أم تي آي نيوز / متابعات
“شرطة المجاهدين”.. جهاز أمني جديد شكلته مليشيات الحوثي لتعزز قبضتها التسلطية على المناطق الخاضعة لانقلابها.
وعلمت “العين الإخبارية” من مصادر عسكرية وأمنية وقبلية في صنعاء أن مليشيات الحوثي شيدت جهازا أمنيا هجينا تحت اسم “شرطة المجاهدين”، ويتألف من وحدة استخباراتية عسكرية وخلايا عسكرية من عناصر المليشيات المنتشرين في الأحياء والمربعات السكنية والقرى الريفية.
وأكدت المصادر أن المليشيات أعطت المنخرطين في هذا الجهاز الأمني صلاحيات تجسسية وقمعية واسعة لتحديد المعارضين والناقمين ضد سياسة الحوثي، بمن فيهم رواد مواقع التواصل الاجتماعي أو من يتابع وسائل الإعلام للحكومة المعترف بها دوليا ودول التحالف العربي سواء بتبادل المواد أو المشاهدة.
على خطى داعش
وفقا للمصادر، فإن الصلاحيات القمعية الممنوحة لهذا الجهاز الأمني وخلايا المليشيات المنخرطة فيه تشمل كذلك تفتيش هواتف السكان في الأحياء واعتقالهم وإيصالهم إلى المراكز الأمنية وأقسام الشرطة وحتى إلى عقال الحارات ومشرفي الأحياء والمربعات الذين منحوا صلاحيات تشكيل مجاميع ضبط تابعة لهم مكونة من عناصر أمنية ومنتمين للمليشيات.
وأشارت المصادر إلى أن أعضاء الجهاز القمعي لمليشيات الحوثي يعتبرون “حتى مجرد الاعتراض بالكتابة وانتقاد المليشيات على منصات التواصل أو النقاش في المجالس بشكل سلبي لتصرفات المليشيات تهمة تستوجب الاعتقال”.
وكشفت المصادر عن أن مليشيات الحوثي درّبت خلال الفترة الماضية عناصر نسائية للعمل في شرطة المجاهدين ولتولي مهام التجسس على “المنازل وتنفيذ اقتحامات مباغتة والبحث في هواتف النساء عن محتوى معادٍ للمليشيات أو وجود قنوات فضائية تسميها المليشيات معادية ضمن باقات المشاهدة في المنازل”.
ومن المهام الموكلة لعناصر هذا الجهاز القمعي، وفقا للمصادر، قياس الرأي العام حول نفوذ وسياسات المليشيات وممارساتها، ومراقبة تحركات السكان باعتبار ذلك “تحركا لحماية أنصار الجماعة وعناصرها المقاتلة والأمنية من الاختراقات ضدهم في الوسط المجتمعي”.
وتعد الصلاحيات القمعية الواسعة التي أعطتها مليشيات الحوثي لكل عنصر منتسب لهذا الجهاز الأمني تكتيكا على غرار تنظيم داعش الإرهابي بعدم الثقة بكل السكان إلا المنخرطين في إطار الجماعة المصنفة منظمة إرهابية عالمية، وفق مراقبين.
استبدال المعتقلين
ويأتي تشييد الحوثيين لجهاز القمع الجديد ضمن مخطط يستهدف تكثيف حملات الاختطافات وأعمال التنكيل المتنوعة لإرهاب السكان وتخويف المناهضين من تبنِّي أي أنشطة تعارض أو تحاول الكشف على انتهاكات المليشيات.
وأكدت مصادر يمنية رفيعة، لـ”العين الإخبارية”، أن مليشيات الحوثي تستعد لإطلاق معتقلين في سجونها واستثمار عملية الإفراج عنهم سياسيا ضمن مخطط يرمي إلى استبدالهم بمختطفين جدد شرعت المليشيات باعتقالهم فعليا.
وأوضحت المصادر أن “مليشيات الحوثي ستطلق سراح أكثر من 2500 سجين ومختطف من المعتقلات السرية أو الرسمية الخاضعة لسيطرتها لا سيما المعتقلين الذين مضى على عملية اعتقالهم أكثر من 3 أعوام ولم تثبت لهم ارتباطات خطيرة.
وستشمل صفقات إخلاء السجون، طبقا للمصادر، أسرى الجيش اليمني الذين “وقعوا في قبضة مليشيات الحوثي في صعدة”، فضلا عن أجانب خصوصا الأفارقة المعتقلين لدى المليشيات الذين كانت تختطفهم لإجبارهم للعمل معها.
كما ستشمل هذه الصفقات المعتقلين قاطني المناطق غير المحررة بشرط تحرير التزامات من ذويهم وأقاربهم من الدرجة الأولى بعدم مغادرتهم إلى المناطق المحررة الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليا، وفقا للمصادر.
وتسعى مليشيات الحوثي، حسب المصادر، إلى إطلاق عدد من المختطفين والمعتقلين المنتمين إلى المناطق المحررة مقابل دفع مبالغ مالية يدفعها أهالي المعتقلين تحت مسمى التبرع للقوة الصاروخية والطيران المسير.
وقالت المصادر، لـ”العين الإخبارية”، إن الهدف من إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين والمختطفين هو إخلاء مساحات لمعتقلين ومختطفين جدد من مناطق سيطرة الانقلاب بدأت الجماعة باعتقالهم من المحافظات غير المحررة خصوصا ذمار وإب والحديدة والعاصمة صنعاء.
اعتقالات للناشطين
وعلى مدى الأسابيع والأيام الماضية، استعرت حملات الاعتقالات بشكل كبير في مناطق مليشيات الحوثي، إذ استهدفت حتى الناشطين الموالين للجماعة وكل الناقدين لسياسات المليشيات في تجريف مؤسسات الدولة ونهب المال العام حتى من تحدثوا على قضية سموم المبيدات.
واعتقلت مليشيات الحوثي المئات في حملات سرية بعيدا عن الضوء، فيما تم الكشف مؤخرا عن عدد منهم غالبيتهم موالون لها، أبرزهم القاضي عبدالوهاب قطران والصحفي والناشط خالد العراسي، والناشط أمين ناجي الحرازي الذي كان يدير حساب على فيسبوك “آل ياسين”، والقيادي السابق في وزارة الزراعة بحكومة الانقلاب سامي الجشاري.
كما اعتقل الحوثيون السكرتير الصحفي لرئيس مجلس الحكم للمليشيات سابقا أحمد الرازحي، والصحفي أحمد المكش بعد عودته من القاهرة ولاعب كرة القدم الكابتن ماهر حنش، وخبراء تربويين.
ويرى مراقبون أن حملات القمع الحوثية وتشييد جهاز أمني تجسسي جديد هو تدشين لمرحلة جديدة من العدوان وتضييق الحريات ومحاولات إسكات وإخضاع المنتقدين والأصوات التي تنامت رفضا للإرهاب في ظل توسع الاحتقان الشعبي وانعدام الخدمات والضائقة المعيشية المميتة.
وكان آخر تقرير أممي مقدم لمجلس الأمن مؤخرا، وثق ممارسة المليشيات الحوثية الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، والاختطافات بحق المدنيين بشكل متواصل، وغالبيتهم مُعيلون وحيدون لأسرهم لا يمتلكون أي انتماء سياسي أو عسكري، فيما كان بين المخفيين “أطفال لا تتجاوز أعمارهم 13 عاما، تعرضوا للعنف الجنسي منهم معتقلين بمركز شرطة الشهيد الأحمر بصنعاء”.
ويتعرض المختطفون والمختطفات في معتقلات الحوثي، وفقا للتقرير، للتعذيب النفسي والجسدي المنهجي، بما في ذلك الحرمان من التدخل الطبي، لعلاج الإصابات الناجمة عن التعذيب الذي يتعرضون له، الذي أدى لإصابة البعض بحالات عجز دائم وحالات وفاة، والتعامل اللاإنساني والمهين والحرمان من مواد الإغاثة المقدمة من وكالات أممية.