أم تي آي نيوز / كتب : د . يحيى الريوي
فؤجئت بطبيعة ومحتوى وركاكة رسالة وزارة الإتصالات وتقنية المعلومات الموجهة الى شركات الهاتف النقال بتاريخ 6 يونيو الجاري والمتضمنة نقل مقراتها فنيا وإداريا وماليا الى العاصمة عدن ,حيث كان يتوجب أولا ذكر أسماء تلك الشركات بالإسم صراحتا بالإضافة الى أنه كان يجب تحديد سقف الفترة الزمنية المعطاه للنقل بالإضافة الى ملاحظات أخرى.
وإنطلاقا من معرفتي ومواكبتي لمسيرة قطاع الإتصالات والمعلومات منذ حوالي ربع قرن من السنين وبالإستناد على التحليل العميق للواقع الراهن الذي يعيشه هذا القطاع وعلى ماجاء في الرسالة المرفق صورتها مع منشوري , أود التعليق على تلك الرسالة بمايلي:
1- كان ينبغي أولا تطمين تلك الشركات التي قصدتها الرسالة بتوضيح ماهي الجوانب الفنية والقانونية والمؤسسية التي أنجزتها وأمنتها وزارة الإتصالات وتقنية المعلومات في هذا الإطار والتي تضمن لتلك الشركات نجاح عملية النقل وكذا نجاح نشاطها المستقبلي من العاصمة عدن.
2- كيف ستضمن الوزارة وفي ظل الأوضاع الحالية البيئة المستقبلية المناسبة لإنجاح نشاط الشركات الجديدة التي تطلب نقل مقراتها الى العاصمة عدن وهي لم تعمل شيئا لتوفير وإستكمال تلك البيئة اللازمة لإنجاح نشاط الشركات العاملة الحالية في العاصمة عدن وتحديدا شركة عدن نت وسبأفون وواي والتي لا تحظى خدماتها بإستحسان المستخدمين؟؟!!!.
3- كان على وزارة الإتصالات وتقنية المعلومات أن تقوم أولا بحل مشكلة الكابل البحري الدولي EEA1وهو كابل ألياف ضوئية خاص بالإتصالات والإنترنت ويؤمن الخدمة الأسرع للإنترنت( 1.8 تيرابايت في الثانية) الممدود والواصل الى العاصمة عدن ولكنه جثة بلا روح ولايتم الإستفادة منه منذ عام 2017م رغم سداد حصة اليمن لتكلفته والمقدرة بمبلغ 58 مليون دولار أمريكي , حيث أنه وفي حالة تشغيله سيسند الكابل البحري الوحيد الحالي الذي يغذي العاصمة عدن بخدمة الإنترنت (80 جيجابايت في الثانيه فقط) ولايكفي وحده تلبية إحتياجات الشركات العاملة حاليا في العاصمة عدن ولايلبي إحتياجات المشتركين, علما أن السعودية تمتلك 16 كابلا بحريا لتقديم خدمات الإنترنت وجيبوتي لديها 11 كابلا والسودان 4.
4- لم يعمل أيا من الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الإتصالات على حل إشكاليات الفوضى والإختلالات القانونية والتشريعية في مجال الإتصالات والإنترنت والتي تتمثل في إن اليمن تعتبرالدولة الوحيدة في العالم التي ترجع قوانينها وتشريعاتها الخاصة بالإتصالات الى عام 1996م أي إنها متقادمة جدا وتنتمي الى قبل دخول خدمة التلفون المحمول وخدمة الإنترنت فيها وبالتالي لاتتضمن القوانين والتشريعات الوطنية الحالية أي شي يتعلق بالموبايل ولا بالإنترنت ولا بالجهات التي تعمل في هذين المجالين , وللعلم فأن وزارة الإتصالات وتقنية المعلومات وشركات الإتصالات الحالية تكتفي بتنظيم عملها ونشاطها عبر إتفاقيات ترخيص في ظل غياب القوانين والتشريعات الحديثة.
5- هناك خلل مؤسسي كبير أخر يشهده قطاع الإتصالات وقد نبهت إليه مبكرا وهو أنه لايجوز لوزارة الإتصالات وتقنية المعلومات أن تلعب دور المنظم والمرخص والمشغل والواضع للسياسات في هذا القطاع وهو أمر يتعارض مع التوجهات والتجربة العالمية الراهنة في هذا الجانب , حيث يفترض تأسيس هيئة وطنية مستقله لتنظيم الإتصالات تتولى منح التراخيص لشركات الإتصالات والطيف الترددي وتضمن نوعية الخدمة وأسعارها وكذلك حقوق المشتركين وعدم التلاعب في سرعة وأجيال الإنترنت.
6- أخيرا أود القول أن السبب الرئيسي في تأخر وتخبط قطاع الإتصالات والمعلومات وفشل الوزارة في إستقطاب إستثمارات يتمثل في الإصرار على تسييس أرفع منصب في الوزارة وتوزير وزراء غير أكفاء ولامتخصصين ولايمتلكون الخبرة ولا المعرفة العميقة بهذا المجال ولا بالسياسيات المتبعة على المستوى العالمي في هذا المجال بدءأ من د.بن دغر وإنتهاءا بأخر وزيرين وهما المرحوم د.نجيب العوج والوزير الحالي د.واعد باذيب الذي سجلت قيادة البلد عبره سابقة لأول مرة تشهدها وزارة الإتصالات وتقنية المعلومات خلال تاريخها الممتد 34عاماً والمتمثلة بإسناد قيادة هذه الوزارة الأكثر ديناميكية وتطورا كحقيبه وزارية ثانيه (لحقه) تضاف الى وزارته الأولى الأساسية كوزير للتخطيط والتعاون الدولي وهو مايدل على عدم إستشعار أهمية الإتصالات والمعلومات وتكنولوجياتها كقاطرة للتنمية وعلى عدم إحترام حق المواطنين في الحصول على خدمات تليق به أسوة بما هو في دول العالم وأخيرا تدل على عدم تقديرها وثقتها بالتكنوقراط الوطني من الكفأءات الوطنية والمتخصصة في مجال الإتصالات بإستبعادهم من التعيين في هذا المنصب.
7- أعتقد جازما بأن فترة الستة الأشهر التي مرت على تولي الأخ وزير الإتصالات وتقنية المعلومات المكلف مقاليد الوزارة كانت كافية تماما للقيام بإنجاز الجوانب الفنية والقانونية والمؤسسية التي تم إستعراضها وبالتالي تأمين البيئة اللازمة المناسبة لتحسين خدمات الإتصالات والإنترنت بشكل كبير جدا ولنجاح إنتقال شركات الإتصالات الى العاصمة عدن و فتح المجال للإستثمار وجذب شركات جديدة للتنافس على تقديم خدماتها النوعية وبسعر مناسب للمواطنين .
ختاما يمكنني القول بإن الرسالة الموجهة هي بمثابة وضع العربة قبل الحصان وكذلك بمثابة إسقاط واجب ليس إلا, كما يمكن إعتبارها برايي تغطيتا للتعيينات الكارثية المدمرة الأخيرة في المواقع الإدارية القيادية في وزارة الإتصالات وتقنية المعلومات والتي ناشدت القيادة العليا بإيقافها ولكنها مستمره للأسف الشديد وكان أخرها تكليف نائب مدير عام العلاقات العامة في ديوان وزارة النقل مديرا عاما لمكتب وزارة الإتصالات وتقنية المعلومات في محافظة عدن بتاريخ 9 يونيو الجاري بعد توجيه الرسالة بثلاثة أيام فقط !!!!.
وعيد مبارك على الجميع ….