، الذي تشكله الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة هجمات جماعة الحوثي في البحر الأحمر على سفن الشحن المتجهة إلى إسرائيل.
واعتبر الرئيس التنفيذي لشركة درياد غلوبال البريطانية لاستشارات المخاطر البحرية والأمن كوري رانسلم أن عددا من الأمور ما زالت مجهولة فيما يتعلق بالتحالف، منها عدد السفن المشاركة أو المدة التي ستستغرقها تلك السفن للوصول إلى المنطقة أو قواعد الاشتباك الخاصة بها، وخطة الحماية الفعلية التي ستوفرها.
وأضاف أن منطقة الحوادث صغيرة إلى حد ما، ومع ذلك فإن توفير الحماية للسفن التجارية في هذه المنطقة يمكن أن يكون مهمة كبيرة اعتمادا على عدد السفن، إلى جانب أي تغييرات في تكتيكات الهجوم للحوثيين، وفقا لفوربس.
ويتوقع رانسلم أن يستمر التهديد الذي يواجه الشحن البحري في المستقبل المنظور ما دامت الحرب مستمرة في غزة، حسب ما نقلت عنه رويترز.
تحالف “حارس الازدهار”
من جانبه كشف وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الثلاثاء، عن مبادرة للأمن البحري للتصدي للهجمات الحوثية تحت اسم “حارس الازدهار”، لكن زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي قال في اليوم التالي إن الجماعة ستبدأ إطلاق صواريخ على السفن الحربية الأمريكية إذا تدخلت واشنطن بقدر أكبر في شؤونها أو استهدفت اليمن.
شرع الحوثيون في الهجوم على السفن الإسرائيلية في البحر في 19 نوفمبر/تشرين الأول، وتطور الأمر إلى استهداف السفن المتجهة نحو إسرائيل مع اختلاف جنسياتها، للضغط من أجل إدخال المساعدات إلى قطاع غزة الذي يشهد حربًا بين الجيش الإسرائيلي وفصائل فلسطينية مسلحة.
شركات تودع البحر الأحمر مؤقتا
وتوقفت عشرات من شركات الشحن الكبرى مؤقتا عن استخدام البحر الأحمر لصادرات النفط وسلاسل الإمداد العالمية من البضائع الاستهلاكية والغذائية من الشرق الأقصى ودول الخليج العربي نحو أوروبا والغرب، وتغييره بالالتفاف نحو أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح.
وشملت قائمة هذه الشركات: سي إم إيه-سي جي إم، ويوروناف، وإيفرغرين وفرونت لاين وغرام كار كاريرز، وهاباغ لويد وإتش إم إم وهوغ أوتولاينرز، وميرسك، وإم إس سي، أوشن نتورك أكسبرس، أورينت أوفرسيز كونتينر لاين، ولينيوس فيلهلمسن، ويانغ مينغ، وغيرها.
كما تسببت الهجمات في تقييد مرور السفن عبر قناة السويس، التي يمر منها نحو 12% من حركة التجارة العالمية.
وتتمثل أهمية قناة السويس الكبرى في نقل البضائع بين آسيا وأوروبا، لكن خبراء شحن عالميين حذروا من أن الارتباك قد يعم صداه في أنحاء العالم ما لم تتوافر السفن والحاويات والمعدات الأخرى اللازمة لتغيير مسار البضائع في المسارات والموانئ البديلة.
أهم الحقائق حول الملاحة في البحر الأحمر
تقدر مسافة الرحلة بين الخليج العربي وأوروبا بحرا عبر مضيق باب المندب وقناة السويس بنحو 6400 ميل بحري (12000 كلم) وتستغرق 14 يوما.
ترتفع المسافة بنحو 40% إلى نحو 11300 ميل بحري (20900 كلم) عبر رأس الرجاء الصالح وتستغرق نحو 23 يوما.
شكّلت شحنات النفط المنقولة عبر باب المندب 12% من إجمالي النفط المتداول بحرا في النصف الأول من عام 2023، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
حسب تقديرات شركة تحليلات النفط فورتيكسا، عبر المضيق نحو 7.80 مليون برميل يوميًا من شحنات النفط الخام والوقود في أول 11 شهرا من عام 2023، ارتفاعًا من 6.60 مليون برميل يوميًا طوال عام 2022، حسب ما نقلت عنها رويترز.
شكّلت شحنات الغاز الطبيعي المسال المارة بالمضيق نحو 8% من تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية في النصف الأول.
يبلغ عرض المضيق 20 ميلا بين اليمن وجيبوتي، لذا يعد ثالث أكثر المضايق ازدحاما في العالم، وفق تقديرات بحثية.
السيناريوهات المحتملة
وحول السناريوهات المحتملة لعمل التحالف يقول عضو مجلس إدارة قناة السويس السابق وائل قدور إن ثمة سيناريوهين للتصعيد الجاري في البحر الأحمر، أولهما أن تتوقف الحرب، ما يعني توقف توترات مضيق باب المندب، وثانيهما استمرار الحرب وهي الفترة المرجح أن تشهد هجمات واعتراضات.
ويضيف أن في حال حدوث السيناريو الثاني فإن حماية السفن بالنظر إلى حالات مشابهة سابقة يمكن أن تتم لكل سفينة بصورة فردية، وهذا أمر مكلف، وقد تتخذ شكل قوافل، ما يعني أن كل مجموعة سفن تحميها عدد من السفن الحربية.
ماكرون: تهديد غير مقبول
اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الهجمات التي ينفّذها الحوثيون المدعومون من إيران في البحر الأحمر “تهديدًا غير مقبول”.
وقال أمام عسكريين فرنسيين منتشرين في الأردن إنه في هذه المنطقة التي تعد أساسية للنقل البحري العالمي فإن “التهديد الذي يُشكله الحوثيون على حرية الملاحة أمر غير مقبول”، مشيدا بـ”الدور المحوري” الذي أدته البحرية الفرنسية في الأيام الأخيرة لمواجهته.
لكن السيناريو المخيف للتجارة الدولية قد يتحقق إذا نجحت بعض هجمات الحوثي، ما يشكك في قدرة التحالف الذي يضم بعض أعتى دول العالم عسكريًا على إتمام مهمته، وقد تستمر تكلفة الشحن والتأمين في المنطقة في الارتفاع أو قد تحتفظ بمستوياتها الحالية.
وذهب المسؤول السابق في قناة السويس وائل قدور إلى احتمالية دخول إيران بصورة أكبر في التوترات والتأثير في مضيق هرمز، وهو ما سيكون ضربة قاصمة للاقتصاد العالمي.